نافذة على الصحافة

كيف سيطرت المانيا على كورونا؟ العالم ينظر بإعجاب وميركل تحذّر "نجاحنا هش وجزئي"


الاعلام تايم _ رأي اليوم

 

نقلت صحيفة رأي اليوم عن فتاة ألمانية قولها: "أشعر بالكثير منن الفخر لأني ضمن دولة لديها نظام صحّيٌّ قويّ، خصوصا حين أقارنه بالدول الأوروبية (…) ألمانيا "الديمقراطية الاجتماعية" تثبت أنها أكثر رحمةً بالإنسان وأكثر اهتماما بصحته"، وأضافت الصحيفة، في وقت يرى فيه العالم ألمانيا كنموذج يستحق الإعجاب بعد تجاوز عداد التعافي لعداد الإصابات من جهة، وتدني نسبة الوفيات للاصابات من جهة ثانية.


رغم ذلك كان للمرأة الحديدية، المستشارة الألمانية انجيلا ميركل رأي آخر فقد خرجت على الالمان لتؤكد لهم أن نجاح بلادهم في مواجهة الفايروس "هشّ وجزئي" وإجراءات السلامة قد تطول، ومشيرة الى ان المدارس في البلاد قد تعود لفتح أبوابها في أيار/ مايو المقبل اذا استمر احتواء المرض.


ميركل ظهرت مجددا في مشهد أزمة كورونا كامرأة حديدية ولكنها “ذات قلب شفوق” وفق ما تحدثت وسائل الاعلام الغربية عنها باعتبارها نموذجاً لقيادة المرأة في دولة تحقق نجاحاً كبيرا في السيطرة على فايروس كورونا المستجد.


ويرى البعض ان تركيبة النظام في المانيا هي ما ضمن النظام الصحي القوي في البلاد، إذ يضمن القانون الأساسي (الدستور) للألمان الأمان الاجتماعي، لأن المادة 20 منه تنص على أن"جمهورية ألمانيا الاتحادية (الفيدرالية) دولة ديمقراطية واجتماعية".


نظام صحي متماسك وفحوصات مبكرة..
من هنا يرى كثيرون أن المانيا لم تجد الصعوبة الكبيرة التي واجهتها دول أوروبية أخرى كاسبانيا وإيطاليا وفرنسا، حيث تولي برلين الخدمات الأساسية جل اهتمامها، ما جعلها الدولة الوحيدة من الدول الأكثر إصابة التي كان لديها نحو 29 الف سرير عناية مركزة منهم نحو 20 الف مجهزين بأجهزة تنفس اصطناعية، وهو ما رفعته المانيا لـ 40 الفا خلال شهر من التنامي الدراماتيكي لاعداد المصابين.


وبينما استطاعت إيطاليا اجراء نحو 807 الاف فحص كورونا خلال فترة تعاطيها مع المرض كاملة، وصلت المانيا الى نحو نصف مليون فحص في الأسبوع وفق أحد أشهر أطباء الفايروسات في مستشفى “شاريتيه” في برلين. وباستثناء حالات محلية قليلة، لا تجري إيطاليا اختبارات إلا لمن يُنقلون إلى المستشفيات وعليهم أعراض شديدة في حين تجري المانيا الفحوصات على نطاق واسع.


“النموذج الألماني”، تحول لقصّة نجاح في العالم، بينما لا تزال الدولة الأوروبية صاحبة الاقتصاد الأقوى تصرّ على الحذر وقواعد التباعد الاجتماعي، والعودة التدريجية للحياة بقواعد جديدة. إلا ان النموذج الألماني ذاته أشّر على خلل وتباين كبير بين دول الاتحاد الأوروبي من حيث الخدمات والاولويات.


وبلغ معدل الوفيات رسميا إلى 1.2 بالمائة، إلا أنها نسبة أقل بكثير من البلدان الأوروبية الأخرى: (إيطاليا 13 بالمائة، اسبانيا 9 بالمائة، المملكة المتحدة 8 بالمائة، وفرنسا 7 بالمائة) غير أن الخبراء يقولون إن حدوث وفيات أكثر في ألمانيا أمر محتوم. وقال لوتار فيلر رئيس معهد روبرت كوخ للأمراض المعدية في ألمانيا “معدل الوفيات سيرتفع”.


