وجهات نظر

إلى أين يذهب لبنان؟


الاعلام تايم - افتتاحية

 

لا تلتفت المدينة الوادعة الجريحة لمناكفات السياسيين، بل إنها تضمد جراحها بنفسها بعد أن يئست من الاتفاق في بلد يعزز الخلاف في كل شيء.


انفجار بيروت لم يكن سوى إرهاصات السنوات السابقة، والانفجار الكبير يمشي إلى بيروت رويدا إذا ما بقيت أصوات المتباكين على أطلال الاحتلال تعلو هنا وهناك.


في لبنان كل يغني على ليلاه، والسياسة لا ترحم أحداً غير أن الخطير هو ما يعد في الخفاء لضرب مقومات تشكل ردع لبنان في وجه المخاطر.


زيارة ماكرون في هذا السياق لم تكن بريئة، فالرئيس الفرنسي ابن عائلة روتشيلد المدلل ركب جناح السرعة وطار إلى بيروت يزيح عن المدينة حجاب واقعها السميك، ويمسح الظلم الذي تناثر فوق رؤوس الناس، ماكرون يعرف تماماً تأثير الحضور الفرنسي في مثل هذا الوقت على شريحة من اللبنانيين، كما يعرف أن تلك فرصة لا تعوض يجب استغلالها، فهو الغارق حتى أذنيه بهتافات السترات الصفراء المناوئة له والتي كادت تطيح به لولا تفشي فيروس كورونا الذي أجبرها على الانكفاء.


ثم إن الحضور الفرنسي يلمع صورة الرئيس ويشيع سمعة حسنة بين العرب والأوروبيين، تلك التي فقدها بين شعبه.


ماكرون يسعى أيضاً إلى إبعاد شبح الاتفاق التركي في لبنان خاصة بعد تصارع تركيا وفرنسا في ليبيا والذي لم يكن في صالح الأخيرة.


في جيب ماكرون أيضاً عقود لشركات مقاولات فرنسية تضع عينها على إعادة إعمار المرفأ وما تضرر من العاصمة، ناهيك عن شركة توتال العملاقة للنفط والغاز وعمليات تنقيبها في المياه اللبنانية، كل ذلك كان دفعاً جعل ماكرون السباق إلى زيارة العاصمة المنكوبة التي امتلأت دخاناً ورماداً ودماء.


وسط تلك الفوضى العارمة تستقيل الحكومة، وزير إثر وزيرة تخلّوا عن مسؤولياتهم ثم كان أن تبعتهم الحكومة كاملة، ليست المرة الأولى التي يسود الفراغ المشهد السياسي، وفي كل مرة كان تحدي لبنان بأن يصوغ الاتفاق والوفاق قائمة تأتي بحكومة جديدة وربما برئيس يشغلون مناصبهم الطبيعية في بلد لم تكن السياسة فيه طبيعية أبدا على مر العصور.


التوافقات الدولية كفيلة بحل تلك المعضلة ولكن يبدو للشعب اللبناني الذي فقد عزيزاً ودمر منزله الكلمة الفصل، وفي كل هذا وذاك ما تزال المقاومة ترقب بعين الحذر التطورات الخطيرة التي تستهدفها بشكل أو بآخر، فإلى أين يذهب لبنان؟
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=73678