الحدث السياسي

الرئيس الأسد خلال الاجتماع الدوري لوزارة الأوقاف: جوهر الفكر هو الدين لأنه يدخل في كل جوانب الحياة


الإعلام تايم - سانا

 

شارك السيد الرئيس بشار الأسد اليوم في الاجتماع الدوري الموسع الذي تعقده وزارة الأوقاف للسادة العلماء والعالمات وذلك في جامع العثمان بدمشق.

 


وأكد الرئيس الأسد في كلمة له خلال الاجتماع أن ما يحدد قدرة المجتمعات على مواجهة العواصف الهدامة هي عوامل الاستقرار وتحصينه من الاختراقات الفكرية،  مشدداً على أن قياس تمسك المجتمع بالدين يكون من خلال قياس اخلاق المجتمع وسلوك أبنائه .


واوضح الرئيس الأسد أن القضايا الامنية والمعيشية هي قضايا عكوسة تزول بزوال اسبابها بينما القضايا الفكرية والعقائدية هي قضايا مزمنة لذلك في القضايا الفكرية ما قد نكسبه يكون من الصعب التخلص منه وما قد نخسره من الصعب استعادته.


وفيما يلي النص الكامل..


السيدات والسادة العالمات والعلماء.. اسمحوا لي أن أتجاوز الألقاب والمصطلحات المستخدمة في وزارة الأوقاف على اعتبار أنه لا يمكن لكم ولكن أن تقوموا بهذا العمل الكبير والمهم من دون امتلاك العلم.. فأنا انطلق من هذه النقطة وأنا سعيد أن نلتقي اليوم بهذا اللقاء غير المخطط ولكنني أردت أن استغل هذه اللقاءات الدورية التي تعقد في جامع العثمان من أجل أن نتحدث ونطرح بعض القضايا المهمة والمتداولة والتي ربما قد تكون شائكة ولكن لا يمكن أن نتجاوزها.. وقد يسأل أي شخص في هذا المسجد أو في أي مكان هل هذا هو الوقت المناسب لكي يقوم مسؤول بالحديث عن قضايا ذات طابع عقائدي وفكري في الوقت الذي يواجهنا فيه الكثير من التحديات وخاصة في الجانب المعيشي… أقول نعم.. هذا بكل تأكيد هو وقت مناسب وهو حوار ضروري لسبب بسيط.. لأن القضايا الأمنية والمعيشية وأي تحديات أخرى هي قضايا عكوسة تزول بزوال الأسباب.. أما القضايا الفكرية فهي تتصف بالإزمان وكل مزمن يصعب علاجه وبالتالي في القضايا الفكرية ما قد نربحه قد يكون ..كي أكون دقيقا ما قد نكسبه أو ما قد يصل إلينا.. قد يكون من الصعب التخلص منه.. وما قد نخسره قد يكون من الصعب استعادته.. وعندما نتحدث عن الفكر في منطقتنا أنا لا أتحدث الآن عن سورية في هذا الشرق الكبير قد لا يكون هناك تعريف قد يكون الشرق يمتد من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي ومناطق أخرى هو شرق عقائدي.. شرق ديني.. عندما نتحدث عن الفكر فاليوم هذا الفكر هو الدين لأنه يدخل في كل جوانب الحياة.. يدخل في العقل.. يدخل في العاطفة يدخل في السلوك.. في الماضي.. وفي الحاضر.. وسيكون كذلك في المستقبل.. فإذا يكفي أن نخرب هذا الفكر لكي نخرب المجتمعات. وهذا الشيء يحصل منذ قرن تقريباَ أو أكثر بقليل.. وبالمحصلة بعد مئة عام فقد حقق أعداء تلك المجتمعات نجاحات كبيرة في هذا الشيء وبدلا من أن يكون الدين الذي أنزل أداة للمجتمعات لكي تتطور استخدم هذا الدين لكي يكون أداة لتخريب تلك المجتمعات. أنا أريد أن أشبه الوضع والعالم الذي نعيش فيه بمحيط.. محيط كبير.. محيط هائج.. أمواجه عاتية تضرب بكل الاتجاهات.. تضرب بالاتجاه الأمني عبر الإرهاب.. تضرب بالاتجاه الاقتصادي عبر الحصار والتجويع.. تضرب بالاتجاه الفكري عبر دفع المجتمعات إلى الدرك الأسفل.. في هذا المحيط نرى سفنا ونرى مراكب ترتفع تعلو وتهبط.. البعض منها يهتز بهدوء والبعض يترنح والبعض قد غرق.. ما يحدد الفارق وما يحدد قدرة هذه المراكب على مواجهة الأمواج هو عوامل الأمان والاستقرار التي تمتلكها تلك المراكب.. هذا هو حالنا كمجتمع.. لو لم نكن نمتلك هذه العوامل لكنا غرقنا منذ الأسابيع الأولى.. وبالوقت نفسه لو كنا قد قمنا بصون هذه العوامل والحفاظ عليها بشكل جيد لما دفعنا ذلك الثمن الغالي اليوم.

 


وأضاف الرئيس الأسد: هذه الأمواج مستمرة لا تتوقف تضرب بمجتمعاتنا بشكل مستمر.. تضرب بنية المجتمع.. تضرب عقائد المجتمع.. وتضرب رموز المجتمع.. وهذه الأمواج ليست أمواجا عفوية لأن هذا المحيط الهائج ليس هائجا بفعل عوامل الطبيعة وإنما بفعل المصالح الدولية وهناك تعارض بين تلك المصالح وبنية مجتمعاتنا سواء كانت البنية بالمعنى الاجتماعي البحت أو البنية بالمعنى العقائدي لأننا لا نستطيع أن نفصل مجتمعاتنا عن ديننا.

