وجهات نظر

الانتخابات الصهيونية المقبلة واستمرار دوامة الأزمات المستعصية

تحسين الحلبي


الاعلام تايم _ تشرين

 

يبدو أن الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 17 أيلول المقبل بدأت تتأكد فيها عملية تنافس على استقطاب طائفي متزايد بين «الشرقيين» و«الغربيين» من قبل متزعمي الأحزاب الكبيرة والصغيرة.. وأصبحت أشكال التحالف أو الائتلاف- بين عدد من الأحزاب المتوسطة والصغيرة في قوائم انتخابية مشتركة – تبرز بين الأحزاب التي اعتادت الاعتماد على الأصوات الانتخابية لهذه الطائفة أو تلك، فحزب العمل الذي لم يفز في الانتخابات الأخيرة التي جرت في نيسان الماضي إلا بستة مقاعد من مجموع 120 مقعداً، عاد إلى التقرب من اليهود الشرقيين من أصل مغربي، برغم أن قيادته انحصرت مدة طويلة باليهود الغربيين مثل غولدا مائير وشمعون بيريس وإسحاق رابين وغيرهم، وقرر رئيسه عمير بيرتس، وهو من أصل مغربي، ضم من تبقى من أنصار حزب غيشير (الجسر) الذي أسسه ديفيد ليفي، من أصل مغربي، إلى ائتلافه، برغم أن هذا الحزب لم يفز في الانتخابات الأخيرة بأي مقعد، علماً أن مؤسسه وأنصاره هم من المنشقين عن الليكود اليميني.


وبوساطة هذه السياسة يتطلع حزب العمل الذي يعد نفسه من أحزاب الوسط إلى ضم «السياسيين» إلى قائمته حسب انتمائهم الطائفي الشرقي وليس حسب مواقفهم وميولهم السياسية.. وفي المقابل يتنافس نتنياهو رئيس حزب الليكود – الذي يعد معقل اليهود الغربيين في اليمين مع حزب أزرق أبيض الحزب الثاني في عدد المقاعد على كسب السياسيين من الوسط اليهودي الغربي.
وفي المقابل يجد إيهود باراك رئيس حزب العمل في عام 1999 وهو من اليهود الغربيين والذي انشق عنه وشكل حزباً آخر باسم «اسرائيل الديموقراطية» نفسه الآن أمام فرص ضيقة لا تقدم له شيئاً إذا ما تحالف مع حزب العمل الذي لم يعد يقبل به ولا مع حزب أزرق أبيض الذي يرأسه ثلاثة جنرالات ليسوا بحاجة إليه في صفوف حزبهم، برغم أنه يحمل على نتنياهو وسياسته مثلهم، وهؤلاء الجنرالات يعرفون أن باراك فقد الأصوات الانتخابية المؤيدة له حين رحل لجمع الأموال من الشركات الاستخباراتية والعسكرية الخاصة التي أسسها في الخارج.


ولا شك في أن نظرة سريعة إلى المرشحين تبين لنا بشكل موضوعي أن الأحزاب الثلاثة الرئيسة – بقايا العمل والليكود وحزب أزرق أبيض التي جمعت معاً في الانتخابات الأخيرة 76 مقعداً- تبين أن متزعميها هزموا في العقدين الماضيين على يد المقاومة وحلفائها في جبهتي الشمال والجنوب وفي مقدمهم باراك الذي أجبرته المقاومة الوطنية اللبنانية على الاندحار من جنوب لبنان من دون قيد أو شرط عام 2000 حين كان رئيساً لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وبيرتس الذي مُني بهزيمة صارخة عام 2006 في جنوب لبنان أيضاً حين كان وزيراً للحرب في حكومة مشتركة مع إيهود أولمرت.. ويعد نتنياهو أكبر المهزومين في جبهتي الشمال والجنوب خلال السنوات العشر التي رئس فيها الحكومة وكان معه في هذه الهزيمة موشيه يعالون وزير الحرب الذي انشق عن الليكود وأصبح من قادة حزب أزرق أبيض، وفي هذا الحزب هناك مهزومان آخران هما رئيس الحزب بيني غانتس وغابي أشكنازي، اللذان مُنيا أثناء خدمتهما العسكرية بكل هزائم باراك وبيريتس ونتنياهو في العقدين الماضيين.


ولم يعد أمام المستوطنين سوى هذه التركيبة التي يجمعها قاسم مشترك هو هزيمتها في الميدان العسكري من ناحية وفي الميدان السياسي الذي جعلها الآن من الناحية الأخرى تواجه العجز في تشكيل حكومة ائتلافية وتتجه نحو التكتل الطائفي للبحث عن حلول للأزمة المستعصية الشاملة للمشروع الصهيوني.


ومن دلائل ومؤشرات استمرار المعضلات التي يواجهها الكيان الصهيوني في هذه الظروف أن آخر استطلاع للرأي نشره موقع (نيوز ون) العبري يبين أن 58% من المستوطنين يريدون التصويت للقوائم الحزبية نفسها التي صوتوا لها، و18% سيصوتون لقائمة مختلفة عما صوتوا لها في انتخابات نيسان الماضي، و19% لم يقرروا بعد و5% لن يصوتوا لأحد.


وفي التوقعات، يتبين أن 46% يعتقدون أن الليكود قد يفوز بأكبر عدد من المقاعد و38% يعتقدون أن حزب أزرق أبيض هو الذي سيفوز، ويرى 16% أن الحزبين سيفوز كل منهما بعدد المقاعد نفسها التي فاز فيها في السابق، وربما بزيادة مقعدين أو ثلاثة لهذا الحزب أو ذاك، وهذا يعني استمرار استعصاء الأزمة، وربما تفاقمها، بعد اشتداد التنافس الطائفي المزمن في هذا الكيان اللقيط.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=62382