تحقيقات وتقارير

لا تفكر!! ادفع قبل التعديل اللحظي.. وصفة في مواجهة "قيصر" و"شياطين" التجار


الاعلام تايم _ طارق ابراهيم

بعد جدال لدقائق حول فرق السعر خلال ساعات.. أما سمعت بـ"قيصر".. ومن يكون: يسأل الرجل الذي أراد قليلاً من "الرز والزيت" بالكاد استطاع تأمين ثمنها لغداء أسرته.. تجيب المرأة التي تدير دكانا في قرية تبعد عدة كيلومترات عن دمشق، والتي نادراً ما باعت بالسعر المحدد!.."قيصر"الذي رفع الأسعار ويتصلون به كل لحظة لمعرفة كل جديد يطرأ على سعر المواد.. "الله يفرجينا فيه عجائب قدرته" بصوت لاقى صدى واسعاً.. يجيب المشتري!!

 

صدىً ردده رجل سبعيني في سوق دمشقية جالس على كرسي خشبي أكل الدهر عليه وشرب وعاصر تجارب عديدة للظلم الذي ناله الشعب السوري منذ سنوات عديدة ماضية.. ظلم فرضته آلة الحرب الأميركية وينفذه إرهابيون ومستغلون محتكرون بكل ما أوتوا من جشع وطمع، "يا ولدي لا تتعب حالك" وكانت الهمة استطلاع آراء المواطنين عما يجري لعل أحدهم يملك حلاً عجز عنه أصحاب الخبرة في الاقتصاد!!

 

لا شيء يمر بشكل اعتيادي في هذه السوق(شاهد الفيديو)، كل يوم جديد، لا بل كل ساعة جديد، وهذا تلمحه في وجوه المارة وهم يحدثون أنفسهم، وما كان ينقصنا إلا "قيصر" بعد كورونا الذي "زاد طينتنا بلة".. شيء لايصدق(بعد الازدهار الذي وصل اليه بلدنا)، الناس تقف طوابيرا لتحصل على ما يسد رمقها.. تجار أقل ما يوصفون بأنهم والشيطان في عباءة واحدة، قبل أشهر(زمن الكورونا) صاروا يتاجرون بأرواح الناس.

 

فجأة زاد سعر "الكمامات والمعقمات والمنظفات" وفجأة فقد الدواء من الصيدليات.. نهاية الأسبوع الماضي وبداية الجاري كانت استثنائية في حياة أهل هذه السوق خاصة وسورية عامة، رغم المعاناة في السنوات الماضية التي حملت في طياتها أشد أنواع الظلم حيث تناثرت شظايا قذائف الارهابيين في كل شارع وفي كل حي ونالت من كل سوري رفض أن يدخل غرباء الى وطنه، الى بيته، ليسرقوا ماله ويدنسوا عرضه بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان.

 

هنا في كل زاوية حكاية لا تسعها سطور ولا تكفيها دموع، حيث يتناثر الباعة نساء ورجالا.. هنا بائعة بقدونس وهناك بائع الفاكهة التي صارت حكراً على الأثرياء، وبائعُ ثومٍ، لم يحلم أن يضرب ضربة واحدة ليحجز مقعداً في سفينة تجار الأزمات.. ومحلات يبيعون فيها بأسعار لحظية! هل نحسد الاتصالات على ارتفاع الفواتير بسبب المكالمات المستمرة للاستفسار عن سعر المواد حتى "حزمة البقلة"، أصبحت الحكمة تقول "لا تفكر لحظة ادفع السعر المطلوب مباشرة قبل التعديل".. انتهى زمان الربط بالكلمة فاتفاق الأمس لا يصلح لليوم.

 

اليوم لا يحزنك إلا الصمت الذي يقول ألف شكوى في عيون هؤلاء المتناثرين في أرجاء هذه السوق سمعت بائعة تقول"اليوم دفعنا تعرفة ركوب مضاعفة حتى سائق السرفيس والتكسي صار يرفع السعر حسب هواه ويتحجج بقيصر"، اعتدنا عند سؤال التجار عن سعر مادة، بالرد:"قبل الكورونا أم بعد الكورونا" واليوم يقولون "قبل قيصر أم بعد قيصر" هذا في حال وافقوا على البيع.. الحاجة من يدفعنا نتوسل للمارة وللسائقين ولشرطي البلدية_تقول المرأة_ حتى لا يصادر ما نبتاعه لأن ذلك سيكلف الأولاد عدم الحصول على حصتهم اليومية من الطعام.

