تحقيقات وتقارير

واشنطن "تعد للعشرة" قبل أي عدوان على سورية


الاعلام تايم _ لمى محمود


تصاعدت حدة التصريحات الإعلامية بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، ما أدى الى شحن الأجواء قبيل احتمال بدء الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية بعدوان ضد سورية، وبعد تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الموجهة إلى روسيا والتي تدعوها لاستقبال الصواريخ الجديدة والذكية .


لا شك أن أمريكا فقدت الكثير من أوراقها في المنطقة، وهو ما ينطبق على الأزمة السورية. ففي ظل ضعفٍ ميداني لحلفائها، وتراجع سياسيي في الخيارات، يبدو أن واشنطن قررت العودة من بوابة السلاح الكيميائي. في حين ينتظر الجميع ما قد تؤول إليه الأمور، خصوصاً بعد بروز معلومات تُشير الى وجود سخَط روسي إيراني من العدوان المحتمل، وتنسيق للجهود بينهم وبين الدولة السورية في محاولة لدراسة الوضع وتقييمه. فما هي الأسباب التي دفعت واشنطن لهذه الخطوة العسكرية ضد سورية؟  ولماذا تصر الولايات المتحدة الأمريكية على مزاعم استخدام الحكومة السورية السلاح الكيميائي؟، وهي تعرف أن الجيش السوري يحقق تقدما ميدانيا وليس بحاجة لاستخدام أسلحة كيميائية.


ما تفعله واشنطن، أمر غير مبرر واستغلال لحقوق الشعب السوري، وإن من يحاول إعادة الأزمة السورية الى ما قبل عام 2012، يجب عليه الالتفات الى أن الوضع الميداني في سورية اليوم، يختلف كثيراً عن تلك الفترة. حيث استعادت الدولة السورية الكثير من نقاط الميدان، وبات من الصعب تحقيق أي نصر ضد الجيش في ظل وجود دعم واضح من قبل روسيا وإيران بناءاً لاتفاقية التعاون العسكري بينهم وبين الدولة السورية. وهو ما يعني أن أي خيار سيكون له عواقب وخيمة إقليمياً ودولياً.

 

رأى مراقبون ومحللون وسياسيون ، أن الهدف الأساسي من وراء هذا العدوان هو انزعاج واشنطن من التقارب الروسي - الإيراني - السوري في الحرب ضد الإرهاب ، مؤكدين أن الملف الكيميائي هو واجهة أو عنوان تضعه الولايات المتحدة الأمريكية لتبرير انزعاجها وتهميشها في المنطقة، وبأن أمريكا تريد أيضا الحصول على المزيد من المكاسب من دول الخليج وتواصل تهديدها بالفزاعة الإيرانية المزعومة، كما تريد الحصول طبعا على دور كبير على الأرض بعد أن فقدت أدواتها التي رعتها طيلة الفترة الماضية ".


كما اعتبر المحللون السياسيون ، أن الرئيس الأمريكي ترامب يشعر أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق أوباما، لم تستطع إنهاء الملف السوري لصالح السياسات الأمريكية ، و الانتصار الذي حصل في الغوطة الشرقية، بمساعدة الحليفين الروسي والإيراني ، شكل ضربة قاصمة للولايات المتحدة والدول الغربية التي تدعم الإرهابيين في الغوطة.


وأكد المحللون بأن هناك بعض العوامل التي قد تؤجل العدوان على سورية وهي الخشية والخوف على "إسرائيل"، التي كانت تدعم الإرهاب في سورية، وما جرى من عدوان على مطار تيفور قبل أيام، خاصة وإن إيران موجودة بالقرب من "إسرائيل"، وهذا يشكل خطرا على "إسرائيل" ويؤرقها، ويجعلها تعد للعشرة قبل توجيه أي عدوان محتمل ضد سورية.

 

إلى ذلك، اعتبرت المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس الدكتور بشار الأسد الدكتورة بثينة شعبان، أن التهديدات الغربية ضد سورية هي محاولة لرفع السقف من أجل الحصول على مكاسب، مؤكدة أن دمشق وحلفاءها مستمرون بالتشاور ولن يتركوا الأمور تسير كما تريد واشنطن، وسنكون مستعدين لها إن وقعت وانتصار سورية سوف يغير خارطة المنطقة والعالم وإسرائيل ستكون الخاسر الأكبر.


