تحقيقات وتقارير

"بسطات" دمشق.. قصة معاناة ترسم المحافظة ملامح نهايتها


الاعلام تايم _ رنا الموالدي


تبدو على ملامحه علامات إنهاك السنين وفي عينيه حسرة على الزمان الذي ضاع بمرور شاق في البحث عن قوت يومه بعناء وتعب كبيرين.


العم "أبو محمد" رجل تجاوز الخمسين اضطر بسبب الحرب والظروف الراهنة إلى اتخاذ الشارع مكاناً للعمل من خلال"بسطة" لا تحتاج إلى رأس مال كبير أو دفع إيجار محل.. يعمل فيها خلال ساعات النهار ليستطيع تحصيل مايغطي احتياجات أسرته الصغيرة.


واقع تحدث عنه لموقع "الاعلام تايم".. يقضي يومه بنقاش مع الزبائن على الأسعار ومعايشة حالة أمزجة الناس المختلفة، وعينه على بعض اللصوص الذين يأخذون أحياناً مما في بسطته بطريقة مستفزة، مضيفاً "هذا العمل الشاق لا يمر دون مشادات كلامية مع البلدية وقد تم مصادرة البسطة أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية ".


هنا يباع كل شيء.. ملتقى أصحاب الدخل المحدود
ليس "أبو محمد" فقط الذي يقف لساعات طويلة تحت تقلبات الطقس المختلفة لإعالة أسرته، فأينما تجولت في شوارع دمشق ترى طاولات البضائع متراصة في حيز ضيق والكثير من الباعة افترشوا الأرض لعرض سلعهم المختلفة، من ملابس وأوانٍ منزلية وأحذية، إلى جانب الخردوات و العطور والمنظفات والأطعمة وكأنها خلية نحل كبيرة تتعالى داخلها أصوات أصحابها "الباعة" في استقطاب اهتمام المستهلكين بعبارات طريفة وغريبة، فيما يكتفي آخرون بالتعريف بسلعهم و ذكر أسعارها.


هذا هو واقع الحال في شارع الثورة والمزة شيخ سعد والشربيشات والبرامكة.. والتي ينطلق نشاطها عادة الساعة الـ8 صباحاً، حيث تنتشر البسطات العشوائية بشكل كبير وسريع وتسيطر على مساحات داخل الشوارع الرئيسية وبعض فروعها، ما جعل المواطنون المارون يعانون من شدة الازدحام ويطالبون الجهات الرسمية بوضع حلول عاجلة لهذه المشكلة، فالوجوه تعكس بوضوح الانزعاج من الانتشار المتزايد للبسطات التي تفترش الشوارع وتشغل الأرصفة في مختلف أحياء المدينة٠

 

لا ضرر ولا ضرار
في الوقت الذي اشتكى المواطنون من ازدياد البسطات العشوائية والقيام بعرض البضائع على الطرقات، قالوا: " لا ضرر ولا ضرار"هذه البسطات بالتأكيد هي مصدر الرزق الوحيد  للكثير من العائلات ولاسيما المهجرة، كما أنها وفي ذات الوقت الملاذ الوحيد لمن يقصدون المكان ،حيث قالت لنا سيدة إن فارق الأسعار بين السوق والمحلات كبير، وهو نفس رد كل من سألناهم، وأخبرونا بأن الأسعار تتماشى مع قدرتهم الشرائية وتعكس فعلياً واقع السواد الأعظم من المواطنين، بدليل أن الكثيرين يفضلون الشراء منه وبالأخص من طاولات الملابس المستعملة " البالة" فالبسطات أفضل بديل عن المحلات التجارية ، وفق"المتسوقون" ورغم ذلك هذه الظاهرة تحتاج إلى تنظيم من قبل الجهات المعنية وإيجاد أماكن مناسبة لهم٠

 

محافظة دمشق من "غض الطرف" إلى حل هذه الظاهرة
أياً من أحياء دمشق لا يخلو من البسطات شرقاً وغرباً، وهناك مواقع تكاد تكون مغلقة بالبسطات وبشكل دائم ويومي، فمكافحة البسطات وإزالتها ليس أمراً جديداً، وعلى مدار السنوات الماضية ومحافظة دمشق تقوم بمكافحتها باعتبارها قطاع غير مرخص، وتؤثر سلباً على أصحاب المحلات التجارية التي تقوم بدفع الرسوم والضرائب، فأخبار حملات البلدية في تسيير دوريات لقمع كافة المخالفات على الأملاك العامة بكافة الطرق المنصوص عنها وفق القوانين والأنظمة الناظمة أحد "ثوابت" نشرة المحليات اليومية.


