نافذة على الصحافة

لقاء البرهان بنِتنياهو في أوغندا “طعنةٌ” للثورة السودانيّة قبل أن يكون “طعنة” لفِلسطين


الاعلام تايم - رأي اليوم

 

قالت صحيفة راي اليوم في افتتاحيتها اليوم إن لقاء عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السودانيّ، برئيس وزراء الاحتلال الإسرائيليّ بنيامين نِتنياهو، في أوغندا واتّفاقهما على تطبيع العُلاقات بين البلدين، أصاب فريق تحريرها بحالةٍ من الصّدمة، ليس لأنّ الفريق البرهان تصرّف كديكتاتورٍ عسكريّ بادر باللّقاء من وراء ظهر شُركائه في الثّورة التي جاءت به إلى الحُكم والشعب السوداني مُفجِّرها، وإنّما لأنّ ارتِكاب هذه “الخطيئة” لن تحُل أزمات السودان بل ستزيدها تعقيدًا، وربّما ستُعيد البِلاد إلى حالةٍ من عدم الاستِقرار، وربّما التّقسيم أيضًا.


وأضافت الصحيفة إن أزَمات السودان لم تأتِ بسبب انقِطاع عُلاقاته مع إسرائيل وعدم التّطبيع معها، بل بسبب الفساد وغِياب الحُكم الرشيد، والحُكومات العسكريّة التي أوصلته إلى هذا الوضع، حيت لا دولة، ولا مُؤسّسات، وفساد مُستشرٍ أهدر ثرَوات البِلاد، ولا نعتقد أنّ ذريعة التّطبيع ستُغيِّر هذه الحقيقة.


وأشارت رأي اليوم الى أن الأمريكان خدعوا السودانيين عندما أوعزوا لعسكر السودان أنّ المخرج الوحيد من كُل أزَمات البِلاد هو انفِصال الجنوب، فبلعوا الطّعم، ورَضخوا، وقَبِلوا بهذا الانفِصال، وخسِروا ثُلت أراضيهم، وكُل الثّروات النفطيّة بالتّالي، وازدادت الأزَمات تفاقُمًا وتضاعفت مُعدّلات الفقر، ولم يتم رفع الحِصار، وبقِيَت العُقوبات.


ولفتت الصحيفة الى أن السعودية الحليف الأكبر لأمريكا في المِنطقة أقنعوا الرئيس البشير، قائد ثورة الإنقاذ السودانيّة، بأنّهم سيستخدمون عُلاقاتهم الخاصّة مع واشنطن لإخراج السودان من لائحة الإرهاب، ورفع العُقوبات الاقتصاديّة الأمريكيّة، علاوةً على عشَرات المِليارات من الدولارات لإنعاش الاقتصاد والميزانيّة السودانيّة، والمُقابل هو إرسال 15 ألف جندي سوداني للتورّط في حرب اليمن، وقتل الآلاف من الأشقّاء اليمنيين الفُقراء المُعدَمين الأبرياء الذين يُصنَّفون بأنّهم الأقرب إلى أشقائهم السودانيين جُغرافيًّا وإنسانيًّا.


وأضافت أن المِليارات لم تَهطُل على الشعب السوداني بعد تحويل جيشه إلى مُرتزقة، وإنّما جرى اختِصارها بـ 150 مليون دولار نقدًا ذهبت كرشوةٍ إلى الرئيس عمر البشير، وجرى العُثور عليها في منزله بعد اقتِحامه، واستمرّ السودان على قائِمة الإرهاب، وبقيت العُقوبات الأمريكيّة على حالها في انتظارِ خديعةٍ جديدةٍ، ولدغة ثُعبان أخرى، ومن الجُحر الأمريكيّ نفسه، ولكن هذه المرّة في أوغندا، وتمثّلت في لِقاء الجِنرال البرهان ونِتنياهو، وبترتيبٍ إماراتيٍّ للأسف، حيثُ جرى مُناقشة التّطبيع وتبادل السّفارات والسّفراء، حسب الإعلان الإسرائيليّ وصحيفة “الواشنطن بوست” الأمريكيّة.


وقالت الصحيفة إن الجِنرال البرهان الذي لم يتورّع عن التفرّد بالقرار والإقدام على هذه الخطيئة، والجُلوس مع نِتنياهو لمُدّة ساعتين ومن وراء ظهر شعبه، ودون التّشاور مع شُركائه في الحُكم الذين تزعّموا الثّورة السلميّة، وقادوا عمليّة التّغيير، وأطاحوا بحُكم البشير الفاسِد.


وساءلت الصحيفة البرهان وكُل المُعسكر الدّاعم له: هل تحسّنت أوضاع مِصر وعمّها الرّخاء بعد توقيع اتّفاقات كامب ديفيد عام 1979، أم ازداد سُوءًا؟ هل رفع العلم الإسرائيليّ على مقرّ السّفارة وسَط عمّان بعد توقيع مُعاهدة وادي عربة جعل من الأردن وشعبه الأكثر رخاءً في المِنطقة، أم زاده فقرًا ومُعاناةً، وتبعيّةً لأمريكا وإملاءاتها صندوق النّقد الدولي وشُروطه المُجحِفَة؟


ولا ننسى الفِلسطينيين، أو بالأحرى قِيادة السّلطة، التي تحوّلت إلى أداةٍ للتجسّس على الشّرفاء في الأراضي المحتلّة، وحِماية المُستوطنيين والأمن الإسرائيلي، بعد توقيع مُعاهدة أوسلو، وانتهى بِها الأمر بصفقة القرن المُذلّة.


وختمت رأي اليوم بأن الشعب السوداني سيرفض هذه الإهانة التي تتعارض مع إرثه الوطنيّ وقيمه العربيّة والإسلاميّة، لأنّه يَعِي جيّدًا أنّ الابتِزاز الأمريكيّ الإسرائيليّ لن يتوقّف وسيستمرّ حتى يتم تفتيت السودان. أما بالنسبة للبرهان
بعد دعوته من مايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأمريكيّ، ، ربّما يُؤدّي إلى رفع العُقوبات، ولكنّه لن يُخرِج السودان من أزَماته وإنّما سيزيدها تعقيدًا.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=68797