تحقيقات وتقارير

في مواجهة العنف الأسري.. "حلا" تبدأ رحلتها الجديدة مع الحياة


الإعلام تايم - نسرين ترك

 

بجسد ضعيف وروح أنهكها التعب تواجه "حلا" 20 ربيعاً الحياة مع ابنتها..  "لم يكن ذنبي" تعذّر على حلا أن تستطرد وقد غصّت بدموعها وهي تروي تفاصيل أعوام عاشتها تحت وطأة القسوة والعنف: "كنت أحلم بالذهاب إلى المدرسة واللعب مع أصدقائي إلاّ أن والدي اختار لي "السترة" بعمر الطفولة، فكانت حياتي عبارة عن فصول من القهر، لأن الضرب المبرح كان خيار زوجي في التعامل معي.. ولم أكن أدري سبب كل هذا العنف..! "


وتتابع.. لطالما كان يعتدي عليّ بالضرب والشتم في كل وقت، ولم أستطع التكلم لسنوات حفاظاً على حياتي الزوجية  ولأنه كان يهددني بحرماني من المصروف والطعام ويحدّ من حريتي ورغبتي بمتابعة تعليمي.. إلاّ أن صمتي زاد الأمر سوءاً فكان يعنفني بمزيد من الاعتداءات الجسدية والإهانات اللفظية".


تشيح بنظراتها نحو طفلتها الصغيرة وتستذكر بألم.. "يومها ضربني وركلني بوحشية إلى أن فقدت الوعي واضطر لإسعافي إلى المشفى.. وعند استجوابي أثناء التحقيق اتخذت قراري بعدم التنازل عن حقي وانتزاع حريتي".


بعد سنوات حصلت "حلا" على الطلاق ووجدت في المساحات الآمنة التي يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان في سورية على توفيرها للشابات والمراهقات ملاذاً آمناً، كما استطاعت عن طريق دعم الأخصائيين الاجتماعيين  تجاوز مرحلة التأهيل والمتابعة الصحية الجسدية والنفسية.


حيث تتيح المساحات الآمنة للنساء والفتيات بناء مجتمعات جديدة وشبكات دعم هنّ في أشدّ الحاجة إليها، والحصول على خدمات تتعلق بالعنف القائم على النوع الاجتماعي وخدمات التدريب المهني والدعم الاقتصادي، والخدمات الصحيّة والدعم الاجتماعي النفسي إضافة للدعم القانوني.


تفيض مجتمعاتنا بهذه الظاهرة لتعكس واقع مجتمع ومعاناة تعيشها المرأة كل يوم وسط صمت وتكتّم وخوف من "الفضيحة"، إضافة إلى الجهل بالقوانين المتعلقة بمعاقبة الجاني. وفي ظل الفوضى، تصبح الشابات والمراهقات أكثر عرضة للحرمان الاقتصادي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي والعواقب الكارثية للحد من حرية الحركة والعزلة الشديدة التي يسببها انهيار البُنى الاجتماعية.


وفي دراسة تأتي نسبة انتشار ظاهرة العنف الزواجي 25 إلى 60% من المترددات على أقسام الطوارئ في المستشفيات على مستوى العالم من النساء المتعرضات للعنف من أزواجهن،  وكانت أن أجرت الهيئة السورية لشؤون الأسرة دراسة عام 2010 على 5000 امرأة أعمارهم فوق 18 سنة  فكانت النتائج : العنف الجسدي 18% العنف النفسي 26% والعنف الجنسي 4%  أي أن أكثر أساليب العنف انتشاراً هي الجسدي بالصفع والضرب واللكم والدفع و..


فإلى متى ستبقى هذه الجرائم في مجتمعاتنا طيّ الكتمان، تحت ستار العيب والسترة فلا يطول المجرم أيّ عقاب لأفعال العنف، وكيف السبيل لردع مرتكبي العنف ما لم تتقدم المرأة بشكوى؟..


المرأة إرادة صلبة ترتدي جسداً طريّاً.. فلا ينبغي أن تجيد دور الضحية، فالدفاع عن حقوق الإنسان وعدم التفريط بها من الأساسيات والمبادئ، اليوم تملك "حلا" مشروعها الخاص كمشغل خياطة صغير ومسؤولة عن تأمين معيشتها مع طفلتها بالكامل، وتقول: تعلمت الاعتماد على نفسي وبدأت رحلتي الجديدة مع الحياة.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=55041