تحقيقات وتقارير

أمريكا.. تاريخٌ طويلٌ من التخلي عن الحلفاء


الاعلام تايم - خاص

 

انتقدت آمي أوستن هولمز في موقع مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية الأمريكي الغزو التركي لشمال شرق سورية وتخلي أمريكا عن حلفائها الأكراد هناك، معتبرةً أنّ الخيانة الأمريكية لقوات "قسد" تشبه إلى حدّ كبير ما حدث في كركوك قبل عامين، حيث استعادت القوات العراقية النظامية التي تدعمها الميليشيات الموالية لإيران، الأرض المُتنازع عليها في كركوك بعد استفتاء إقليم كردستان على الاستقلال، والذي كان سيسمح باستقلال الإقليم عن العراق.

 

وأضافت الكاتبة أنّ الرسائل الملتبسة التي أطلقها ترامب نحو سورية كانت أكثر غدراً، وقد أغرقت منطقة شمال شرق سورية في الفوضى، حيث بدأ الغزو التركي لمناطق الأكراد بالتزامن مع انسحاب القوات الأمريكية. واعتبرت الكاتبة أنّ العدائية التركية لطموحات الأكراد، وعدم رغبة الأمريكيين في مساعدة الأكراد الذين اتكلت عليهم واشنطن في هزيمة داعش، قد أديّا إلى بروز إيران كطرف رابح.


في حين اعتبر ديف ليندوروف في مجلة كاونتر بانتش الأمريكية أنّ ترامب خان الأكراد السوريين، لافتاً إلى أنّ واشنطن استخدمت أثناء فترة الحرب الباردة الأقليات والمجموعات السياسية المتمردة لتحارب معاركها في كل أنحاء العالم. واستعرض الكاتب الحالات الكثيرة التي تخلت فيها واشنطن عن الذين يساعدونها، بدءاً من "المونتاغنارد" في فيتنام الجنوبية، إلى أقلية "هامونغ" في لاووس، إلى "المجاهدين" في أفغانستان خلال العهد الشيوعي في البلاد، وصولاً إلى "الأكراد" في إيران والعراق، والآن في سورية.


وأوضح الكاتب أنّ الولايات المتحدة شجعت الأقليات مثل الأكراد على القتال في كل معارك أمريكا، والآن، كما فعلت مع أقليات جنوب شرق آسيا، فإنّها تترك أكراد سورية لمصيرهم. وأضاف الكاتب أنّ الوعد الذي قطعته الولايات المتحدة  لأكراد العراق بإقامة دولة كردية مستقلة في شمال العراق خلال الحرب على العراق تمّ نسيانه عند مغادرة القوات الأمريكية للعراق، والآن يتكرر الشيء نفسه مع الأكراد السوريين الذين تُركوا بمفردهم.


ورأى الكاتب أنّ ما حدث مع أكراد سورية ليس شيئاً جديداً، فأولئك الذين يقفون إلى جانب الولايات المتحدة في غزواتها ومعاركها للسيطرة على العالم  يجب أنْ يعرفوا أنّه سيتم رميهم كالنفايات حالما تقرّر الولايات المتحدة الانتقال إلى أشياء أخرى.


ويذكر التاريخ مجموعة كبيرة من الحكام والقادة من حلفاء واشنطن الذين تخلت عنها وباعتهم لخدمة مصالحها الخاصة..


شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي.. فقد سدت الولايات المتحدة أبوابها في وجه حليفها السابق الذي لم يجد مكانا يعالج فيه من داء السرطان إلا في بنما، قبل أن يستضيفه الرئيس المصري الراحل أنور السادات في القاهرة حيث لفظ أنفاسه الأخيرة طريدا وحيدا. يقول وليم سوليفان آخر سفير امريكي في ايران قبل رحيل الشاه في كتابه" أمريكا وايران ": " التفت الشاه نحوي وقال: ان هناك مؤامرة أجنبية تنشط ضدّي.. وأنا لا أستغرب أن يفعل ذلك السوفييت والانجليز لكن مما يحزنني من الاعماق أكثر من أي شيء آخر هو دور وكالة المخابرات الامريكية" سي آي ايه " في هذه المؤامرة ولازلت أسأل نفسي عن الاسباب التي جعلت المخابرات الامريكية تشترك في المؤامرة ؟.. ماالذي اقترفته ضد أمريكا حتى تعاملني بهذه الطريقة القاتلة " ؟


الرئيس السوداني الراحل جعفر النميري..  الذي لم يكن حاله أفضل من شاه إيران حيث رفضت الولايات المتحدة في عام 1986 استقبال الرئيس السوداني الراحل جعفر النميري على أراضيها ليكون لاجئاً  سياسياً بعد ثورة السودانيين عليه، وتناسى الأميركيون ما أسداه لهم نميري من خدمات لا سيما دفنه المزعوم لنفاياتهم النووية في بلاده, ومساعدته في ترحيل يهود الفلاشا من إثيوبيا إلى فلسطين المحتلة.


