تحقيقات وتقارير

الباحث العسكري اللبناني أبي نادر للإعلام تايم: ما بعد الغوطة ليس كما قبلها


الاعلام تايم _ مارينيت رحال

كثرت تحليلات وتقديرات المتابعين حول تحديد  وجهة الجيش العربي السوري بعد تحرير الغوطة الشرقية ، حيث أن الاخيرة على الطريق النهائي لأن تعود كاملة الى حضن الدولة السورية، بعد أن دخل اتفاق التسوية في دوما حيز التنفيذ، من خلال بدء توجه الحافلات التي تنقل مسلحي "جيش الاسلام" وعائلاتهم  الذين رفضوا المصالحة، الى ريف حلب الشمالي.


الباحث العسكري اللبناني العميد المتقاعد شارل أبي نادر قال في لقاء خاص لموقع الاعلام تايم ، "استناداً لمسار الامور الذي فرض نفسه مؤخرا، و انطلاقا من الخارطة الميدانية التي رسمها الجيش العربي السوري مدعوما من حلفائه الروس و من حلفائه في محور المقاومة ، يبدو أنه  في الوقت الذي تتناقص فيه بشكل متسارع جغرافية سيطرة الارهابيين، تتوسع بالمقابل جغرافيا سيطرة الدولة السورية لتصل الى كافة المناطق التي خرجت من سيطرتها بعد الحرب الكونية التي شنت عليها."


و أضاف الباحث اللبناني "أبي نادر" أنه "لا شك أن الجيش العربي السوري يحضر المناورة الاسرع، عسكريا او عبر التسوية ، لتحرير البقعة الاخيرة من سيطرة المسلحين في القلمون الشرقي، ما بين الضمير، الرحيبة، جيرود و وادي مِحسّة، و حيث لا أفق لهؤلاء المسلحين في استمرار سيطرتهم  في تلك المنطقة بعد أن لمسوا نهائية قرار الجيش الحاسم، من المنطقي أن يلتحقوا بركاب رفاقهم في الغوطة الشرقية، مصالحة أو انسحابا .


و أشار "أبي نادر" الى أن "ناحية جنوب العاصمة المباشر ما بين مناطق  الست زينب  وجرمانا و داريا، في مناطق مخيم اليرموك و الحجر الاسود و حي القدم وببيلا وبيت سحم ، قد يسبق تنفيذ التسوية مع مسلحي تلك المناطق آخر مرحلة من تنفيذ تسوية دوما، حيث تعثرت الاخيرة بعض الشيء لأسباب، منها الانقسامات الداخلية في صفوف المسلحين ظهرت مؤخرا وتوسعت، حيث بدا أن عددا منهم رأى أن المصالحة مع الجيش أنسب من الانسحاب الى جرابلس ،  كما لوجود  صعوبة في تطبيق بنود التسوية المتشعبة حيث خرائط الالغام والانفاق وتسليم الاسلحة الثقيلة والمتوسطة، بالإضافة لتعيين المجلس المحلي الذي سينسق مع الروس ومع الدولة السورية لإدخال دوما رويدا رويدا في مسار العلاقة الطبيعية مع الدولة، و بخصوص ما تبقى من مواقع للمسلحين على طريق حمص حماه ، في مدينتي الرستن وتلبيسة ومحيطهما، يبدو أن الاهالي فهموا اللعبة أسرع من المسلحين هناك ، حيث طرد الاهالي في بلدة تقسيس ومحيطها المسلحين خارج المنطقة، و مع احتمال تزايد هذا الضغط الشعبي على المسلحين ، والمترافق مع إقرار و اقتناع هؤلاء بحتمية تحرير المناطق حيث ينتشرون ، بالإضافة طبعا لتحضيرات عسكرية من الجيش، فإن تلك المناطق لن تتأخر كثيرا لكي تتحرر وتعود الى سلطة الدولة بالكامل ".


