الحدث السياسي

الجعفري: التحديات التي تعترض سيادة القانون نجمت عن الانتقائية وازدواجية المعايير التي تتبعها دول نافذة


أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن التجارب أثبتت أن التحديات التي تعترض سيادة القانون على الصعيد الدولي لم تنجم عن نقص في الآليات أو الصكوك الدولية وإنما نجمت بسبب الانتقائية وازدواجية المعايير التي تتبعها دول نافذة بعينها في تعاملها مع القانون الدولي وسعيها لفرض هيمنتها وقراراتها الأحادية على دول أخرى وانتهاج أساليب التدخل الفج وإثارة التوترات والفتن والتهديد باستخدام القوة أو استخدامها فعلاً واستنباط مفاهيم براقة تخدم مصالحها وتسييس مفاهيم أخرى قائمة فعلاً.
وقال الجعفري في بيان سورية الذي ألقاه خلال جلسة لمجلس الأمن أمس بعنوان "تعزيز سيادة القانون في حفظ السلم والأمن الدوليين"، إن اختيار نقاش موضوع تعزيز سيادة القانون في حفظ السلم والأمن الدوليين في الوقت الراهن يكتسب أهمية كبيرة لأن مسألة سيادة القانون وخاصة على الصعيد الدولي باتت تشكل مشغلاً حقيقياً للعديد من الدول وخاصة النامية منها حيث تم تحييد القانون روحاً في معظم الحالات ونصاً في حالات عديدة خدمة لتفسيرات وتأويلات تصب في مصلحة دول ومجموعات بعينها.
وأكد الجعفري أن سيادة القانون كل لا يتجزأ فمن غير الممكن التركيز على سيادة القانون على الصعد الوطنية فقط وتجاهلها على الصعيد الدولي فاحترام مبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة يمثل حجر الأساس لتكريس سيادة القانون بشكل عام.
وشدد الجعفري على أن من شأن احترام سيادة القانون على الصعيد الدولي خلق المناخ الملائم لتحقيق سيادة القانون على الصعد الوطنية فسيادة القانون على الصعيد الدولي كفيلة بالمساعدة في حفظ السلم والأمن الدوليين كونها تساعد في الحيلولة دون نشوب النزاعات وفي العمل العاجل لتسوية ما قد ينشب منها قبل تفاقمه.
وأشار الجعفري إلى أن غياب سيادة القانون على الصعيد الدولي من شأنه فتح الباب واسعا أمام التدخلات الخارجية في شؤون الدول وزعزعة استقرارها وهو أمر حصل وما زال يحصل للأسف منذ انتهاء الحرب الباردة.
وأوضح الجعفري أن الأزمة في سورية تمثل دليلاً واضحاً على سياسات التدخل السافر في الشؤون الداخلية للدول والعمل على تهديد أمنها واستقرارها ووحدتها وسلامتها الإقليمية من خلال قيام حكومات دول باتت معروفة للقاصي والداني بدعم وتمويل وتسليح عناصر إرهابية متطرفة ومرتزقة أجانب وإرسالهم إلى سورية ليعيثوا فيها فسادا وإرهابا وتدميرا.
وتساءل الجعفري:" هل ينبع هذا السلوك مما تدعيه هذه الدول من حرص على سيادة القانون وهل استهداف مؤسسات إنفاذ القانون من مراكز شرطة ومحاكم وسجلات مدنية وعقارية يأتي من هؤلاء الحريصين على سيادة القانون وهل يمكن اعتبار التدابير القسرية الأحادية الجانب التي تفرضها بعض الدول على سورية والتي تلقي بآثارها السلبية على معيشة السوريين وتعيق حصولهم على المستلزمات الأساسية لحياتهم تطبيقا لسيادة القانون، وهل يعتبر استمرار الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري المحتل والأراضي العربية المحتلة الأخرى وانتهاكاته المتواصلة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني تطبيقاً لسيادة القانون".
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إن الجواب على هذه الأسئلة واضح لا يحتمل التأويل أو التفسير وهو أن هذه الأفعال تمثل انتهاكاً صارخا لأبسط أسس القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومبادئ العلاقات الودية بين الدول والصكوك الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب.
وبين الجعفري أن الهدف الرئيسي من وراء إصدار القوانين وتوقيع المعاهدات واعتماد قرارات الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب هو ضمان الالتزام منذ البداية بالحيلولة دون انتشار الإرهاب ومكافحة ما وجد منه إلا أن بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن وخارجه صمت آذانها أمام مطالبات سورية المتكررة على مدى أكثر من عامين في بياناتها ومن خلال مئات الرسائل الرسمية باضطلاع الأمم المتحدة بمسؤولياتها في مواجهة التهديد الإرهابي الذي تتعرض له سورية دولة وشعبا والذي يمثل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم وتغاضت عن ضرورة تحقيق سيادة القانون من خلال عدم مساءلة حكومات الدول الأعضاء التي تقوم بدعم هذا الإرهاب بالمال والسلاح والفتاوى التكفيرية المتطرفة المقززة.
