وجهات نظر

مستقبل صراع اليوان والبترودولار؟!

د. حيان سلمان


الاعلام تايم - صحيفة تشرين


بدأت الصين ومنذ تاريخ 26/3/2018 وانطلاقاً من قوتها الاقتصادية وهي الاقتصاد الثاني في العالم، وقريباً نتوقع أنها ستتربع على عرش اقتصاد العالم، بالتوجه لإصدار سندات لشراء النفط بعملتها الوطنية (اليوان) وتجاوبت روسيا معها، وهي أكبر دولة منتجة للنفط في العالم، وكذلك إيران وفنزويلا وغيرهما، فهل هذا يعدّ مقدمة للتعامل مع (اليوان) في تسعير النفط ونصل إلى (اليوان دولار) ويتم إنزال الدولار عن عرشه الوهمي؟!، ويحل (اليوان دولار) تدريجياً محل البترودولار الذي اعتمدته السعودية كأكبر مصدر للنفط في اعتماد الدولار كعملة وحيدة في تسعير وتسويق النفط في سنة 1973 وربط النفط بالدولار كبديل عن (الدولار الذهبي) الذي اعتمد في سنة 1944 بموجب اتفاقية (بريتون وودز)، ولكن ألغي هذا القرار وفك ارتباط الدولار بالذهب بسبب مشكلات أمريكا الاقتصادية الكبيرة، ولاسيما بعد حرب فييتنام وبتاريخ 15/8/1971 في عهد (نيكسون)، وأطلق على هذا القرار في وقته (صدمة نيكسون)، وكانت أكبر عملية خرق مالية في التاريخ الاقتصادي العالمي، ومع التبعية المطلقة للسعودية لأمريكا وتأثيرها الكبير في صياغة قرارات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) فقد تم اعتماد الدولار في هذه المنظمة منذ سنة 1975، وبدأت أمريكا مباشرة تطبع دولارها بدون حسيب أو رقيب وبدون تغطية ذهبية او إنتاجية لإصدارها النقدي وربطت تغيرات أسعار النفط بأمنها القومي وتتوجه لتعزيز سيادتها على السوق النفطية العالمية، وكمثال على ذلك قرار الرئيس الأمريكي السابق (باراك أوباما) سنة 2015 برفع الحظر عن صادرات النفط الأمريكية وإلغاء الرئيس الحالي (دونالد ترامب) قوانين البيئة التي وضعها سلفه (أوباما) والمتعلقة بصناعة التنقيب عن النفط في المحميات الطبيعية الأمريكية…الخ، وتدرس الإدارة الأمريكية حالياً تطوير استراتيجيتها النفطية المعتمدة منذ تسعينيات القرن الماضي التي تتجسد في /3/ مسارات أساسية وهي:


المسار الأول: زيادة إنتاج النفط وتقديم حوافز إنتاجية وتخفيف القيود البيئية المفروضة عليه.
المسار الثاني: زيادة التنسيق بين أمريكا مع الدول المجاورة لها مثل كندا والمكسيك وحتى فنزويلا.
المسار الثالث: تقليص المستوردات النفطية وتنويع مصادر تأمينه مثل بحر قزوين وأفريقيا وغيرهما.


ويترافق تطوير هذه الاستراتيجية مع السعي المستمر للإدارة الأمريكية لإيجاد (شرطي) يحمي مصالحها واستمرار التعامل بالبترودولار فقط، ومن هنا نتفهم التوجه لإرسال القوات الأمريكية إلى الخليج العربي الذي يمتلك /65%/ من حجم الاحتياطيات النفطية العالمية، ويتوقع الكثير من المحللين الاقتصاديين على أن الصراع على الموارد بشكل عام وعلى السلعتين الاستراتيجيتين (النفط والغاز) بشكل خاص العامل الأساسي في الخلافات الدولية للقرن الواحد والعشرين، وعلى أن (الرأسمالية النفطية) ستمارس الدور نفسه في توجيه السياسة الأمريكية الذي مارسته (رأسمالية المناجم) قبل اكتشاف النفط في توجيه السياسة البريطانية، فهل تتغير الموازين الدولية الحالية كما تغيّرت بين بريطانيا وأمريكا منذ نهاية الحرب العالمية الأولى؟ وهل تسعى الدول الكبرى (الصين وروسيا وإيران وغيرها) لوضع حد للسيطرة الأمريكية البترودولارية، أم ستستمر أمريكا في التدخل الكبير في منطقة الخليج والعراق وأفغانستان (قزوين) وفنزويلا وإيران وسورية وروسيا وليبيا والجزائر والسودان وخلق بؤر توتر في الدول المتشاطئة مع البحر الأبيض المتوسط بعد أن أكدت الدراسات اكتشاف كميات كبيرة من الوقود الأحفوري فيه، ويتم هذا انطلاقاً من السياسة الأمريكية وهي أن ضمان السيطرة على الوقود الأحفوري يعني اقتصادياً القدرة على السيطرة الاقتصادية والتجارية وممارسة الضغوط على الدول المعادية لها وفرض الأسعار التي تراها مناسبة بما يخدم سياستها الاقتصادية، وتالياً التحكم في أسعار أغلب أو كل السلع والخدمات والمؤشرات الاقتصادية لأن تغير أسعار النفط يؤثر فيها جميعاً، وهذا يخدم السياسة الأمريكية ويساعدها في إثارة المشكلات المجتمعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، انطلاقاً من أن الأسعار هي ترمومتر وميزان حرارة المجتمع الاقتصادي وحتى الاجتماعي، ومن هنا يظهر الدور الكبير لشركات النفط الأمريكية في فوز الرؤساء الأمريكيين إلى البيت الأبيض، فهل نتحول من البترودولار إلى (اليوان دولار) أو غيره من العملات الأخرى، وعنها ستتغير المعالم الاقتصادية العالمية بحكم تغير موازين القوة، وهذا ما نتوقعه وإن غداً لناظره قريب.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=62728