تحقيقات وتقارير

موجة غلاء الأسعار.. هل تنجح التجارة الداخلية في حماية المستهلك؟


الإعلام تايم - خاص


تعد الأسعار الهاجس الأكبر للمواطن، فالارتفاع الجنوني والمستمر للمواد بات حديث الشارع السوري، خاصة بعد الارتفاع المستمر سعر الصرف(الحجة الدائمة للمتلاعبين) و مكرمة السيد الرئيس بشار الأسد بمرسومي الزيادة على رواتب الموظفين والمتقاعدين ، وبات يعتبر البعض هذا الارتفاع مشكلة عويصة مستحيلة الحل، وخاصة في ظل الاستغلال والاستحكام وجشع التجار وقيامهم برفع الأسعار بدون مبرر بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب.

 

الأسعار في السوق..


خلال جولة لـ موقع " الإعلام تايم" على بعض أسواق دمشق، تم رصد الارتفاع الذي بدا واضحاً في أسعار سلة المستهلك، ليشمل المواد الاستهلاكية كافة.
في البداية تحدث لنا أحد المواطنين قائلاً الأسعار ارتفعت بشكل غير مقبول وخاصة المواد الغذائية التي يحتاجها المواطن بشكل يومي، مضيفاً عن هذا الغلاء جاء بعد زيادة الرواتب، وبحجة من البائع ارتباط الأسعار بارتفاع الدولار!.. لتؤكد السيدة، فتاة رضوان "موظفة" ، أنها باتت عاجزة عن شراء حاجتها من الخضار والفواكه بكميات تغطي حاجة أسرتها لأيام.


أما فاطمة أشارت الى رفع أسعار القهوة والزيوت النباتية والرز وتقول: "الأسواق صارت نار" بينما قال "أبو محمد" موظف.. هناك تفاوت في الأسعار بين محل وآخر لتصل لأكثر من ١٠٠ ليرة للكيلو الواحد كل بائع يبيع بضاعته بالسعر الذي يحلو له، ولا أحد يلتزم بلائحة أسعار التموين وعند سؤالهم لأحد الباعة عن سبب تذبذب الأسعار... وتفاوتها ، يجيب بـ جواب حضره لـ نفسه مسبقاً "الدولار عم يرتفع"، هنا نجبر على شراء الخضرة والفواكه بالسعر الذي يحدده البائع الذي لا يتناسب مع الدخل مع الاستغناء لبعض الاحتياجات منها.


وكان رأي الأغلبية أن الحل الوحيد لضبط الاسعار إصدار لوائح الأسعار من قبل مديرية التموين و إجبار أصحاب المحلات بكافة انواعها و وضعها في مكان واضح و مرئي للجميع.

 

التجارة الداخلية تشديد الرقابة وضبط المخالفات بزيادة الأسعار..


وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أعلنت عن حملة للتصدي لكل من تسول نفسه رفع الأسعار تحت حجة ارتفاع سعر الدولار، مشددة على جملة إجراءات من ضمنها إغلاق الفعالية إدارياً وبالشمع الأحمر في حال وجود مخالفة في الأسعار وغيرها إضافة لغرامات مالية.


وفي تصريحات صحفية لــ مدير حماية المستهلك المهندس علي الخطيب قال "الوزارة مستمرة بحملتها وأن عدد شكاوى المواطنين زاد بشكل لافت خلال الأيام الماضية، مشيراً إلى ارتفاع عدد الضبوط المنظمة في المحافظات فاقت المئات وإغلاق فاق الالف محل تجاري خلال الأيام الماضية..


بالرغم من الإغلاقات الكبيرة التي انتشرت في وسائل الاعلام كافة، ورغم تشديد الرقابة في الأسواق ومعاقبة التجار المخالفين لم يشعر بها المواطن المغلوب على أمره.. إلا أن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عاطف النداف اجتمع بأعضاء غرف التجارة السورية ومستوردي ومنتجي المواد الغذائية وأصحاب الفعاليات الاقتصادية وناقش واقع حركة البيع والشراء بالأسواق والسبل الكفيلة للحد من ارتفاع السلع وآلية الاستمرار بتوفير مختلف المواد الغذائية الأساسية الضرورية بأفضل المواصفات وبأسعارها الحقيقية، مشيراً الى أن مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالمحافظات لن تتساهل باتخاذ أقصى الإجراءات القانونية بحق كل من يحاول ارتكاب المخالفات تتعلق برفع أسعار المواد أو المنتجات الغذائية والاستهلاكية.


