تحقيقات وتقارير

طفلات أمهات.. في مواجهة آثار الحرب


الاعلام تايم _ نسرين ترك

 

تتعدد الأسباب التي تدفع كلا من الأهل وحتى الفتيات، وإن كانت موافقتهن ليست بالأمر الضروري للزواج المبكر.


تقول أم سلام عن سبب تزويج ابنتها في سن مبكرة بالقول: " تقدم لها عريس أوضاعه جيدة .. فقلنا نزوجها أفضل لنستر عليها". و ليست أم سلام وحدها من تفكر بعقلية "نستر عليها"، بل بات هذا الأمر يؤرق أغلب الأهالي في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.


"أجبِرتُ على الزواج وتعرضت للضرب"، هذا ما قالته الفتاة سلام، التي أجبرتها والدتها على الزواج، وهي في سن 14 عامًا، حيث تعرضَت للتعنيف المستمر، من قِبل زوجها وتعرضت للضرب عدة مرات، إلى أن انفصلت عن زوجها قبل شهرين.


اليوم لدى سلام طفلة وهي تعيش مع والدتها بغرفة في أحد ضواحي دمشق، وتعاني من الفقر والحاجة بسبب الظروف الصعبة.


تقول سلام لقد عانيت كثيراً، أنصح الأهل بعدم إجبار بناتهم على الزواج في سن مبكرة، وأنصح الفتيات بإكمال تعليمهن، وبأن لا يُقدمن على الزواج إلا بعد أن يمتلكن الوعي الكافي لذلك.
قصة " سلام"  ليست الوحيدة، فقد ذكر الأمم المتحدة في آخر تقرير لها، أن معدل ارتفاع الزواج المبكر عاد للارتفاع في سورية، رغم انخفاضه قبل العام 2011.


النتائج السلبية المترتبة على الزواج المبكر
يعتبر الزواج المبكر نوع من أنواع العنف ضد المرأة، لأنه يتم من خلاله حرمانها من فرصة التعليم الذي يُعد أساساً لتطوير المرأة، باعتبار أنه يجعلها على اطلاع بواجباتها وحقوقها.
وتبدأ مخاطر الزواج المبكر من الحمل والولادة، إضافة لمخاطر تأخر نمو الزوجة القاصر عن أقرانها. والأضرار الاجتماعية المتمثلة بابتعادها عن التعليم، التأخر معرفياً، والانفصال عن زميلاتها في المدرسة، وكذلك تعرضهن للاستغلال والعنف المنزلي.


كما أن هذا الزواج يسهل انتقال الأمراض التناسلية للفتيات، إضافة لزيادة الشعور بالتوتر، والإصابة بالاكتئاب، ناهيك عن مخاطر الإصابة بالاضطرابات النفسية.


إضافة إلى أن إنجاب المرأة للأطفال وهي بسن صغيرة، يمنعها من أن تكون مؤهلة لتربيتهم تربية صحيحة واضحة في ظل عدم وصولها للمرحلة التي تبلغ فيها النضج على مختلف المستويات.


تحاول منظمات المجتمع المدني بشكل مستمر محاربة ظاهرة الزواج المبكر، في مختلف المناطق السورية، من خلال حملات التوعية، حيث تقوم بعض المنظمات، بالتعاون مع المجالس المحلية وبعض رجال الدين، بتنظيم ندوات توعية للأهالي، كما تقوم مراكز الدعم النفسي بتقديم المشورة اللازمة بهذا الخصوص.


التعليم هو الوسيلة الأولى في تأمين الحماية الاجتماعية
تأتي ضرورة تعليم المرأة وتثقيفها، بغية تمكينها من إدراك حقوقها وفهمها، وليس فقط تعليمها القراءة والكتابة، ولكن تطوير مواهبها وإذكاء مؤهلاتها، فالمساواة بين الجنسين وإدماج الفتاة بالحياة الاقتصادية هي وسيلة لمكافحة الفقر، وهذا يؤدي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وإلى تعزيز دور ومكانة المرأة، وعدم اقتصار دورها على الدور النمطي بأن مكانها البيت وتربية الأطفال.


تمكين المرأة في المجتمع من أهم وسائل محاربة هذه الظاهرة
يتم العمل على تمكين المرأة من خلال منظمات المجتمع الأهلي وبالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان بطرق مختلفة منها تأمين المساحات الآمنة للمرأة.


تقدم عدة منظمات الدعمَ للفتيات في الجانب الاقتصادي، حيث تنظم دورات تعليم الخياطة والحياكة وأنواع أخرى من الأعمال التي تستطيع الفتاة لاحقًا الاستفادة منها اقتصاديًا، بحيث تتمكن الفتاة من الاعتماد على نفسها ومساعدة أهلها المرأة ليكون لها دخل باعتبار أن هناك الكثير من النساء أصبحن معيلات لأسرهن، لكيلا يلجؤوا إلى إجبارها على الزواج بذريعة الظروف الاقتصادية.


ليست سلام حالة فريدة في المجتمع السوري، بل هناك الكثيرات ممن عايشن معاناة مشابهة لما جرى معها، بانتظار تعزيز العمل على تغيير ثقافة المجتمع السائدة، وبانتظار تحسن ظروف المعيشة ومعالجة آثار سنوات الحرب الطويلة.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=68744