 


وتابع الرئيس الأسد.. بالمحصلة خلال القرن الماضي نحن نتراجع.. نحن نخسر والأعداء يتقدمون إلى الأمام.. السؤال الذي يجب أن ننطلق منه بالبداية من هو المسؤول… نحن أم هم… طبعا نحن لا نتحدث الآن عن سورية.. أنا أتحدث عن العالم الإسلامي ككل وسورية اعتبرها في هذا المجال متقدمة جدا وحققت نقلات نوعية جدا ولكننا جزء من هذا العالم الكبير لا نستطيع أن نفصل أنفسنا عما يحصل في العالم الإسلامي.. وأنتم تعانون.. تخطون خطوة إلى الامام.. تلاحظون بعد فترة أن هناك دائماً انتكاسات سببها التفاعل والتأثر بما يحصل في مناطق أخرى من العالم الإسلامي وخاصة مع تطور أو انتشار وسائل التواصل الاجتماعي.

 


وقال الرئيس الأسد.. لذلك نحن العالم الإسلامي ولكن هم.. لنبدأ بتحديد هذه الهوية وسأصل إليها لاحقاً ولكن أنا أريد أن أشبه الوضع باللص الفالت في حي من الأحياء والذي يقوم بسرقة البيوت بشكل مستمر على مدى سنوات وأهالي الحي يعلمون بهذا الشيء.. وتتم سرقة المنزل ويقوم صاحب المنزل بالشكوى لمخفر الشرطة.. بالتحقيقات يكتشفون أن صاحب المنزل لم يقم بأي إجراءات.. الباب مفتوح والشبابيك مفتوحة.. من يتحمل المسؤولية؟ أولا صاحب المنزل.. ثانياً الشرطة التي لم تقم بإلقاء القبض على هذا اللص.. ثالثاً اللص لأن اللص يقوم بعمله.. يعني ماذا يفعل لص؟ يقوم بالسرقة.

 


وأضاف الرئيس الأسد.. بالطريقة نفسها يجب أن نفكر.. ما هو موقعنا لو أردنا أن نسقط هذه الحالة على وضعنا في العالم الإسلامي بشكل عام نستطيع أن نقول إنه لا يوجد مخفر شرطة لأنه لا يوجد قانون دولي ولا توجد مؤسسات تضبط.. فإذا يبقى نحن وهم.. ونحن أصحاب البيت هل أغلقنا الأبواب… وإذا كيف نردع اللص… بحالتين إما بالردع من خلال القوة والآن لا يوجد ردع دولي والمؤسسات الدولية غير موجودة والقانون الدولي والأخلاق الدولية كلها غير موجودة.. وهناك تحصين المنزل فكيف نحصن هذا المنزل… هذا بيدنا.. الموضوع ليس بيد أحد وهذا أساس الحماية.. التحصين أهم من الردع والتحصين أهم من الشرطي بغياب كل العوامل الأخرى نستطيع أن نحصن منزلنا.
وتابع الرئيس الأسد.. فإذاً لنبدأ بمسؤولياتنا.. من الطبيعي عندما تحصل هجمات كالهجمة الأخيرة الإساءة لمعتقداتنا ولرموزنا وحصلت سابقاً. من الطبيعي في مثل هذه الأحوال أن يكون الرد الأول هو بالإدانة.. الإدانة الحاسمة والموقف الحازم.


وهذا الشيء حصل من خلال موقف علماء بلاد الشام ومن خلال موقف وزارة الأوقاف.. الموقف الأول يعبر عن المؤسسة الدينية بشكل عام والموقف الثاني يعبر من خلال كلام السيد وزير الأوقاف عن موقف الدولة السورية.


وقال الرئيس الأسد.. لكن بالمحصلة هل تغير شيء… لا.. لماذا بعد كل هذه الإدانات والردود والغضب.. طبعاً لو لم نصدر بيانا فهذا يعني قبولا ضمنيا ولكن نتحدث عن المجتمع بشكل عام، لماذا لم يتغير شيء ولماذا تستمر هذه الإساءات… لأننا نغضب.. فقط نغضب.. نحن نغضب لكننا لا نتصدى وهناك فرق كبير بين الغضب وبين التصدي.. كل ما يحصل.. كل ما نقوم به يدور حول مشاعرنا لا يدور حول مصالحنا وعندما نتحدث عن مصالحنا فهي لا تنفصل عن عقائدنا لأن العقائد أنزلت من أجل المصالح. وبين الهجمة والهجمة والإدانة والغضب يتحول الدين إلى كرة يتقاذفها الانتهازيون من السياسيين.

 


الأول في فرنسا لديه انتخابات العام القادم وهو يريد أن يستقطب المصابين برهاب الإسلام.. والثاني لديه انتخابات في عام 23 في تركيا.. أردوغان.. ولم يعد لديه من الأكاذيب ما يقنع بها شعبه وبدأ يخسر شعبيته فقرر أن ينصب نفسه حاميا للإسلام.