ولفت الجعفري إلى أنه وبعد أن استفحل الإرهاب في سورية وباتت آثاره تهدد أمن واستقرار دول أخرى ومنها قرغيزستان التي أعلنت قبل أيام توقيف شبكة من الإرهابيين العائدين من سورية والذين كانوا يخططون لأعمال إرهابية فيها بدأت بعض الدول متأخرة جدا في اتخاذ إجراءات لمعالجة آثار عدم التزامها بالصكوك الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب من قبيل سحب الجنسية من رعاياها المنخرطين في الأعمال الإرهابية في سورية ومنعهم من العودة إلى بلادهم وكأنها تقول لهؤلاء الإرهابيين واصلوا القتال في سورية إلى أن تقتلوا أو إلى أن ينقلكم من أرسلكم إلى سورية إلى دولة أخرى يراد زعزعة أمنها واستقرارها.
وقال الجعفري "إن الدول المصدرة للإرهاب والفكر الأعمى المتطرف وفي مقدمتها السعودية بادرت بعد انكشاف دورها الداعم للإرهاب الى محاولة تحسين صورتها لدى أوساط الراي العام العالمي من خلال اعتماد بعض التشريعات الصورية والتهديد بملاحقة الإرهابيين العائدين من سورية وليس المرسلين اليها ولكن هل يمكن أن يتبادر لذهن أي عاقل أن النظام السعودي واستخباراته كان غافلا عن التحاق آلاف المتطرفين السعوديين بما يسمونه (الحرب المقدسة) في سورية بمباركة من مروجي الفتاوى التكفيرية وبتحريض مباشر من وزير خارجية النظام السعودي".
وأضاف الجعفري إننا بتنا نسمع مؤخراً وبعد سفك دماء الآلاف من السوريين الأبرياء الكثير من التصريحات الصادرة عن وزراء الخارجية والأمن في الكثير من الدول تحذر من خطر الإرهابيين الذين ينشطون في سورية، ففي هذا السياق أكد مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر مؤخراً وجود نحو 20 إلى 26 ألف متطرف في صفوف المجموعات الإرهابية المسلحة التي تنشط في سورية منهم 7500 إرهابي أجنبي ينحدرون من 50 بلداً ومن بينهم عناصر من تنظيم القاعدة سبق لهم أن شاركوا في الحرب في أفغانستان وباكستان ويتطلعون لمهاجمة أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
وتابع الجعفري إن النائب في البرلمان الكويتي نبيل فضل تحدث مؤخرا أيضاً عن أن بلاده عانت منذ عقدين من الزمان فقد أبنائها في أفغانستان والشيشان بعد أن نجح المحرضون في التغرير بهم وإرسالهم للقتال تحت مبررات وصفوها بالشرعية وأن الكويت لا تزال تستقبل جثث القتلى من أبنائها الذين تم إرسالهم بنفس الفتاوى المضللة إلى سورية في حين نبه زميله صالح عاشور من أن ما لا يقل عن 20 ألف مقاتل خليجي وعربي اتخذوا القرار بالانتقال إلى الكويت بعد الانتهاء من أنشطتهم الإرهابية في سورية مشيرا إلى أن "التحولات الميدانية في الساحة السورية بدأت تتغير سريعاً مع الضغط على غير السوريين للخروج من الصراع الدائر هناك".
وأوضح الجعفري أنه وبدلاً من أن نسمع عن جهد لإعلاء سيادة القانون وتنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب تطالعنا وسائل إعلام أمريكية بأنباء عن اجتماع سري عقد في واشنطن مؤخراً وضم رؤساء أجهزة استخبارات عربية وغربية بعضها أعضاء في مجلس الأمن لتقديم دعم عسكري لما يسمونه بالمعارضة السورية في خروج سافر عن أحكام ومبادئ القانون الدولي.
وأكد الجعفري في ختام بيان سورية دعمها للجهود الهادفة إلى تعزيز سيادة القانون على المستويين الدولي والوطني، مشيراً إلى أن تقديم المساعدة لهذا الغرض يستوجب حكما الامتناع عن تحويل هذه المسألة إلى أداة من أدوات الضغط السياسي أو استخدامها كذريعة للتدخل في شؤون الدول أو الانتقاص من سيادتها.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=1&id=5233