ولفت إلى أن ما شهدته الأسواق من فلتان وارتفاع في الأسعار في جميع المحافظات في الأيام الأخيرة لا مبرر له، وأدى الاجتماع الى سلسة من الإجراءات لضبط حركة البيع والشراء في الأسواق، ومنها إصدار صك تسعيري بالمواد الغذائية وإصدار نشرة أسعار كل 15 يوماً تتضمن أسعار المواد الغذائية الأساسية وفق أسعار الصرف الرائجة والتكاليف الحقيقة للسلعة ويعلن عنها عبر وسائل الاعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة والمواقع الالكترونية .


كما تم الاتفاق خلال الاجتماع على أن تتم مراقبة مدى التزام التجار بنشرة الأسعار المحددة واتخاذ إجراءات مشددة بحق المخالفين وأن تلتزم أصحاب الفعليات الاقتصادية بتداول الفواتير بين حلقات الوساطة التجارية بدءا من المستورد ثم تجار الجملة ونصف الجملة ثم بائع المفرق على أن يتم الغاء دور الموزعين في حال عدم التزامهم بنشرة الأسعار الموضوعة مع التأكيد على الاستمرار بمتابعة جودة ونوعية المواد المطروحة بالأسواق من قبل عناصر حماية المستهلك .


وأكد المجتمعون على أن تتضمن المواد الأساسية السكر والزيت والسمنة والأرز والشاي والبقوليات والسردين والطون وعلى عدم المساس والعبث بها والالتزام بتوفيرها للمستهلكين بأسعارها الحقيقية .


حجة التجار وأصحاب المحلات..


برّر بعض التجار.. ومنهم تاجر المفرق الذي وضع اللّوم على تاجر الجملة "سوق الهال" بأنه هو من يرفع الأسعار عليهم دون رقيب ولا يرضى البيع بفاتورة ويتهرب من إرفاقها.
وكان لأصحاب المحلات تبرير آخر بأن الشركات الموزعة ترفع أسعارها وبالتالي سيرفعون أسعارهم.

 

العوامل التي تتحكم بتحديد السعر؟


رئيس قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور عدنان سليمان أكد بأنه من المتعارف عليه انه عند كل زيادة في الرواتب تحاول وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ان تنشط جهازها الرقابي من أجل منع ارتفاع الأسعار، وبالتالي الحفاظ على القوة الشرائية للزيادة، قدر المستطاع، مشيراً إلى الدور الأساسي لمنع ارتفاع الأسعار ليس منوطاً بوزارة التجارة الداخلية وحدها، بل بالاتحادات المهنية وغرف التجارة والصناعة والزراعة ومؤسسات الرقابة، بمعنى أن الوزارة لا تستطيع أن تضبط الأسعار لان هنالك ما يسمى بالمنافسة، وبالتالي عندما يلتقي العرض مع الطلب هو الذي يحدد السعر.


ولفت إلى أنه في السوق تلعب تكاليف الإنتاج دوراً كبيراً في تحديد أسعار السلع، وبالتالي طالما أن هذه التكاليف متغيرة على الدوام بحكم الحصار والعقوبات الاقتصادية وإجراءات النقل والتأمين والشحن بالإضافة لعنصر متغير ومتحرك وهو سعر الصرف يلعب بحوالي 30-40 بالمئة من كلفة السلع، فإن أسعار السلع تزداد.
وبين أنه بدل أن تقول الوزارة والحكومة بأنها ستقوم بضبط الأسعار وهو أمر مستحيل، يجب أن تشتغل الحكومة على منع الاحتكار منعاً مطلقاً، واعتباره بمثابة الجريمة الوطنية.
وبين الأسعار الملتهبة التي أحرقت جيوب المواطن وأفرغتها من كل ما يسد قوته.. وحملة رقابية مشددة بإجراءات لا تحمل في طياتها أي تساهل مع المتلاعبين.. هل تنجح التجارة الداخلية في حماية المستهلك؟
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=66181