 


وأضاف الرئيس الأسد.. لكن في الواقع كل ما يحصل هو عبارة عن رد فعل.. يعني الغضب هو تنفيس.. تنفيس للاحتقان ولكنه ليس فعلا.. هم يحاربوننا بالفعل ونحن نرد برد الفعل ودائماً من يعمل دائماً برد الفعل يخسر.. غضبنا كرد فعل ولكن هذا الغضب لم يتحول إلى فكر.. لم يتحول إلى خطة عمل.. وعندما لا يضبط العقل الغضب يتحول كالعاطفة.. العاطفة شيء جميل وإنساني ولكن عندما لا تضبط العاطفة بالعقل تصبح ضارة. الشيء نفسه الغضب هو رد فعل طبيعي ولكن عندما لا يضبط بالعقل يتحول إلى مجرد تنفيس وبالتالي يعرف الأعداء أن هذه المجتمعات لا تستطيع أن تقوم بشيء أكثر من الغضب.. فإذاً نحن في حالة حرب.. هذه الحرب قد تكون اقتصادية.. قد تكون عسكرية وقد تكون فكرية تتوجه باتجاه العقائد ولكن كل أنواع الحروب إذا أردنا أن نتصدى طالما وضعنا الغضب جانبا ونتحدث عن التصدي لا بد أن يكون موقعنا كالعسكري.. العسكري لكي ينجح في الحرب لا بد من أن يأخذ الموقع الصحيح والاتجاه الصحيح والطريقة الصحيحة كي لا يخسر المعركة.. والحرب فيها كل المصطلحات.. فيها هجوم وفيها دفاع وفيها هجوم تضليلي وفيها رصد وكمائن وغيرها.. الشيء نفسه في هذه الحالة لو أردنا أن نقوم بعملية الإسقاط العسكري يأخذ الموقع الصحيح.. أنتم كعاملين في الوسط الديني وكمجتمع مسلم ما هو الموقع الصحيح الذي يجب أن نضع أنفسنا فيه… بكل بساطة هو استخدام المصطلحات الصحيحة وهو السلوك الصحيح وكلاهما ينطلق من تعاليم الدين وينطلق من مقاصد الدين.. فقط أربع كلمات إذا عرفنا الربط بينها عرفنا ما هي الطريقة التي يمكن أن نخوض من خلالها معركة شرسة قديمة ولكنها في حالة تصاعد ولن تتوقف. فإذا غضبنا ونفسنا ولم نحول هذا الغضب إلى طاقة منتجة فسيأتي البعض ويقول نحن بشر يهاجمون الرموز ولا ننفعل… نقول لا بالعكس انفعل.. الغضب هو حالة إنسانية ولكن إبق الغضب في الداخل وحوله إلى انتاج.. حول هذا الغضب إلى نقاش وحوار وأفكار وخطط لأننا لو تناقشنا لقلنا ألا تتوقعون أن سيكون هناك هجوم وهجوم بعده وإلى آخره… اعتقد أن الجواب نعم.. إذاً ماذا نحضر للهجوم التالي؟ خطة غضب.. لا بد أن نحضر خطة عمل.. النقطة الثانية نغضب ونقاطع البضائع يومين.. ثلاثة أيام.. أسبوعا وبعدها تعود الأمور كما كانت.. البائع الذي وضع لافتة /نحن لا نبيع البضائع مرة فرنسية ومرة دانماركية/ بعد أسبوع تخرج البضائع نفسها والغاضب نفسه الذي كان في الطريق يعود في الأسبوع الذي يليه لكي يشتري البضاعة نفسها.. ما هي الرسالة التي نرسلها للخارج بأن علاقتنا بالدين هي علاقة متذبذبة غير ثابتة وبالتالي ليست مبدئية لأن المبادئ ثابتة.

 


وتابع الرئيس الأسد: النقطة الأخرى.. ما هي الصورة التي نقدمها عن الدين وعمن نقتدي به؟ يعني الذي يمثل هذا الدين على الأرض هو الرسول عملياً والقرآن هو كلام الله والله فوق البشر ولكن الشيء الملموس بالنسبة لنا هو الرسول.. هو قدم لنا نماذج في الغضب… أم قدم نماذج في الهدوء ورباطة الجأش… مع أنه في ذلك الوقت كان يعيش في زمن الكرامة كانت أخطر شيء وكانت تندلع الحروب من أجل الكرامة وتسيل الدماء لأجيال ومع ذلك هو تعامل دون أدنى اهتمام مع الذين حاولوا الإساءة له وإلقاء القاذورات عليه.. وكان هناك شعراء جاهليون تفننوا وأبدعوا في هجاء الرسول ولم يذكرهم ولا نعرف شيئا إلا القليل عن تلك المرحلة.. فالسؤال.. هل يجوز للمسلمين أن يتبعوا الرسول في العقيدة ويخالفوه في السلوك… هذه مجرد نماذج.. الأهم من ذلك هو ما يرتبط بالمسلمات.. لدينا مسلمات تعلمناها منذ كنا في المدرسة والمفروض أن أي مسلم لديه الحد الأدنى من الايمان هذه المسلمات موجودة في عقله المصطلحات التي استخدمت في تلك المراحل السابقة عندما يقوم بها المسلمون بهذا الغضب هو نصرة الدين ولكن الدين هو الذي أتى لكي ينصر الإنسان الدين إلهي هو الذي ينصر البشري ولا يمكن للبشري أن ينصر الإلهي وهذه مسلمة.. نحن ندافع عن الدين ولكن لنفترض بأننا سلمنا بهذا المصطلح واردنا جدلاً أو افتراضيا أن نستخدمه فأنا أقول إن الدين ينتصر ليس بالغضب.. ينتصر بالتطبيق وعملياً عندما نطبق الدين بشكله الصحيح في المجتمع من خلال تطبيق المقاصد أو الوصول إلى مقاصد الدين فعندها سيكون هذا المجتمع معافى وسليماً.. عندها ينتصر الدين.. فالدين إذا افترضنا أنه ينتصر فلا ينتصر إلا إذا انتصر المجتمع والمجتمع لا ينتصر إلا إذا كان سلوكه بشكل عام سليما.

