وجهات نظر

استثمار أميركيّ في غزوة الحسكة: لأجْل هذا نبْقى


الإعلام تايم

 

كتب أيهم مرعي في صحيفة الأخبار اللبنانية:


أظهرت الأحداث التي يشهدها محيط سجن الصناعة في مدينة الحسكة شمال شرقي سورية، والذي تمكّن مسلّحو «داعش» من الاستيلاء عليه، حجم الاختراق الأمني الكبير الذي أحدثه التنظيم، متمكّناً من خلاله من تهريب ما لا يقلّ عن 500 عنصر من المعتقَلين داخل السجن، ما استدعى انخراطاً عسكرياً أميركياً مباشراً، في محاولة لتطويق الخرق ومعالجته. ورفعت القوّات الأميركية من مستوى تدخُّلها، عبْر الدفْع بعدّة عربات «برادلي» هجومية، ونشرها في حيّ غويران ومحيط سجن الصناعة، بالتوازي مع مواصلة استخدام الطيران الحربي والمروحي والمسيّر في العمليات العسكرية الدائرة في تلك المنطقة. وترافَق تصعيد هذا التدخُّل مع صدور بيان عن الخارجية الأميركية، اعتبر أن «الهجوم يسلّط الضوء على أهمية تمويل مبادرات التحالف لتحسين الاحتجاز الآمن والإنساني لمقاتلي داعش، بما في ذلك من خلال تعزيز أمن السجون».

 

والظاهر، كما هو متوقّع، أن الولايات المتحدة تسعى لاستثمار الحادثة للفْت النظر إلى أهمية وجودها العسكري في كلّ من سورية والعراق، والذي من شأنه أن يمنع التنظيم من إعادة بناء نفسه مجدّداً، بحسب روايتها. كما أن الاستغلال الأميركي للحدث يطرح تساؤلات حول دورٍ ما لواشنطن في وقوعه، أقلّه في صورة تغاضٍ أو تراخٍ؛إذ كيف يستطيع عدد محدود من عناصر التنظيم إحداث خرق أمني بهذا الحجم؟ وماذا عن دور القاعدة الأميركية غير الشرعية، في فرع المرور سابقاً، و التي لا تَبعد عن السجن سوى أقلّ من 1 كم، في التدخُّل لمنع تطوُّر الأمور إلى ما آلت إليه الآن؟ والأهمّ من أين لـ"داعش" كلّ هذه الآليات العسكرية والقنّاصات والأسلحة المتوسّطة، وكيف أمكنه اختراقُ حواجز «قسد» ووسائل رصد «التحالف»، والوصول إلى السجن؟

 

على الأرض، استمرّت المواجهات بين عناصر التنظيم و»قسد»، في محاولة من الأخيرة لاستعادة السيطرة على السجن، وعدد من المباني الحكومية المجاورة له، والتي تمكّن «داعش» من الدخول إليها. وكان التنظيم صبّ جهوده، خلال أربعة أيام من المعارك المستمرّة، على تشتيت تركيز «قسد» و»التحالف»، ما مكّنه من الحفاظ على سيطرته على غالبية مرافق السجن والتحصّن فيه، مع احتجاز نحو 23 من عناصر «قسد» داخله، من جهة، و فتْح جبهة ثانية على بعد أقلّ من 1 كم من المعتقَل، في منطقة مقبرة غويران، والسعْي لربطها بالجبهة الأولى، بهدف تصعيد الضغط على عناصر «قسد» المُطوِّقين للمنطقة، وإتاحة المجال لفتْح ثغرة تُمكّن عناصر «داعش» من الفرار باتجاه الأرياف، من جهة أخرى.


وعاد التنظيم، خلال هذه المعارك، إلى استخدام مقاطع الفيديو كوسيلة لبثّ الرعب في قلوب عناصر «قسد»، من خلال نشر مشاهد لجثث القتلى، وأخرى للمعتقَلين لديه، وبعضهم من العاملين داخل السجن. كما أصدر «داعش» بياناً قال فيه إنه «تمكّن من تحرير 800 من عناصره في سجن الصناعة، مع قتْل أكثر من 200 من عناصر قسد». وأضاف التنظيم أن «مقاتليه تبايعوا على الموت، ومواصَلة القتال في المعركة التي أطلقها حتى يَخرجوا أو يُقتلوا». واللافت هو أن التنظيم نفّذ مخطّطاً سبق أن تحدّث عنه أحد قياداته، وهو مسؤول «كتيبة العاديات»، المدعو محمد عبد عواد، الذي اعتقلته «قسد» منذ عدة أشهر، بتهمة التخطيط لعمل إرهابي.

 

واعترف العواد، حينها، في مقطع مصوّر، بـ»التجهيز لعملية حسّاسة تستهدف سجن الحسكة، لإخراج سجناء التنظيم، بقيادة من الأمير رشيد». وأوضح أن العملية «تعتمد على الزجّ بـ25 استشهادياً وانغماسياً، وتأمين سيارتَين مفخّختَين، الأولى تنفجر على باب السجن لإحداث ثغرة، والثانية تنتظر الأمر وتقتحم محمّلة بالسلاح، لتوزيعه على المساجين».


من جهتها، تفيد مصادر ميدانية، «الأخبار»، بأن «التحالف وقسد لم يتمكّنا حتى الآن من تحقيق أيّ تقدُّم ميداني، بسبب قدرة التنظيم على تشتيت تركيزهما، ورغبة مقاتليه والسجناء بالقتال حتى الموت، دون الاستسلام»، مضيفة أن «داعش يضغط على الطرفين، من خلال مطالبتهما بفتْح ثغرة للسجناء للفرار، مقابل عدم تصفية العناصر المحتجزين». وكشفت المصادر أن «عناصر داعش تمكّنوا من توسيع رقعة المواجهة على بقعة تتجاوز 2 إلى 3 كم مربع، مع السعي لاستغلال مساحات مفتوحة في الجزء الجنوبي الشرقي، بما يمكّنهم من الفرار والاختباء»، موضحة أن «عددهم يقارب الـ500، ما بين خلايا هاجمت وآخرين تمكّنوا من الفرار»، متابعة أن «أكثر من نصفهم تمّت إعادة اعتقاله أو قتله، والقسم الآخر لا يزال يقاتل». وحدّدت المصادر مصير المتبقّين هناك بـ»القتل أو الاستسلام»، مشيرة إلى أن «قسد» دعتهم، عبر مكبّرات الصوت، «إلى الاستسلام إلّا أن عدداً محدوداً منهم قاموا بتسليم أنفسهم حتى الآن».

 

(الأخبار اللبنانية)

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=82975