ويتجاوز منذ أيام عدد المتعافين من فايروس كورونا المستجد في ألمانيا عدد أولئك المصابين به (85.400 متعافي مقابل 53.050 مصاب)، بينما تحتفظ الولايات الألمانية بأدنى نسبة وفيات نسبة لأعداد المصابين بين الدول الأوروبية (عدد الوفيات 4430).


وتأتي المانيا بالمركز التاسع من حيث أعداد الوفيات بعد اميركا، وإيطاليا واسبانيا، فرنسا وبريطانيا وبلجيكا، وايران ثم الصين؛ في حين أنها سجلت خامس أعلى نسبة إصابة بكورونا في العالم.


عامل ثقافي وسلسلة "الحالة صفر"
إضافة الى النظام الصحي القوي، يشير موقع دويتشة فيلة إلى عوامل أخرى ساعدت في نجاح التجربة الألمانية منها العامل الثقافي،” ففي إيطاليا على سبيل المثال لا الحصر، يسود التعايش بين الأجيال أكثر مما هو عليه الحال في ألمانيا. حيث يعيش 20 بالمائة من الإيطاليين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و49 عامًا، يعيشون مع والديهم، فيما لا تتجاوز النسبة 6 بالمائة في ألمانيا.”


في الأثناء رصدت وكالة رويترز قصة الحالة “صفر” والتي يقدّر العلماء الالمان انها الحالة التي منحتهم كل المعرفة التي يحتاجونها فكانوا اكثر جاهزية للأزمة حين وقعت فعلا.
حين حصلت “الحالة صفر” وتأكد مصدر العدوى في مصنع لقطع غيار السيارات قامت المانيا مباشرة بتتبع “سلسلة العدى” والتي أكدت إصابة 16 حالة في ميونخ، أحدها لعامل استعار من جاره “المملحة” وقت الغداء.


درس العلماء تطورات ما حدث وخلصوا إلى أن رشاشة الملح انتقلت في تلك اللحظة إلى العامل ومعها فيروس كورونا المستجد. وقد أمكن توثيق وقائع هذا الحادث بفضل تحقيق مستفيض يمثل قصة نجاح نادرة في الحرب العالمية على الفيروس.


كان هذان العاملان في بلدة ستوكدورف الألمانية التي يبلغ عدد سكانها أربعة آلاف نسمة بالقرب من ميونيخ بولاية بافاريا، حلقتين مبكرتين فيما كُتب لها أن تكون أول سلسلة يتم توثيقها لانتقال الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19 من إنسان لآخر خارج قارة آسيا.


وسُلطت الأضواء على الشركة بعد أن كشفت أن امرأة صينية من العاملين بها أصيبت بعدوى الفيروس ونقلته إلى مقر الشركة. ومنه انتقل إلى زملاء لها أحدهم كما عرف العلماء فيما بعد كان يتناول غداءه في مقصف الشركة ولم تكن تربطه أي صلة بالمريضة الصينية.


والحادث الذي وقع في 22 كانون الثاني، وكان تعقبه عاملا ساعد ألمانيا في كسب وقت في غاية الأهمية لبناء دفاعاتها في مواجهة المرض. ويقول العلماء إن الوقت الذي كسبته ألمانيا ربما أنقذ أرواح بعض الناس.


وبذلك تكون أول حالة لانتقال الفيروس في المانيا ظهرت في وقت سابق على ظهورها في إيطاليا، إذ كانت أول حالة تكتشف لانتقال المرض محليا في إيطاليا في 21 شباط.


في ذلك الوقت كانت ألمانيا قد بدأت حملة إعلامية وأطلقت استراتيجية حكومية للتعامل مع الفيروس اعتمدت فيها على إجراء اختبارات الكشف عن الفيروس على نطاق واسع.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=70809