 


وقال الرئيس الأسد: فإذاً من خلال الحماس أحيانا نضرب بالمسلمات من دون أن نشعر بحسن النوايا.. وهذا لأن جزءا كبيرا من مفاهيم الدين هو مفاهيم غير واضحة. في الإطار نفسه عندما كانوا يتحدثون في الإعلام وغيره كانوا يقولون إلا رسول الله.. نحن لانقبل بأن يهان الرسول.. إذا.. من يهان… يهان الإنسان الضعيف. أيضاً واحدة من المسلمات والمفاهيم التي نعرفها بأن الأنبياء أكبر من أن يهانوا والأنبياء أقوى من أن يستضعفوا فلا يجوز أن نقبل أن الرسول قد أهين أو مس.

 


وأضاف الرئيس الأسد: بالعودة إلى الغضب هناك تعاليم واضحة في القرآن الكريم والحديث /والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس/.. و/الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما/.. والشخص الذي أتى للرسول وقال له أوصني فقال له لا تغضب وكرر وكان يكرر له لا تغضب وليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب هذا موضوع واضح.

 


وتابع الرئيس الأسد.. بالمحصلة نحن نسير باتجاه قد يخالف بعض المسلمات وهذه الأشياء يجب أن نعمل عليها لأن المسلمات هي أساس أي شيء يفكر به الإنسان سواء كانت مسلمات عقائدية أو مسلمات دينية. دائما أنا أسأل نفسي سؤالاً عندما نقول إلا الرسول.. فالرسول.. ونفترض بأنه يهان.. الرسول عومل كشخص عادي بينما هو رمز مقدس ويجب أن نفرق بين الرموز العادية وبين الرموز المقدسة.. الرموز العادية أي شيء قد يكون بالنسبة لنا كبشر رمزا عاديا لكن الرمز المقدس بيننا وبينه التزام.. فالرسول رمز مقدس ليس فقط لكي نحب وإنما لكي نقتدي به.. القرآن رمز مقدس ليس فقط لكي نحفظ ونفهم بل لكي نطبق ما ورد به والله رمز مقدس ليس فقط لكي نعبده وإنما ايضاً لكي نطيعه فبهذه الأشياء عندما نسأل أنفسنا هل تعاملنا من خلال هذه المسلمات مع هذه الرموز… أنا أسأل نفسي سؤالاً.. دائماً أسأله.. لو عاد الأنبياء وتحديداً النبي الكريم محمد إلى هذا العالم ما هي الأشياء التي ربما تؤلمه انطلاقاً من أحاديثه وانطلاقاً من تعاليم القرآن… أشياء كثيرة لا شك.. ولكن هذا السؤال سألته مؤخراً.. قلت هل يؤلمه أكثر كلام بعض السفهاء الذي نسمعه من وقت لآخر أم يؤلمه أكثر ارتكاب الكبائر… سؤال بديهي.


وقال الرئيس الأسد.. إذا.. هل ترتكب الكبائر.. قتل الأبرياء أليس واحدا من الكبائر.. في أحد الأحاديث كان ترتيبها الثالثة.. الأولى كانت الشرك بالله.. عندما يقتل الأبرياء نبدأ فقط في حصار العراق في التسعينيات ولاحقاً غزوه في 2003 وصولاً إلى اليمن وليبيا وسورية هل هذا من الكبائر… اذا.. كيف للمسلم أن يغضب على كلام سفهاء لا يعني الرسول لو كان موجودا ولم يهتم به عندما كان حياً.. ولا يغضب من كبيرة من الكبائر… أين هي المظاهرات… أين هو الغضب… أين هي الأفعال للدفاع عن هؤلاء الأبرياء ولمنع هذه الكبائر… هل نستطيع أن نميز بين تحريف القرآن والشرك بالله وأنتم علماء أخبروني… هل يمكن التمييز… من الصعب.. من يحرف القرآن لا بد أنه مشرك. اذا.. تحريف القرآن بدأ منذ عدة سنوات والآن تعرفون أن هناك الكثير من الآيات بدؤوا بتحريفها أو إخفائها وصولاً لاحقاً إلى تغيير مضمون القرآن من أجل أسباب سياسية ولم نسمع غضبا.. حتى علماء الدين في العالم الإسلامي لم نسمع منهم إلا ما سمعناه من بعض علمائنا في خطب الجمعة منذ حوالي شهر أو شهرين أو ما بينهما.

 


إذاً.. هل من الممكن أن نجتزأ الدين غير ممكن هل من الممكن أن نتعامل بازدواجية.


وتابع الرئيس الأسد.. هل يمكن أن نفترض أن هذه الأشياء التي تسيء إلى الرسول لا تستحق منا ردة فعل على مستوى الشارع الإسلامي… أشياء كثيرة تحصل.. أنا أعتقد بأنها تمس هذه الرموز بشكل مباشر.. وأنا أقول بأنه عندما نبجل هذه الرموز بالكلام ولكن نأتي إلى التطبيق ونفعل عكس ما هي موجودة من أجله فنحن من يمسها ونحن من يشجع الآخرين على قلة احترام هذه الرموز والتي تمثل جوهر العقائد.

