وجهات نظر

هل حققت واشنطن أهدافها ؟

أحمد ضوا


الاعلام تايم - الثورة


تتسم التصريحات الأميركية فيما يرتبط بالعديد من القضايا الدولية بالتناقض والاختلاف لدرجة أن يلمس المتابع لها الاختلاف في اليوم نفسه أو الساعة الواحدة بين مسؤول و آخر، ويمكن ملاحظة التناقض في تصريح لمسؤول من الدرجة الأولى أو الثانية من ساعة لأخرى.

 

الأمثلة لا تعد ولا تحصى على هذا السلوك الأميركي، ولا يجد المسؤولون حرجاً في ذلك حتى من رأس الهرم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وآخر مثال أثار عاصفة من الانتقادات وهو الاختلاف بين تصريحه حول قتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي وبين ما ذكره وزير الدفاع مارك أسبر عن العملية والمشاركين فيها وعدد القتلى.‏

 

وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو يقع هو الآخر في هذه الحالة إذ يقول: إن بلاده نجحت في تحقيق أهدافها في سورية في إطار تبريره لسحب جزء من القوات الأميركية، وفي الوقت نفسه يدافع عن إبقاء عدد لا يستهان به من العسكريين الأميركيين فيها .‏

 

التفسير المنطقي لتصريح بومبيو يأخذنا إلى اعترافه الضمني بأن هذه القوات المتبقية مهمتها سرقة النفط السوري وإطالة أمد اللا استقرار في المنطقة بانتظار أحداث وتطورات دراماتيكية على مستوى الأمن القومي الأميركي أو الانتخابات المنتظرة.‏

 

يعزز الهدف «اللصوصي» لإبقاء قوات أميركية في شرق سورية ما أعلنه رئيس هيئة الأركان العامة الأميركية، الجنرال مارك ميلي عن عزم بلاده احتلال منطقة بمحافظة دير الزور تضم منشآت للنفط والغاز وهو الأمر الذي يعكسه وجود القوات الأميركية في مناطق توزع آبار النفط في شرق دير الزور .‏

 

يصح ادعاء بومبيو نجاح بلاده في تحقيق أهدافها في سورية إذا كان يقصد بذلك ارتكاب المجازر بحق المدنيين ودعم الإرهاب وتدمير البنية التحتية للبلاد وسرقة الموارد الباطنية للشعبين السوري والعراقي وغيرها من الإعمال الإرهابية والإجرامية تحت غطاء التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب خارج إطار الشرعية الدولية.‏

 

إن من يحتفظ بذاكرة السنوات الأولى للحرب الإرهابية على سورية وخاصة في ولاية الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما يعلم أن الولايات المتحدة استخدمت كل وسائل الدمار والضغوط لتدمير سورية وتغيير نهجها السياسي، ولكنها أخفقت في تحقيق هذا الهدف وهو ما تحاول هذه الإدارة التعمية عليه كما فعلت سابقتها.‏

 

المتعارف عليه عالمياً أن البراغماتيه تشكل جزءاً كبيراً من جوانب السياسة الأميركية، والفيلم الهوليوودي في العلاقات بين واشنطن وأنقرة والتقلبات الشكلية والجوهرية التي برزت بعد إعلان النظام التركي شراء منظومة الدفاع الجوى الروسية إس 400 مروراً بالعدوان التركي على سورية يدفع للاعتقاد والقناعة بأن الأمر تجاوز أنماط هذه السياسة بما يعكس الخلاف والصراع المتصاعد داخل المؤسسات الأميركية والتي تتناولها وسائل الإعلام وأوساط القرار الأميركي بشكل يومي ومن مظاهرها إجراءات عزل ترامب في مجلس النواب الأميركي.‏

 

إن أحد أوجه منعكسات هذا الصراع بين أجنحة السلطة في الولايات المتحدة نشاهدها في الموقف المتناقض بين البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية والاستخبارات حول الوجود الأميركي في سورية، فالرئيس ترامب كان يريد سحب هذه القوات ليس لعدم شرعية وقانونية وجودها، وليس حرصاً على الجنود الأميركيين، بل لتكون ورقة رابحة في حملته الانتخابية للولاية الثانية، ورضخ لضغوط الخصوم بالاحتفاظ بجزء من هذه القوات بعد اتهامه بالرضوخ والهزيمة أمام الدور الروسي المتنامي في منطقة الشرق الأوسط والعالم.‏

 

في الأشهر القادمة ستحفل السياسة الأميركية بالكثير من التناقضات والصراعات بهدف تسجيل النقاط في سياق الصراع الانتخابي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وتبعات ذلك على السياسة الخارجية الأميركية سيحكمها التذبذب والتشويش، وما نراه من قرارات اليوم قد نرى عكسه تماماً في اليوم التالي، وما يجامل به ترامب الديمقراطيين قد يتخلى عنه في أي لحظة وخاصة إذا مضى خصومه في ممارسة الضغوط السياسية والقانونية عليه في عدد من الملفات الداخلية والخارجية.‏

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=65797