تحقيقات وتقارير

الأزمة الكورية بين الابتزاز واحتمالات الحرب


الاعلام تايم _ نسرين ترك


ظاهرياً كان من الممكن القول أن هناك بوادر لظهور مقاربة أمريكية جديدة للتعامل مع الأزمة الكورية تخللتها ملامح سلوكية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.


ومع اعتياد ترامب على  ممارسة "اللهو" السياسي حتى في القضايا الحساسة، وبين الابتزاز الأميركي، وعدم الثقة بالنتائج التي من الممكن أن تخرج بها القمة التي كانت مرتقبة بين الرئيس الأميركي ترامب، ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون، اختصر ترامب المسافات على نفسه، بإعلانه مؤخراً إلغاء تلك القمة، لكنه في نفس الوقت وبتصريحاته المعلنة حول سبب إلغاء القمة، ترك عملياً الأفق مفتوحاً لتنظيم قمة جديدة.


الدبلوماسي الأميركي السابق آرون دايفيد ميلر، أرجع أسباب ما حصل إلى الإعداد غير الكافي للقمة، وإلى قلة الانضباط بما يخص تصريحات نائب الرئيس مايك بنس، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، ولفت أيضاً إلى ارتفاع تطلعات ترامب والارتباك حول الخاتمة التي كان يجب التوصل إليها.


كما اعتبر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أن سبب إلغاء القمة هو عدم إمكانية التوصل إلى نتيجة ناجحة، فقد سارع البنتاغون إلى الإعلان عن الاستعداد للردّ على أي أفعال استفزازية من قبل كوريا الشمالية.


إلاّ انه وبعد عام عاصف من الأحداث مع بيونغ يانغ، والجهود الدولية لاحتواء الموقف، وصولاً إلى التفاهم بين الكوريتين الذي مهّد للقاء قمة أميركي ــ كوري شمالي، يبدو أن ترامب يحمي نفسه من نتيجة للقمة التي قد لا تكون مجدية له حالياً وزيادة الضغوط على كوريا الشمالية عقب تفكيك بيونغ يانغ موقعها للتجارب النووية (منشأة بونغي ري).


استعداد ترامب أكثر من سابقيه للمضي أبعد في الضغوط على الصين لاتخاذ قرارات مناهضة للموقف الكوري من برنامجه النووي، منحه الضغط عليها "الورقة الرابحة" في يد النظام الأمريكي، حيث يرى الخبراء أن هناك العديد من الأسباب التي ساعدت على تغيير كوريا الشمالية لموقفها، أهمها الضغط الذي مارسته أمريكا على العديد من الدول من أجل إقناع رئيس كوريا الشمالية على الجلوس معه على طاولة المفاوضات.


وبحسب مركز "سكوكروفت" للاستراتيجية والأمن التابع لمجلس أتلانتيك الأمريكي، "إن هناك عوامل عديدة وراء التحول الكبير في موقف كوريا الشمالية والولايات المتحدة. فهذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها بيونج يانج عقوبات اقتصادية شاملة، ويُمارس عليها ضغط بهذا الشكل، ما يرجح أنها تعيش الآن مشاكل اقتصادية تؤثر على نخبتها، وهي القاعدة الرئيسية لكيم جونج أون.. وفي المقابل، يبدو أنّ الـ25 اختبار صاروخي والـ3 تجارب نووية التي نفذها كيم جونج أون منحته ثقة كبيرة، وأشعرته بأنه قادر على ردع الولايات المتحدة، ما أثار خوف ترامب من إمكانية شنها هجوم حقيقي على أمريكا.
وبين التجاذبات السياسية وارتفاع حدّة الخطاب السياسي يُفتح المجال للشكّ الدائم والتخوف المستمر من قيام حرب نووية فعلية فيما بينهم غير أن التهديد الفعلي ليس إقليمياً فحسب..
ومن الواضح أن المفاوضات نفسها إن حدثت ستكون صعبة للغاية، مع إدارة ترامب للأزمة التي حملت الكثير من التهديد والوعيد ووضعت البلدين في مواجهة تهدد السلام العالمي وتوحي باحتمالات حرب نووية بطبيعة الحال الرابح فيها هو الخاسر.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=52337