 


وأضاف الرئيس الأسد.. أنا فقط بهذا الكلام وبهذه المقدمة أحاول أن أضع تشخيصا للمشكلة.. لا نستطيع أن ندخل بعلاج من دون أن نشخص فلذلك أنا أحاول أن أجمع بعض العناوين.. العناوين كثيرة لو أردنا نغرق فيها لأننا نتحدث عن تراكمات.. لا نتحدث عن أشياء طارئة.. بالمحصلة الفهم المشوه للدين بالمصطلحات الخاطئة بالممارسة والسلوك العشوائي غير المدروس بالعواطف والمشاعر العابرة بالرغم من استمرار الإساءة واستمرار وجود السبب فنحن من يقوم بتشجيع الآخرين على الاعتداء علينا وعلى الإساءة إلى مشاعرنا.. إذا.. شخصنا ولو بشكل مبدئي.. وقلنا الغضب لن يحقق شيئا.. لا بد من التصدي.. كيف نتصدى… أين يبدأ التصدي… التصدي يبدأ أولاً بمعرفة العدو الحقيقي وأين يتواجد… الحقيقة أول عدو لأي عقيدة لا يأتي من الخارج.. يعني مهما أساؤوا ومهما تكلموا ومهما خططوا لا يستطيعون.

 


وتابع الرئيس الأسد.. عبر التاريخ لم يحصل أن هناك عقيدة انهارت بهجوم خارجي.. بالعكس تماماً.. دائماً كان الأبناء يتمسكون بها وتصمد وهذا هو سياق الحياة وهذه هي القواعد الإلهية لحياتنا البشرية.. فالخوف على الدين من الخارج غير مبرر ولا مكان له ولن أضيع وقتي بالحديث عنه.. دائماً الخطر يأتي من الداخل.. الخطر من أبناء الدين ومن اتباع الديانات ومن اتباع العقيدة.. ويبدأ هذا الخطر بالتخلف والتطرف وبالتعصب وبعدم قدرة أبناء أو اتباع تلك العقيدة على التفكير السليم.. أما الإرهاب فأنا لم أتحدث عنه ولم أقل بأن الإرهاب يشكل خطرا لأن الإرهاب هو مجرد نتيجة وليس سبباً.


وقال الرئيس الأسد.. ولسنا في صدد الانبطاح كما يفعل البعض كلما حصلت مشكلة في الغرب يبدأ بالتبرؤ.. يصل إلى مرحلة التبرؤ من الإسلام وبلغة أكثر لطفاً الإسلام بريء من كل هذه الجرائم.. هذه بديهيات لا نبحث عن شهادة حسن سلوك من الغرب كمسلمين هذا أولاً.. ثانياً لا.. أكثر من ذلك هم من يتحملون المسؤولية.. الإرهاب ليس منتجا إسلاميا.. هذا بديهي.. هو منتج لثغرات لها علاقة في المجتمع ولكن من يستغل هذه الثغرات هو المجتمع الغربي هو من حرض الإرهاب في هذه المنطقة والأهم من ذلك أن جزءا من الإرهاب الذي يضرب عندهم في أوروبا لا علاقة له بالإرهاب الموجود لدينا.. هم أدخلوا الفكر الوهابي فقط مقابل البترودولار.. مقابل أموال والآن يدفعون الثمن.. ولكنهم يلقون بالمسؤولية على المسلمين وعلى تطرف المسلمين وإلى آخره وصولاً إلى رموزنا. فإذاً التصدي يبدأ من معرفة الخطر ويبدأ أيضاً من معرفة نقاط الضعف.. هذه النقطة لا نتحدث بها لأن المؤسسة الدينية في سورية قطعت خطوات مهمة جداً وعقدنا الكثير من النقاشات بجلسات مختلفة وتحدثنا عن نقاط الضعف واعتقد بأنكم أنتم من يقوم بمعالجة هذه النقاط.. نقاط الضعف. لكن النقطة التي لم تكن ظاهرة للكثيرين وما زالت هي.. تحديد هوية العدو الحقيقي.. هنا تكمن المشكلة.. يعني عندما يحصل شيء بطبعنا نشخصن الأمور ونهاجم الأشخاص.. الشخص الذي قام بالهجوم لكن أشخاص عابرون يعني الأشخاص لا يمثلون أنفسهم هم يمثلون تيارا.. أقصد التيار الذي يقوم بهذه الهجمات على المجتمعات الإسلامية أو إنهم أحياناً نتيجة لأسباب مصلحية يقومون بهذا العمل.. هذا التيار الذي لم يكن واضحاً للكثيرين هو تيار الليبرالية الحديثة والقلة من الناس تعرف عنهم.. طبعا يختلف عن الليبرالية.. الليبرالية هي تيار سياسي اجتماعي لا يوجد فيه مشكلة.. يقال هناك ليبرالي وهناك محافظ لا توجد مشكلة.. الليبرالية الحديثة هي تشبه الآن الحديث عن تسويق الديمقراطية بالنسبة لأمريكا.. يستخدمون الديمقراطية من أجل الهيمنة على الشعوب ويستخدمون حقوق الإنسان من أجل شن الحروب.

 