 

يعدل الرجل جلسته ويصدر تنهيدة.. الزمن الذي استغرقته، كانت كافية لوصول 3 نشرات سعرية، وفق صاحب المحل الذي لم يقطع مكالمته، لاندري من هو الطرف الآخر في المكالمة لعلّه( قيصر)، ما ندريه أن البائع توقف عن البيع لأي سلعة و"إذا ما عجبك اشتكي".

 

وبعد كل هذا هل من حلول.. رغم كل الصبر والتفنن في تناول جرعاته خلال السنوات الماضية، ما يحدث يجعل الحليم حيراناً، ولو لم تر بياض هذا الشعر لقلت إن الأيام القلية الماضية وما جرى فيها ويجري الى اليوم، هو سبب هذا "الشيب"-يتابع الرجل- لاتضيّعوا نصراً استهلك دماءً ودموعاً، وسطّر معجزة الجيش العربي السوري مع خلود التاريخ .

 

ويتابع وقد غسلت خدوده قطرات من الدموع تعبر عما يلج من حرقة في أعماقه.. سمعت من شبان بعمر ولدي الذي أفقدتني ابتسامته قذيفة أطلقها "شذاذ الآفاق" مبتعثو ترامب وأعوانه على هذه السوق قبل سنوات، يتحدثون عن (بعد التصحيح للفظ السبعيني)"فيسبوك".. في "مبادرات ناس" توزع أدوية زائدة عن الحاجة وملابس وتقاسم لبعض المواد الغذائية علّ الفرج قريباً(لمسنا بدء خطواته اليوم الذهب انخفض 25 الف ليرة، والقادم أفضل).. يسأل ألا تعملون بهذا (الفيسبوك) الناس يقولون إنه استخدم ويستخدم مع كثير من "إخوته" الى الآن كأداة في الحرب على بلدنا.. أتمنى أن تصل رسالة هؤلاء الناس عن طريقكم للتجار والمتلاعبين بلقمة عيشنا عسى أن يصحو ضميرهم النائم -إن وجد- ويتعلمون من الناس المحتاجين كيف يوحدون همهم في وجه المؤامرات التي تستهدف وطنهم، حتى لا يذهب صبر سنوات هباء منثوراً.

 

وقبل أن ينهي "السبعيني" حكايته قال لعل أكثر ما أثار دهشتي وأذهلني الى حد كبير.. ما أسمعه من حديث العامة عن شماتة بعض السوريين"المعارضة"،-والله يا ولدي هؤلاء ليسوا سوريين- بما يعانيه الشعب، وتبجحهم دون خجل -وأنى لهم ذلك- بالموافقة على كل ما يجري.. يصفقون لترامب وأعوانه لأنه يحرم الشعب السوري من نفطه وقمحه، وكان الأولى أن يثوروا في وجهه لا يباركون ما يسعى إليه من قتل وتدمير لسورية التي ما تعبت من النداء لأولادها العاقّين ليعودوا الى حضنها.

 

ويختم الرجل بالقول "لايمكن ترميم الوجع أو إصلاح ضمائر أو معالجة قلوب بمدها بعاطفة وإحساس بالغير، لذلك لا تتعبوا أيديكم بالتصوير وسؤال الناس، إن استطعتم تبديل القلوب القاسية لبعض التجار وزرع الرحمة فيها وقطع علاقتهم "المادية" بالجهات التي تراقب دفاتر حساباتهم ومستورداتهم، إن استطعتم أن تغوصوا في عمق العلاقة بين التاجر والمسؤول الرقيب عليه، عندها تستطيعون بلا شكاوى ولا تصوير أن تصلحوا ما أفسده المفسدون، لأنكم لا تدرون "لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً".


 

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=71827