الاعلام تايم - الوطن
قد يكون عصرنا الراهن الذي نمرّ فيه اليوم هو الأكثر سطحية وسرعة وفوضى في تداول المعلومة وعدم التدقيق بمنشئها وموجباتها ومنتهاها، وقد ساهمت التقنيات الجديدة بهذه السرعة والسطحية إذ كان من المفترض أن توفر وسائل التقانة الحديثة وقتاً في البحث والسعي حيث نشعر بارتقاء الجودة وغزارة الإنتاج ولكن الذي حدث هو العكس تماماً؛ فكلما ازدادت وسائل توفير الوقت كما يدّعون رأينا الوقت يتبخر بسرعة قياسية، وشهدنا تردياً في نوعية المنتج وخاصة في المجالين الفكري والسياسي والأخلاقي.
فالحرب على سورية أخذت في البداية أشكال تظاهرات ومطالب بتغيير قوانين ومواد في الدستور، وخرجت المظاهرات واستحدثت الفوضى في الشارع، ولعب الإعلام الغربي والخليجي تحديداً دوراً أساسياً في إثارة الشغب وتشويه الحقائق واختلاق الصور من مناسبات أخرى وإلصاقها بما سموه «حراكاً»، وتمّ تحريك الجامعة العربية ومجلس الأمن كي تواكب قراراتهما الخطوات المرسومة والمنفذة على الأرض وفي مناطق مختلفة من البلاد. وركّز هؤلاء منذ البداية على تشجيع الهجرة عبر تركيا لخلق حالة إنسانية اسمها «اللاجئون»، كما ركز الإرهابيون من إخوان الشياطين المدربين والمسلحين من المخابرات التركية على احتلال المعابر مع تركيا، وبذلك فتحوا مئات الكيلومترات من الحدود مع تركيا لتهريب الأسلحة إلى الإرهابيين حيث أصبحت تركيا المصدر الأساسي لاستقدام السلاح والإرهابيين من كل أنحاء العالم، وإيصالهم إلى مختلف المناطق في سورية وتزويدهم بالمال والسلاح والإعلام والدعم السياسي. وقد أكد خبراء أتراك في حينه أن الإرهابيين من منظمات مختلفة لهم مكاتب شبه علنية في إسطنبول وغازي عنتاب، وأن الطائرات تقلّهم من كلّ جهات الأرض إلى تركيا ومنها يعبرون إلى كل أنحاء سورية. وطبعاً على المستوى الإعلامي والسياسي كانت تركيا الملاذ الآمن لكلّ من أراد التواطؤ ضد سورية وتغذية عمليات النهب والتخريب والدمار التي نفذها الإرهابيون من الخونة والمرتزقة المتأسلمين ضد السوريين ومعاملهم ومؤسساتهم ومصادر رزقهم وفي كلّ أنحاء البلاد. وخلال هذا الزمن ومنذ اللحظة الأولى كان أردوغان هو العقل الإجرامي المدبّر لتفكيك المعامل في حلب ونقلها إلى تركيا ونهب الثروات من الآثار السورية وتجريفها وبيعها للعالم وسرقة النفط السوري واستهداف حلب العاصمة الصناعية لسورية ونهب منشآتها، وأيضاً إجبار السوريين على الهجرة قسراً إلى تركيا وخاصة الحرفيين والمهنيين والمهندسين والأطباء لنقل المهن التاريخية التي يتقنها أبناء سورية إلى الأراضي التركية. ولعب أردوغان خلال السنوات الأولى من الحرب دور الذي زار المنزل واطلع على محتوياته وامتلأت نفسه حسداً وغيظاً تحضيراً لسرقته بأي طريقة من الطرق. ومنذ ذلك التاريخ وهدف كل خطواته ومراوغاته وأكاذيبه وتصريحاته هو الطمع المستميت في الأرض السورية والعراقية على وجه الخصوص، ودغدغة الحلم العثماني له والذي لم يفارقه أبداً متخذاً من ثنائية العثمنة وتبعية الإخوان المسلمين المذلّة لأطماعه العنصرية حلماً يراوده على مستوى المنطقة والعالم، ومن هذا المنظور يمكن لنا أن نعيد قراءة كلّ لقاءاته في أستانا وسوتشي وكلّ اتفاقاته التي وقع عليها هو أو ممثلوه على أنها محاولات لإيهام العالم بأنه يؤمن بسيادة الجمهورية العربية السورية على أراضيها وينقضّ ليقضم ما يستطيع قضمه من هذه الأرض بذريعة أو بأخرى، ولكن الحقيقة الساكنة في عقله الملوث بالعنصرية التركية هي احتلال الأراضي العربية واستعادة الاحتلال التركي لها. ومنذ اليوم الأول في هذه اللقاءات لم تقبل وفود الجمهورية العربية السورية التعاطي أبداً مع العثمانيين الجدد باعتبارهم قوة احتلال أجنبية على أرضنا، وحاولت روسيا جاهدة دفعه لتطبيق اتفاق سوتشي الذي بموجبه يجب أن يفرّق أردوغان بين الإرهابيين وما أسماه المعارضة المعتدلة، ويجب فتح الطريقين M4 وM5 وتنفيذ بنود أخرى لتحرير الأراضي السورية من الإرهابيين إلا أنه كان يراوغ ويخادع لأن حقيقة الأمر أن هؤلاء الإرهابيين هم أدواته منذ اليوم الأول، وحين تعرضوا للهزيمة النكراء على يد الجيش العربي السوري زجّ أردوغان بقواته ومعداته في المعركة التي هي معركته منذ اليوم الأول ولكن بأدوات وغطاء من الخونة والمرتزقة والأجانب.
|
||||||||
|