مجتمع

قرارات بحكم المسؤولية..


الإعلام تايم - د.خيرية أحمد


قرارات حكومية عديدة صدرت مع حلول شهر رمضان الكريم ليؤمن المواطنون احتياجاتهم وتماشياً مع خصوصية هذا الشهر، وبتأكيد على الالتزام بالإجراءات الصحية والوقائية في كافة المهن والخدمات للتصدي لفيروس كورونا، جميع القرارات تحملنا "المسؤولية الاجتماعية" التي هي إحدى القنوات التي تدعم المصلحة العامة، فكل فرد مسؤول عن نفسه وعن الجماعة، والجماعة مسؤولة عن نفسها وأهدافها وعن أعضائها كأفراد في جميع الأمور والأحوال، وفي ضوئها تتحقق الوحدة وتماسك الجماعة وينعم المجتمع بسلامٍ أشمل وأعمق.


"ما يجب أخذه على محمل الجد هو مسؤوليتنا وليس أنفسنا" مقولة للكاتب بيتر اوستينوف، يشير من خلالها إلى أهمية تحمل المسؤولية ذلك الشعور النبيل الذي معه نتجاوز الشكليات إلى قدسية الواجب بأمانة وموضوعية بالمعايير الإنسانية التي تقود بدورها الى إيجابية التعايش والتواصل، والاجتهاد للتغلّب على الأزمات بكافة مجالاتها الصحية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية...الخ.
ولتطبيق جميع إجراءات التصدي لفيروس كورونا بحاجة إلى النظر والأخذ بكل مكونات أو مقومات المسؤولية الاجتماعية ألا وهي:


1- الاهتمام: يتضمن الارتباط العاطفي بالجماعة وحرص الفرد على سلامتها وتماسكها واستمرارها وتحقيق أهدافها. هو شعور الفرد بالوحدة المصيرية معها، والتأثر بها لدرجة أنه يرى في خَيْرها خَيْره وكأنها امتداد لنفسه، يسعى من أجل مصلحتها، ويشعر بالأمن كلما خيّم عليها الأمن، وفي ذلك أحد أبعاد القوة لضمان التماسك والتكافل الجماعي.


2-الفهم: يتضمن فهم الفرد للجماعة، فالفهم الصحيح يدعم مشاركة الفرد في القيام بمسؤولياته ويشترط الالتزام بأخلاقيات المجتمع، كما يشمل التقارب الفكري، فالتعاطي العقلاني يجعلنا نواجه الأزمات مواجهة مسؤولة، والفهم يعني إدراك الفرد للظروف المحيطة بالجماعة، ماضيها وحاضرها وقيمها واتجاهاتها، والأدوار المختلفة فيها.


3-المشاركة: هي الأرضية الأساسية لحياة اجتماعية مشرقة مستقرة. تُظهر المشاركة قدرة الفرد على القيام بواجباته وتحمّل مسؤولياته بضمير حي، وإرادة ثابتة، ولها ثلاثة جوانب: أولها، التقبل، أي تقبّل الفرد للأدوار الاجتماعية التي يقوم بها. وثانيها، التنفيذ، حيث ينفذ الفرد العمل وينجزه باهتمام بما يخدم الهدف. وثالثها، التقييم، حيث يقيّم كل فرد عمله وفقاً لمعايير المصلحة العامة والأخلاق.


4-العقل والوعي: يستطيع الإنسان بواسطة العقل أن يصل إلى درجة من الوعي الموضوعي الذي على أساسه يمارس مسؤوليته الاجتماعية، فمن كان أكثر وعيا، كان أكثر مسؤولية.

 

واستشهاداً بمقولة الروائي جاي جي هولاند "تسير المسؤولية جنباً إلى جنب مع القدرة والقوة" تظهر مدى أهمية البعد الأخلاقي للمسؤولية الاجتماعية، حيث أن من ابجدياتها الالتزام الذي يعد العامل الرئيسي لدى أيّ فرد من أفراد المجتمع، وهذا لن يتحقق بدون رغبة ذاتية وإصرار دؤوب من قِبل الفرد نفسه في تطبيق هذا القرار وتنفيذه، حتى يكون نموذجًا عمليا للاقتداء به من قِبل الأفراد داخل أيّ وحدة من وحدات المجتمع الواحدة.


والتنشئة الاجتماعية السليمة: وهذه بحاجة إلى توعية متكاملة الأركان من الأسرة والمدرسة والمؤسسات المجتمعية في فهم المسؤولية الاجتماعية فهمًا كاملًا نابعًا من الانتماء والمواطنة للدولة وللمجتمع حتى يستشعروا معًا أهميتها، ومدى قدرتهم الفعلية على تطبيقها وممارستها مستقبليًا داخل مجتمعهم.


الإحساس والتعاون: لا يمكن أن يُكتب للمسؤولية المجتمعية عناصر السلامة والنجاح بدون توافر الشعور والإحساس الذاتي اتجاه أي حدث طارئ أو مشكلة ما، ولهذا يستوجب دائمًا المبادرة والتعاون في إطار البناء المجتمعي المتماسك.


فالمسؤولية الاجتماعية مطلب علمي وحاجة؛ لأن المجتمع بأسره وأجهزته ومؤسساته كافة في حاجة إلى الفرد المسؤول اجتماعياً، فارتفاع درجة إحساس والتزام أفراد المجتمع بالمسؤولية الاجتماعية تعد المعيار الذي نحكم بموجبه على تطور ذلك المجتمع ونموه. فالميزة الوحيدة التي تجمع بين الناجحين في العالم تكمن في قدرتهم على تحمل المسؤولية". ومن أسمى واجباتنا كأفراد أن نتعاطى مع ذاتنا ومع الآخرين ومع مجتمعنا بروح مسؤولة، فمثل هذا التعاطي يمدّ جسوراً متينة بيننا وبين المجتمع الذي ننتمي إليه، ويحفظ سلامتنا وصحتنا فالثروة الأولى هي الصحة.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=13&id=70954