وأضاف الرئيس الأسد.. استخدموا الليبرالية لشيء جديد اسمه الليبرالية الحديثة التي بدأت تتطور منذ حوالي الخمسة عقود بشكل تدريجي وخبيث على مبدأ السرطان.. لماذا يسمى السرطان ورماً خبيثاً… لأن الإنسان لا يشعر به.. يتطور تدريجياً وببطء.. أساس منهجيتها هو تسويق الانحلال الأخلاقي بشكل كامل وفصل الإنسان عن أي مبادئ أو قيم أو انتماءات أو عقائد من أجل الوصول لأهدافها.. وكأمثلة عملية هذه الليبرالية الحديثة هي من سوق الزواج المثلي من خلال التسويق الذي ابتدأ في السبعينيات تدريجياً إلى أن وصلوا منذ حوالي عشرة أعوام إلى أن أصبح هذا قانوناً والآن بدأ يكون لديهم أبناء وأعتقد بأنها تختلف عن صيغة التبني ابن مع أنه ليس ابنا يعني كيف يكون هناك ابن… هذه الليبرالية الحديثة هي التي سوقت فكرة أن الطفل لا يختار دينه بنفسه وأن هذا تعد على حرية هذا الشخص.. هذا يولد من دون دين ولكن لاحقاً عندما يكبر يختار الدين الذي ينتمي إليه مع أن هذا مناقض لطبيعة الإنسان.. لأن الإنسان منذ أن كان يخترع أدياناً ويخترع آلهة ويخترع أصناماً كان بشكل غريزي الابن ينتمي لدين العائلة التي ولد فيها فهم يناقضون إنسانية الإنسان.. هي التي سوقت أعتقد العام الماضي وربما قبل المخدرات على اعتبار أنها ليست ضارة وأصبحت تباع بشكل قانوني وعلني في المتاجر ويبدؤون الآن هذا المخدر لا يعتبر مخدراً وبعدها يصلون لأنواع أعلى من المخدرات.. والآن تستطيعون في بعض الأماكن أن تطلبوا أنواعاً من الخبز بنكهة هذا المخدر.. هذه الليبرالية الحديثة هي نفسها التي سوقت الآن البدعة الجديدة أن الطفل يولد لا ذكراً ولا أنثى.. هو يختار لاحقاً إن كان ذكراً أو أنثى.. شيء عجيب… ماذا تفهمون من هذا الكلام؟ المطلوب من هذه الليبرالية ضرب إنسانية الإنسان وهنا تتناقض مع الدين.. لأن الأديان أنزلت من أجل تكريس الإنسانية فتأتي الليبرالية لتفصل الإنسان عن إنسانيته.. إذا.. عندما يفصل عن إنسانيته ويفصل عن قيمه وعقائده ما الذي يقود هذا الإنسان… شيئان.. المال والغريزة.. وعندها تسهل قيادته بالاتجاه المطلوب.

 


وتابع الرئيس الأسد.. منهجية هذه العقيدة وهي طبعاً عقيدة ترفض العقائد لأنها تطلب من الإنسان ألا ينتمي للعقائد.. منهجيتها هي أن تحول مرجعية الفرد من المرجعية الجماعية.. كما هو الحال الطبيعي بالنسبة للبشر.. إلى مرجعية الفرد.. وبالتالي مرجعية الفرد المقصود فيها رغباته فكل ما يرغب به هذا الفرد هو صحيح بغض النظر عن المجتمع.. فإذاً رغبات الفرد هي الأساس لا الأسرة ولا المجتمع الأكبر.. انسلاخ الفرد عن هذه القيم هو منهجية ثانية.. الانسلاخ عن الأسرة والانسلاخ عن الوطن.. فإذاً هو لا ينتمي إلى أي شيء.. ينتمي لنفسه في الداخل.. وينتمي لهذه العقيدة الليبرالية.. هم يسوقون أن هذه العقيدة هي ليست عقيدة.. هي ترفض العقائد لكن في الحقيقة هي عقيدة. عندما نقول بأنها تسحب أو تلغي إنسانية الإنسان ماذا يعني… تحوله إلى حيوان.. ما هو الفرق بين الإنسان والحيوان… الأشياء المشتركة.. الإنسان لديه عواطف والحيوان لديه عواطف ويكره ويحب.. الإنسان ينطق والببغاء ينطق.. قد يقول البعض وهذا متداول بأن الفرق بينهما هو العقل.. لا غير صحيح.. لأن الحيوان لديه عقل ويتعلم.. ويتعلم من التجربة والخبرة.. الفرق بين الإنسان والحيوان هو شيء وحيد يتميز به الإنسان.. هو العقيدة لذلك ضرب العقائد هو ليس شيئا جديدا وأنا سأذكركم عندما سقط الاتحاد السوفييتي وبدأ التفكك ما هو أول مصطلح مرحلة الليبرالية الحديثة.