وقالت شعبان خلال لقاء تلفزيوني إن " تحرير الغوطة الشرقية يمثل نقطة حاسمة في مسار الحرب على سورية، وهزيمة للمخطط الأمريكي الصهيوني في إنشاء شرق أوسط جديد،"، مشيرة إلى أن الغرب يمارس الآن حربا نفسية يريد من خلالها إظهار القوة بعد فشله"، وبأن هذا الجنون الغربي يصب في مصلحة الإرهابيين .


وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد دعا يوم الأربعاء، روسيا إلى الاستعداد، مؤكداً أنه سيقصف سورية بصواريخ ذكية وحديثة.


وقال ترامب في تغريدة على "تويتر"، "روسيا تعهدت بإسقاط أي صاروخ يطلق على سورية. استعدي يا روسيا إذن، لأن الصواريخ سوف تأتي حديثة وذكية".كما وصف الرئيس ترامب العلاقة مع روسيا بأنها "الأسوأ " مما كانت عليه في فترة الحرب الباردة.


ويأتي تصريح ترامب، عقب إعلان السفير الروسي في بيروت أن روسيا ستسقط أي صواريخ أمريكية تستهدف سورية وستقصف مواقع إطلاقها.


ومن جانبه رد الكرملين على تصريحات الرئيس الأمريكي ، واصفا إياها بأنها "دبلوماسية تويتر".


وشدد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في تصريحات صحيفة على أن موسكو كانت ولا تزال مقتنعة بأن المزاعم عن استخدام الأسلحة الكيميائية في مدينة دوما بغوطة الشرقية، مزيفة، ولا يمكن استخدامها كذريعة لاتخاذ أي خطوات عسكرية ضد سورية.


أما المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، أكدت أنه ليس هناك قرار نهائي لتوجيه ضربة إلى سورية وجميع الخيارات ما زالت مطروحة، موضحة بأن  ترامب لا يملك السلطة القانونية لتوسيع الحرب في سورية.
كما اعتبر زعيم المعارضة في البرلمان البريطاني جيرمي كوربن أن أي عمل عسكري تريد بلاده المشاركة فيه ضد سورية يستوجب مناقشته في البرلمان أولا.


ورجح كوربن خلال حديثه الحل السياسي للوضع في سورية: "من الواضح أن الوضع خطير جدا، يجب أن تكون هناك مطالبة بعملية سياسية لإنهاء الحرب في سورية، ولا يمكن أن نجازف بعمل عسكري كي لا يكون هناك تصعيد أكبر".


يأتي هذا في وقت أكدت فيه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن بلادها بحاجة إلى أدلة ملموسة على استخدام السلاح الكيميائي قبل الانخراط في حملة عسكرية ضد دمشق.
إلى ذلك أعلن السيناتور الأميركي بيرني ساندرز أن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يملك السلطة القانونية لتوسيع الحرب في سورية".، كما اعتبر أنه "لا يجب أن يتخلى الكونغرس عن مسؤوليته في قرار الحرب".
كما بين السيناتور الأميركي تيم كين، أي عمل عسكري يتخذه ترامب في سورية دون إذن من الكونغرس ولا يكون دفاعا عن النفس هو غير قانوني.


إذاً، تسعى واشنطن كعادتها لإظهار نفسها كحريصة على مصالح شعوب المنطقة، واليوم تعيش سورية نتائج الفشل الأمريكي في المنطقة، وعندما باتت واشنطن مُفلسة في رهاناتها تجاه الأزمة السورية، خرجت لتُعيد تحريك ورقة السلاح الكيميائي، والتي تبيَّن اليوم أنها مُفتعلة لتبرير الخطوة العسكرية الأمريكية تجاه سورية... في حين لا يعني ذلك تراجع الخيارات السياسية، حيث يمكن أن تستثمر أمريكا خطوتها العسكرية في ذلك. هذه هي القصة الحقيقية للتصعيد الأمريكي العسكري في سورية.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=51577