الرئيس العراقي صدام حسين...  فقد تنكر الامريكيون لصدام بعد ان ايدوا انقلابه على السلطة في العراق ودعموا نظامه بل وزودوه بأسلحة كيماوية محرمة دوليا ولا يخفى على احد ان السياسة الامريكية وهذا معروف للجميع هي التي صنعت وعملت نظام صدام الدكتاتوري حيث سكتت عن اعماله الارهابية وحروبه العدوانية قبل ان تنقلب عليه وتقرر اهدار حكمه ودمه وشعبه وثرواته في اطار استراتيجية جديدة رسمتها بالتعاون مع حليفتها اسرائيل لم يكن له فيها اي دور بل بدا كمعوق لها يتعين ازالته !!


الرئيس المصري حسني مبارك ..... ذكر  دميترى ميدفيديف، رئيس الوزراء الروسي، إن الولايات المتحدة الأمريكية تخلت عن الرئيس المخلوع حسني مبارك وتركته بمفرده على الرغم من تعامله معها بإخلاص. وقال ميدفيديف إن أمريكا جعلت نهاية مبارك مؤسفة، وتركته بمفرده في نهاية الطريق ليواجه مصيرا مؤسفا ومحزنا بعد أن خذله الأمريكيون مما فتح الطريق لنمو قوى التطرف.


الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي...  تخلت أمريكا عنه رغم أن  له سجلاً حافلاً في خدمتها داخل وخارج بلاده، وذكرت تقارير صحفية أن فرار الرئيس التونسي السابق جاء عقب إيعاز واشنطن لقائد الجيش رشيد عمار بترك بن علي يسقط. فقد تخلت أمريكا عنه فور تقديرها أنه أصبح عاجزا عن القيام بالمهام التي من أجلها تدعمه، وبعد أقل من عشر دقائق من إقلاع طائرة بن علي لتغادر تونس إلى الأبد، توجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتحية الشعب التونسي وتهنئته بانتصاره لحقوقه،


الرئيس الليبي معمر القذافي... بدلاً من التفاوض حول إزاحة القذافي، قررت الولايات المتحدة تسليح ميليشيا ليبية  تابعة لتنظيم القاعدة بدعم من حلف شمال الأطلسي للإطاحة بالقذافي بالقوة.  “لم يكن هناك أي شك أو لبس في أن القذافي كان يرغب في التنازل عن السلطة”، يقول ويلدون من بنسلفانيا في مقابلة مع موقع “وورلد نت دايلي”.  ويُفصل ويلدون، الذي شغل منصب نائب رئيس لجنة القوات المسلحة ولجنة الأمن الداخلي، زيارته الخاصة إلى طرابلس في أبريل  2011 ، بالتساؤل استنكاريا : “هل كان القذافي مستعدا للتخلي عن منصبه؟” ليجيب  “بالتأكيد نعم ،و لا أشك في أن القذافي كان على استعداد لترك منصبه. لم تكن لديه شروط أخرى سوى أن يغادر  – وماسماها-  ‘كرامته’ محفوظة”. لكن المؤسسة الامريكية لا تفضل خيار السلم بقدر الخراب الذي تخلفه سياساتهم الكريهه في المنطقة. أما القذافي فقد تخلى عن برنامج تطوير الأسلحة غير التقليدية، وحارب الإرهاب، وتعاون مع الغرب وكان شرطيًا أمينا لهم على البحر المتوسط، ومع ذلك فلم يعرفوا له هذا الجميل، وقادوا حملة الإطاحة به، وأسهمت أمريكا في عثور الثوار الليبيين عليه بشكل أو بآخر وقتلوه.؛؛ واليوم يذبح الشعب الليبي من قبل هذه العصابات، التي تجوب المدن الليبية بكل حرية، ولا تدين بالولاء لأي حكومة ليبية”.


الرئيس الباكستاني برويز مشرف.... في عام 2008 ترك الرئيس الأميركي السابق جورج بوش أحد أبرز حلفائه وهو الرئيس الباكستاني برويز مشرف يسقط تحت وقع غليان الشارع الباكستاني, ليغادر مشرف السلطة دون يتحرك للأميركيين جفن وهو الذي حول باكستان إلى مركز متقدم للولايات المتحدة في العمل العسكري والاستخباري في حربها على ما يسمى الإرهاب،  فلقد تخلت أمريكا عن  جنرالها  وباعته بثمنٍ بخس دراهم معدودات وكانت فيهِ وفي غيرهِ من الزاهدين والمضحين؛ مع العلم أنه كان خادمًا مطيعًا لهم وجعل من الأراضي الباكستانية جسرًا للانقضاض على جارتها المسلمة أفغانستان؛ وجعل برويز مشرف من باكستان حديقة خلفية للمخابرات المركزية الامريكية وحربها المجنونة على الارهاب.... كل هذه "التضحيات" والتنازلات التي كانت على حساب كرامتهم الشخصية ومصالح شعوبهم الوطنية كلها لم  تشفع لهؤلاء القادة بأن ترحمهم الولايات المتحدة وتحفظ لهم كرامتهم وحياتهم.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=65061