الاعلام تايم واكب ما أطلقته محافظة دمشق مؤخراً عبر وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي لأصحاب الإشغالات المخالفة من (أكشاك) - بسطات غير المرخصة أنها ستباشر حملة مكثفة لإزالتها بشكل فوري، وأنها ستتخذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين وفقاً للأنظمة والقوانين بلقاء مديرة دائرة الخدمات في المحافظة ملك حمشو للوقوف على جدوى هذه الحملة وآلياتها وشمولية معالجاتها والصعوبات التي تواجهها وغير ذلك.


حمشو أكدت أن موضوع الإشغالات على الأملاك العامة سواء أكانت أكشاك - بسطات أم إشغال الأرصفة من قبل بعض أصحاب المحال التجارية والمطاعم قديم جديد تعاني العاصمة منه منذ زمن طويل والمحافظة "تساهلت" مع أصحاب البسطات نتيجة الظروف الاقتصادية والحرب التي يمر بها معظم أبناء الوطن وخاصة المهجرين، لكن سرعان ما تجاوز أولئك الباعة المساحات المسموح بها، ما تسبب بإعاقة للحركة المرورية في الشوارع الرئيسية، بالإضافة إلى تراكم المخلفات وتبعاً تشويه العاصمة.


وعليه تابعت: "محافظة دمشق وبعد عودة الأمن والأمان أعدت خطة جديدة لمكافحة كافة الإشغالات ضمن المدينة سواء إشغالات المحال التجارية أو المقاهي أو المطاعم وتجاوزات الأكشاك والبسطات غير المرخصة وجاء في تعبيرها أن الحملة ستكون "صارمة" جداً في مكافحة هذه الظاهرة التي تعاني منها دمشق.


وأعادت حمشو تأكيدها بأن، المحافظة تقوم بواجباتها وتبذل كل جهودها للحد من الظاهرة، مبينة أن هذه الحملات ليست لقطع "الأرزاق" فمن حق كل رب أسرة تأمين معيشة عائلته، وهذه البسطات بالتأكيد هي  مصدر الرزق الوحيد  للكثير من العائلات ولاسيما المهجرة، لذا أعادت المحافظة النظر بجملة من الإجراءات والسياسات المتعلقة بأصحاب البسطات مراعاة للظروف المعيشية الصعبة وبما لا يتسبب بالضرر العام، فالمحافظة تسعى لنقل البسطات من الشوارع الرئيسية والعامة إلى أسواق مخصصة لهم ضمن مساحات منظمة ومدروسة وبرسم مالي يستوفى من المستفيدين، مبينة أنه تم تحديد عدة مناطق يتم تجهيزها ليصار لاحقاً إلى إزالة كل الإشغالات غير النظامية عن الأرصفة في مدينة دمشق نهائياً، وصون المظهر الجمالي للمدينة.

 

لأصحاب المحال التجارية والمطاعم مسموح بشرط؟
وعن إشغال الأرصفة من دون ترخيص من قبل بعض أصحاب المحال التجارية والمطاعم، بيّنت حمشو أن المحافظة تعمل لتنظيم هذه الحالة وفقاً للأنظمة عبر السماح لهم بإشغال ما بين 30 و 50 % من الرصيف من دون الإساءة للمظهر العام مع اعتماد نموذج وحالة جمالية معينة وذلك بعد أن يحصل طالب الإشغال على ترخيص من المكتب التنفيذي لقاء رسم مالي.


وختمت حمشو، أن المحافظة حريصة على مراعاة ظروف أصحاب البسطات وتنظيم مزاولة نشاطهم وتحقيق المصلحة العامة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها سورية جراء العقوبات الاقتصادية بما يسهم في تحقيق التنمية المنشودة والحفاظ رضى متلقي الخدمة، إضافةً إلى تسهيل حركة السير وتخفيف معاناة المواطنين .

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=69242