وقال الرئيس الأسد.. فإذاً بالمحصلة هي أيديولوجيا ذات هدف سياسي لكنها لا تستطيع أن تصل إلى هذا الهدف من دون الأدوات الاجتماعية.. لا يمكن لها.. إذاً.. إذا كان الهدف سياسياً فما هي المشكلة بينهم وبين الدين… هل هناك مشكلة؟ بالمظهر لا توجد مشكلة.. لا مانع لديهم من أن نصوم ونصلي ونزكي ونحج وكل شيء.. لكن يجب أن نتخلى عن المبادئ والقيم.. يعني مقبول الدين الفارغ من المضمون مسموح به.. الدين المتطرف مسموح به.. أما دين صحيح فلا.. غير مسموح على الإطلاق.. إذا أنا سأعود مرة أخرى إلى التسعينيات عندما بدأت الفضائيات تنطلق.. تذكرون كنا أمام حالتين إما فضائيات تفرغ العقل وتدفع الجيل الشاب نحو التغرب أي باتجاه الفكر الغربي وخروج عن القيم ومقابلها تماماً الفضائيات التي بدأت تكرس التطرف فكنا أمام حالتين إما الأولى أو الثانية.. سيقول البعض هذا طبيعي فالمجتمع كان منقسماً.. والتطرف الأول يخلق التطرف الثاني.. والتطرف الثاني يخلق التطرف الأول.. هذا كلام صحيح لو كان تمويل هذه القنوات يأتي من مصادر متطرفة أو مصادر متغربة ولكن تمويل هذه القنوات كان من مصدر واحد.. نفس الدول تدعم الأولى وتمول الثانية.. فإذاً كلاهما يصب باتجاه المضمون نفسه.. مشكلتهم معنا هي عندما نكرس الدين الصحيح.. لأن هذا الدين الصحيح هو الذي يمنع الأهداف السياسية عبر خلق حاجز يمنعهم من تحقيق الأهداف ويمنعهم من تحويلنا إلى قطعان من المواشي تقاد إلى المذبح.. انطلاقاً من هذه الفكرة تستطيعون أن تفهموا لماذا نرى هذا الهجوم الشرس على المؤسسة الدينية.. هذا هو السبب.. لا يرتبط تماماً بالحرب على سورية.. الموضوع أكبر.. الموضوع أوسع.. من اليوم بكل هذه المؤسسات المختلفة الموجودة على الساحة الإسلامية من هي المؤسسة التي تقوم بالقتال ..وليس بالعمل.. بالقتال من أجل تكريس الدين الصحيح… ومن هي المؤسسة التي تدفع الشهداء من أجل تكريس الدين الصحيح على كل الساحة الإسلامية؟ هي هذه المؤسسة فمن الطبيعي أن تكون هذه المؤسسة هي العدو الأول.. هاجموكم كأشخاص وهاجموكم كمؤسسة.. لأن الدين الصحيح الذي نتحدث عنه هو الذي يؤسس لبنية اجتماعية مناقضة تماماً للبنية الاجتماعية المطلوبة لتسويق الليبرالية.. لذلك جزء كبير من الهجوم على المؤسسة الدينية يأتي من الخارج.. صحيح أن الحرب على سورية.. أنتم جزء من هذه الحرب.. هذا وطن وهذا شيء طبيعي.. ولكن يجب أن نرى الحرب على سورية والحرب على المؤسسة الدينية في سياق أبعد وأعمق هي ليست حربا منفصلة.. هي ليست وليدة العشر سنوات الماضية.. إن لم نر أين ابتدأت لا يمكن أن نعرف كيف ننهيها.. وهذا ما علينا أن نفهمه جميعاً.. هذه هي المشكلة بينكم كمؤسسة وبين الليبرالية الحديثة وهنا أريد أن أؤكد على أن الخلط الذي كان يحصل في الجدل الحاصل على وسائل التواصل الاجتماعي وأنا كنت أسمعه من قبل العديد منكم هو خلط بين الليبرالية والعلمانية.


وقال الرئيس الأسد.. الحقيقة أن الهجوم الذي يحصل والطروحات الشاذة التي نسمعها هي طروحات ليبرالية لا علاقة لها بالعلمانية.. العلمانية شيء مختلف تماماً.. العلمانية هي حرية أديان لا علاقة لها على الإطلاق.. فيجب أن نميز ونعرف من هو العدو الحقيقي الذي نواجهه.. شخصنا العدو ماذا نفعل؟ تحدثنا في البداية عن أنه لا يوجد قانون دولي ولا توجد حماية.. الحماية الوحيدة واليوم ابن كل واحد فيكم موجود على الهاتف وعلى الحاسوب.. هو على احتكاك مع هذا الفكر.. قبل ثلاثة عقود نستطيع أن نتقوقع على أنفسنا ونعيش مع عاداتنا وتقاليدنا ومفاهيمنا.. اليوم هذا الكلام غير ممكن لا خيار سوى التحصين.. تحصين المنزل كما قلنا في البداية ما هو أهم عامل في التحصين؟ طالما أنا تحدثنا عن علاقة هذه الليبرالية بالدين فلا بد أن تكون البداية من الدين.. والدين عندما نقول الدين يعني الدين الصحيح.. أي دين لا يبدأ سوى من الفقه.. ونحن بالنسبة لنا عندما نتحدث عن الفقه نربطه بالفقهاء وبالتالي العلماء وبالتالي هو أعلى مستوى من العلم في الدين.. أنا لا أتحدث عن هذا المستوى أنا أتحدث عن الفقه المطلوب لكل مسلم.. وهنا تكمن مشكلة أخرى وهي مشكلة كبيرة أن جزءاً كبيراً من المسلمين يمارسون الشعائر من دون أن يعرفوا لماذا.. فهناك حد أدنى من الفقه وهو العلم والمعرفة مطلوب لكل ممارس للدين لا يجوز لمسلم أن يمارس الشعائر من دون أن يعرف أين هي المقاصد. كل شعيرة من الشعائر التي نقوم بها يجب أن يعرف ما هو الهدف.. إلى أين يصل.. يجب أن يعرف أنه لا يمكن أن يمارس أي شعيرة من دون أن تنتهي إلى مقصد.. أن البداية هنا والنهاية هناك.. ويجب أن يعرف أن ممارسة الشعائر لا يمكن أن تكتمل إن لم يصل هو إلى المقاصد.. هذه مشكلة كبيرة موجودة لا بد أن نعمل عليها أن لا يبقى الفقه.. طبعاً العلم هو مستويات والفقه مستويات ولكن عندما نتحدث عن القاعدة العريضة التي لا تعرف أساسيات فهي نقطة ضعف كبيرة وهي أساس التحصين للمجتمع المسلم.. أهمية المقاصد هي أن كل قطاع من قطاعات العالم والمجتمع بحاجة لقياس.. يعني عندما نقول.. نحن نقوم بخطة معينة ونطبق إجراءات محددة للوصول الى هدف كيف نعرف أين وصلنا… بالاقتصاد هناك أرقام النمو والتضخم…..إلخ.. بكل مجال من المجالات هناك قدرة على القياس ولكن في المجال الديني كيف نقيس؟ لا يمكن أن نقيس من خلال عدد المصلين.. لا يعني شيئا أنتم تعرفون أن عدداً من الذين خرجوا من المساجد في بداية الحرب هم من الملحدين الذين كانوا يهتفون.. الله أكبر وهناك عدد من الناس الذين يمارسون الشعائر لمسايرة المجتمع من جانب ولكي يقال.. بأن الأموال هي أموال حلال وإلى آخره من التفاصيل.. فإذاً هي ليست طريقة قياس ولكن نستطيع أن نقيس أخلاق المجتمع وسلوك المجتمع والمصطلحات الصحيحة التي تستخدم من قبل عامة المسلمين.. نستطيع أن نقيس عندما نرى أن التدين هو الذي يواجه التعصب وليس الربط بين التدين والتعصب وبالمناسبة هذه النقطة بالذات هي نقطة مضيئة بالنسبة للمجتمع السوري.. لأن الذي تحدث بالتعصب وبالطائفية في بداية الحرب هم بمعظمهم من غير المؤمنين وإذا كان البعض منهم من التيار الديني فهم غالباً بالميول الإخونجية والذين تركوا البلد والحمد لله تخلصت من كل هؤلاء.. أما عندما نتحدث عن الإيمان الحقيقي وعن المسلم الحقيقي فالحقيقة أن هذه كانت نقطة مضيئة لا بد أن تذكر كوثيقة وللتاريخ بأن المؤمن الحقيقي هو الذي واجه التعصب والتطرف يعني ببعض الأمثلة أنا لا أستطيع أن أقيس كم واحدا يستطيع أن يفهم أو يقرأ أو يحفظ //إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة// ولكن أعرف أن هذا الشخص وهذا المجتمع لا يخضع للإشاعات.. لا أعرف هو كيف يتعامل مع مواعيد الصلاة ولكن أعرف أنه يحترم المواعيد في العائلة وفي المجتمع وفي العمل.. لا أعرف عن وضوئه ولكن أعرف أنه نظيف.. أعرف أنه غيري غير أناني.. أعرف أنه لا يحب النميمة أعرف أنه لا يرشي ولا يرتشي ولا يبرر الرشوة.. أن أمورنا لا تمشي إلا إذا رشونا ويجتزئ من الدين أعرف أنه لا يتهرب من الضريبة لأنها سرقة للمال العام فإذاً بالعودة أنا أتحدث بكل هذه الفقرة عن شيء أساسي هو المقاصد لن نصل إلى التطبيق الصحيح من دون المقاصد.