و أوضح الباحث العسكري اللبناني أن ما ذكر أعلاه من مناطق يسيطر عليها المسلحون وهي عمليا على الطريق لأن تتحرر، مصالحة أو حسما عسكريا ، تعتبر مناطق بعيدة عن التأثير الخارجي المباشر، أو على الاقل غير مرتبطة مباشرة بالتعقيدات الاستراتيجية الدولية والاقليمية، و يمكن اعتبار موضوع تحريرها منتهيا، و اكتماله مسألة وقت فقط وغير بعيد، مشيراً الى أن المناطق في الجنوب ما بين درعا والقنيطرة، وفي الشمال في محافظة ادلب وبعض أرياف حماه الشمالية ، و في الشرق ، ما بين منطقة التنف و شرق نهر الفرات بالكامل حتى الحدود مع تركيا والعراق، فيمكن تحديد العناصر التي تبني عليها الدولة السورية مناورتها  لتحرير تلك المناطق على الشكل التالي :
جنوبا ..

من الناحية العسكرية والميدانية، لم يعد من مجال للمقارنة بين قدرات الجيش العربي السوري المتفوقة على المسلحين بشكل كامل، الامر الذي يؤمن لهذا الجيش الحسم العسكري الاكيد، وتبقى التعقيدات الاستراتيجية المتعلقة بالأردن و"إسرائيل" والولايات المتحدة الاميركية ، و حيث أصبح واضحا أن الاردن اقتنع بضرورة عودة سلطة الدولة السورية كاملة الى حدوده الشمالية مع سورية، لمصلحته الامنية والاقتصادية والاستراتيجية، يبدو أن "اسرائيل" بدأت تبحث عن المخرج الذي يؤمن حماية وحداتها المحتلة في الجولان السوري، عبر طلب عودة قوات الامم المتحدة لمراقبة الهدنة " الاندوف "، وذلك بعد أن اقتنعت أيضا بأن لا أفق لاستمرار سيطرة الارهابيين على المناطق المتاخمة للمنطقة التي تحتلها، كما وأن الولايات المتحدة الاميركية، لن تعارض وبالقساوة المعهودة، عودة الدولة السورية الى الجنوب السوري، خاصة اذا لمست اعتراف واقتناع أردني واسرائيلي بحتمية هذه العودة .

شمالا..

يبدو أن تركيا، صاحبة النفوذ الاكبر شمالا، في ادلب ومحيطها، سلكت بجدية هذه المرة مع الروس والايرانيين بتحقيق منطقة خفض تصعيد واسعة، تؤمن من خلالها الارضية الميدانية للسير بالمفاوضات المرتقبة بين المعارضة والدولة السورية، والتي اكتسبت مؤخرا ( المفاوضات ) غطاء دوليا قويا .
شرقا ..
حيث أنها المنطقة  التي حافظت طيلة الفترة السابقة على تعقيداتها الاستراتيجية، نظرا للاحتلال الاميركي فيها، ولتداخل التواجد العسكري الدولي فيها  مع "قوات سوريا الديمقراطية" الحالمة بكانتون انفصالي، لا شك أن مصيرها يتعلق بما يمكن أن يترتب عن القرار الاميركي بنية الانسحاب منها، والذي أعلنه الرئيس ترامب شخصيا" .


و ختم أبي نادر" من هنا ، وبمعزل عن التعقيدات الاستراتيجية التي تطبع المناطق السورية المذكورة جنوبا وشمالا وشرقا، لا شك أن ما لمسناه خلال كامل فترة الحرب على سورية من إصرار وثبات ، برهنته الدولة ممثلة بصمود قيادتها وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد،  وبذراعها القوي الصلب العنيد، الجيش العربي السوري، يعطي فكرة واستنتاجا واضحا و أكيداً ، أن الدولة السورية ستتحرر بالكامل وستعود تمتلك كامل جغرافيتها استنادا لحدودها الدولية المعروفة، وستستعيد كامل ثرواتها ومقدراتها و وجودها و دورها.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=51554