مجتمع

"الوعي الجمعي" بحضرة نحن وليس أنت وأنا.. ننجو معاً أو نهلك معاً


الاعلام تايم _ د. خيرية أحمد

 

"النظرة إلى العالم هي أحد جوانب الوعي، وهي تشمل المعتقدات والافتراضات والمواقف والقيم والأفكار التي تشكل نموذجاً شاملاً للواقع، وهي تشمل أيضاً صياغات وتفسيرات الماضي والحاضر والمستقبل" مقولة للباحثة مارلين شليتز، تلخص ماذا حدث وما الذي يحدث الآن وما سيحدث لاحقاً، فجميع الأحداث تحكمها كلمة بحجم الحياة وهو "الوعي" الذي جوهره المعرفة، ويشير الوعي إلى الفهم وسلامة الإدراك، ويقصد بهذا الإدراك إدراك الإنسان نفسه والبيئة المحيطة به.


وهذا يعني فهم الإنسان ذاته والآخرين عند تفاعله معهم، وهنا يأتي الضمير الجمعي فهو الخطوة الأولى في سبيل تطوير وخلاص الأمة من أي قضية سلبية، ثم يأتي العمل الجماعي، فالأفراد يؤسسون الجماعة من أجل تحقيق الأهداف المشتركة، ويحرصون على أداء واجباتهم، وكلما زاد الانسجام بينهم كان الطريق أقرب إلى تحقيق الأهداف المشتركة، والعمل الجماعي من أجل أي قضية ليس سهلا وبالتأكيد لا يحدث تلقائياً، فهناك ضوابط أساسية ينبغي التقيد بها من أجل نجاح أي عمل جماعي.


الحفاظ على الثقة المتبادلة بين الأفراد الذين يعملون معا في إطار التصدي لقضية ما وتطوير هذه الثقة وبنائها بالوعي الجمعي يعتبر أحد العناصر المهمة في نجاح التصدي، فالثقة المتبادلة تنمي قيم التضحية وتحمل المسؤولية الجماعية، وتخفي الأنا مقابل الجماعة، فالمسؤولية جماعية والنجاح تعود نتائجه للجميع، كما الفشل أيضا، والواقع هو إما أن ننجو معًا أو نهلك معاً.


"نحن وليس أنت وأنا" أساس الوعي الجمعي الذي يشير إلى المشتركات بين الجماعة من عواطف وأحكام وأفكار وعادات سلوكية. كما تشير إلى عمليات التضامن الآلي والالتحام الذي يتم بين أعضائها.


الوعي الجمعي هو عبارة عن وعي الأفراد بالعلاقات الاجتماعيّة الرابطة بينهم وبتجاربهم المشتركة، وقد يتطوّر هذا الوعي وينمو ليحفّزهم على الاشتراك في تحمّل مسؤوليّة النهوض بمجتمعهم. وهو منسوب إلى عالم الاجتماع دوركايم الذي عرّفه بكونه: "مجموعة من المعتقدات والعواطف المشتركة بين الأعضاء العاديّين في مجتمع معيّن، التي تشكّل النسق المحدّد لحياتهم".

 

ولهذا الوعي وجوده الخاص المتميز فهو يدوم عبر الزمن ويعمل على توحيد الأجيال، يعيش بين الأفراد ولكنه يتميز بالقوة والاستقلال وبخاصة حينما تزداد درجة التشابه بين الأفراد.
فإحياء الوعي الجمعي وبكل ما فيه من ضوابط وتعليمات مشتركة يقي ويساهم في التطوير فهناك أمم تمكنت من الاستمرار بقوة واتساق وانسجام بالحفاظ على السمات الجماعية لها مثل الصين.


أما غياب الوعي الجمعي يؤدي إلى نشوء سلوكيات ومفاهيم غريبة بين أفراد المجتمع من اللامبالاة، وعدم النظر للأمور بجدية، وبالتالي يسود عدم الأمن والأمان بجميع الجوانب الحياتية الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وقد تنهار مجتمعات عندما تطغى الأنانية وحب الذات فكلما تمحور الإنسان حول ذاته، فقد بوصلته، وفقد تواصله مع الآخر، وانحرفت الأهداف المجتمعية المشتركة عن مسارها ولحقت الأضرار بآثار عميقة وبعيدة المدى.


وخير ختام مقولة الفيلسوف والكاتب والروائي "ألبير كامو" "الوعي يبدأ به كل شيء ولا قيمة لشيء من دونه".

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=13&id=70740