 


وأضاف الرئيس الأسد.. النقطة الثانية.. اللغة العربية هي حامل الفكر والثقافة بشكل عام قبل أن تكون لغة القرآن.. هي الحامل الطبيعي.. عندما تندثر هذه اللغة أو تتراجع أو تضعف وهذا الشيء كلنا نراه في المجتمع بشكل واضح وبشكل خطير ومخيف فيجب أن نعرف أن هناك حاجزاً وهناك غربة بين الإنسان وثقافته.. هذا شيء بديهي الشيء نفسه بالنسبة للقرآن وهناك هجمة حتى على لغة القرآن.. كيف تتصورون القرآن من غير لغة… ولو جربتم أن تقرؤوا لغة مترجمة للقرآن يعني كتاباً مترجماً ولكن ترجم أيضاً من الإنكليزية عاد إلى العربية فسترون أنه هناك حاجز كبير بينكم وبين هذا الكتاب ولو تمكنوا من اللعب بهذه اللغة فسيكون هناك أيضاً حاجز بين المسلم وبين القرآن.. ما هي مشكلتهم مع القرآن؟ أن الربط بين اللغة والعقيدة واحد ولا يمكن الفك ولكن يمكن ضربه.. كيف؟ عندما نضرب لغة المجتمع فسوف نطوق هذا القرآن بلغات غريبة وبميول غريبة يبقى المسلم وتبقى الصلاة ولكن تصبح كاللغات القديمة هي لغة صلاة وهنا يحصل الفصل بين ثقافة القرآن وثقافة المجتمع. اللعبة واضحة.. فلذلك لا نستطيع أن نفك اللغة عن العقيدة واللغة عن المجتمع والمجتمع عن العقيدة هي مثلثات أو مربعات لا يهم ولكن كلها مترابطة كالكرسي.. إذا الآن ضربنا قدم هذه الطاولة تسقط الطاولة كلها بقدم واحدة هكذا يتم الموضوع فاللغة مهمة جداً.


وتابع الرئيس الأسد.. الأسرة.. الأسرة هي الوحدة الأصغر في مجتمعاتنا الشرقية وليس الفرد كما تحاول الليبرالية الحديثة تسويقه. الأسرة هي الحاملة للعادات والتقاليد والثقافة وكل ما يمثل الهوية نراه في الأسرة.. والفرد هو عضو فيها.. والأسرة لا يمكن أن تؤسس إلا على الغيرية لا يمكن للأنانية أن تبني أسرة.. لأن هذه الوحدة هي أساس سلامة المجتمع عندما تكون سليمة فالأسرة الأكبر مع الأقرباء تصبح سليمة والحي والمدينة والمجتمع كله يصبح سليماً.. لذلك ركز الدين على هذه الأسرة ولذلك من أهم الخطوات لضرب هذه البنية الاجتماعية هي ضرب الأسرة والنزول باتجاه الفرد.. فإذاً في عملنا الديني يجب أن نركز على موضوع الأسرة في عملنا الديني والاجتماعي وأيضاً نتحدث عن هذا الموضوع.. لأن الأسرة بدأت تتفكك بفعل عوامل مختلفة.. بفعل تطور الحياة.. العوامل التقنية.. وبفعل الهجمة التي تحصل على الثقافة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=1&id=76454