نافذة عالمية

"أطفال الجهاد التائهون" عشرات العائلات الأوروبية تعاني زج أطفالهم في أتون الإرهاب


تناولت صحيفة (الفيغارو) الفرنسية في تحقيق للكاتب كلودي باراند نشرته أمس الثلاثاء 25 شباط/ فبراير تحت عنوان "أطفال الجهاد التائهون" معاناة عشرات العائلات الاوروبية جراء زج أطفالهم في أتون الإرهاب المصدر إلى سورية، مشيرةً إلى أن "آلافاً من الأوروبيين ومنهم قصر ومعظمهم من الفرنسيين تركوا أسرهم مرتابين وعاجزين".
وقال الكاتب باراند في تحقيقه: "إن القاسم المشترك بين آباء وأمهات الأطفال الذين ذهبوا لينضموا للقتال في سورية هو الاستغاثة واليأس الأعمى والمشاعر الصامتة أحياناً بسبب الخشية من عار مشاركة أولادهم في حرب الإرهاب".
ولفت الكاتب إلى ضرورة "كسر حاجز وعزلة العائلات وأن يسمح لهم بالكلام فذلك ضروري لأن أطفالهم ما زالوا مراهقين ولأن العمر ما بين 14 وعشرين عاما هو عمر الغزل وليس عمر الحرب والدم والموت".
وعرض الكاتب في سياق تحقيقه قصصاً متنوعة لعائلات أوروبية عانت من تداعيات هذا المجرى الخطر لأولادهم من بينها قصة مريم فرنسية الأصل التي روت تجربتها المريرة مع زوجها الذي تحول فجأة إلى "جبهة النصرة" الإرهابية المرتبطة بالقاعدة.
وقالت مريم التي تبلغ من العمر 25 عاماً وكانت تعيش حياة فتية سعيدة بعد أن حصلت على دبلومها.. "إن سلوك زوجي بدأ يتغير بعد تأثره بالمتطرفين وأتباعه نهج الحركات الأصولية، أنهم يمنعون الموسيقا ويرفضون أن تذهب بناتهم إلى المدارس"، مضيفة: "اتصل بي زوجي من مكان ما حيث يتواجد ضمن صفوف "جبهة النصرة" الإرهابية في سورية بعد أن خطف ابنتي مني وهي بعمر 18 شهرًا حيث دعاني للانضمام اليهم وكان يردد دوما "يجب أن تأتي إلى سورية" لقد أصبح عمر آسيا 21 شهراً، إنها أصغر رهينة لدى تنظيم القاعدة الارهابي".
وأكد الكاتب في تحقيقه "أن فرنسا تدفع ثمناً باهظاً لتصدير الجهاديين المحبين للحرب إلى سورية وكذلك بلجيكا أيضاً"، كاشفاً أن حي فيلفورد في بروكسل يعتبر من أكثر الأحياء الأوروبية عموماً والبلجيكية خصوصاً تصديراً للإرهابيين إلى سورية عبر تركيا وفق تسريبات وسائل الاعلام البلجيكية.
ولفت الكاتب إلى أن السلطات المحلية في هذا الحي تشير إلى انتقال 40 شاباً إلى سورية والانضمام إلى صفوف "جبهة النصرة" الإرهابية هناك.
ويعود الكاتب ليسرد قصة سميرة بلجيكية الجنسية المريرة مع ابنتها نورا بعمر 18 عاماً والتي اخذت تنحو نحو التطرف بعد أن تزوجت من شاب بلجيكي الذي أخذ يتبع نهج الحركة الاصولية ثم غادرا بلجيكا وانضما إلى "جبهة النصرة" الإرهابية في سورية وعلمت سميرة فيما بعد بمقتل زوج ابنتها في سورية بعد سبعة أيام فقط من وصوله اليها.
ويشير الكاتب إلى أن الأم البلجيكية ومنذ شهرين هي ضائعة ولم يعد لديها أخبار عن ابنتها الموجودة في سورية.
كما كشف الكاتب في سياق تحقيقه أن نسبة "الجهاديات" ضمن صفوف الارهابيين الاوروبيين في سورية بلغت عشرة بالمئة وحذر من أن الاطفال هم أرض خصبة للمتطرفين الذين يبحثون عن الأيادي الصغيرة ليرسلوهم إلى الحرب والذين لا يكلفونهم كثيراً موضحاً أن "المجندين يستخدمون وسائل عن طريق الإرهاب المعلوماتي".
وأشار الكاتب إلى أن عشرات العائلات ممن يأملون بعودة أولادهم "قصصهم تتشابه وتثير القلق والكل ذهبوا إلى الجهاد في سورية بين عشية وضحاها والكل تطرفوا بلمحة بصر" موضحاً أن "استجرار هؤلاء الفتية يجري أيضاً إما عبر الفيسبوك أو رؤية أفلام الفيديو وكذلك عبر الوعظ التي تجري في بعض الجوامع".
وبين الكاتب في ختام تحقيقه "أن يوم الرحيل المحدد لهؤلاء المتطرفين يكون فيه كل شيء منظماً بشكل جيد ويتم الحديث عن السفر إما إلى دبي للسياحة أو للعمل في البعثات الانسانية في الشرق الاوسط وبدل أن يذهب هؤلاء الشبان إلى مدارسهم وهم يحملون فوق ظهورهم حقائبهم فانهم يذهبون دون ترك أي كلمة إلى الجهاد في سورية".
وشكل موضوع تزايد عدد الغربيين الذين يتوجهون إلى سورية للانضمام إلى المجموعات الإرهابية المسلحة محور اهتمام الدول الغربية خلال الفترة الاخيرة حيث عقدت لهذه الغاية عدة اجتماعات على مستوى عال لمناقشة هذا الموضوع كان آخرها الاجتماع الذي عقد في بولندا مؤخرا وشارك فيه وزراء داخلية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واسبانيا وايطاليا وبولندا، وأكد في ختامه وزير الأمن الداخلي الأمريكي جيه جونسون أن "المسؤولين الأمنيين في أوروبا يولون اهتماماً خاصاً للمتطرفين في دولهم الذين يذهبون إلى سورية لحمل السلاح"، خصوصاً في ظل المعلومات المؤكدة عن سفر افراد من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا إلى سورية للقتال هناك في وقت يحاول متطرفون بشكل نشط تجنيد غربيين وادلجتهم واعادة إرسالهم إلى بلدانهم الأصلية لتنفيذ مهمات متطرفة".
وفي مقابلة مع صحيفة (الليبراسيون) الفرنسية نشرتها مؤخراً قال مارك هيكو الخبير في قضايا الإرهاب "إن ظاهرة انضمام الأجانب إلى المجموعات المسلحة في سورية لم يسبق لها مثيل" لافتاً إلى أن "عدد الأجانب الذين ذهبوا إلى سورية للقتال مع الجماعات الجهادية يقدر بين 12 و13 ألفاً".

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=2&id=5524