تحقيقات وتقارير

في الجولان.. هذا ما حدث 14 شباط 1982؟


الاعلام تايم _ خاص


لطالما أحيا أهالي الجولان المحتل ذكرى الإضراب الشامل والمفتوح ضد قرار كيان الاحتلال الإسرائيلي المشؤوم بضم الجولان للأراضي التي احتلها، وفي كل مرة يؤكدون تمسكهم بهويتهم العربية السورية الأصيلة وانتمائهم لوطنهم سورية وعدم قبول بديلاً عنها.. متشبثين بـ"لا بديل عن الهوية السورية ــ المنية ولا الهوية الاسرائيلية"..


وفي كل مرة يصدرون بياناتهم التي تأتي نسخة عن بيانهم الذي صدر بتاريخ 13/2/1982، متمسكين بهويتهم السورية، الا أنهم هذه المرة حيث الذكرى الـ36، نكهوا بيانهم وكتاباتهم بطعم النصر الذي حققه الجيش العربي السوري ويحققه في ميادين القتال ولا سيما الفرح الكبير بإسقاط طائرة العدو الإسرائيلي "اف 16"، عنوان غروره وعنجهيته في الجليل بعمق فلسطين المحتلة، مؤكدين أن "الجولان لن يكون إلا سورياً وفياً لقيم هذا الوطن وتاريخ الآباء والأجداد".


وأصدر كيان الاحتلال الإسرائيلي في 14 كانون الأول لعام 1981، قراراً جائراً بضم الجولان وتطبيق القوانين الإسرائيلية عليه وفرض "الهوية الإسرائيلية"، الأمر الذي جابهه أبناء الجولان بالقوة وأسقطوه وكان الإضراب الشهير في الـ 14 من شباط 1982 والذي دام ستة أشهر رفضاً للقرار المشؤوم.


وهذا ما حصل في 14 شباط 1982؟؟
إنه الإضراب الكبير الذي نفذه أهالي الجولان احتجاجاً على قانون "ضم الجولان" الذي سنه "الكنيست الإسرائيلي" في 14 كانون أول من العام 1981، والذي اعتبر مرتفعات الجولان السورية المحتلة عام 1967 جزءا لا يتجزأ من "إسرائيل". هذا الضم الذي افتقد ويفتقد إلى أية شرعية محلية كانت أو دولية.


لم يكن قرار الحكومة الإسرائيلية حينها ارتجالياً، وإنما جاء تحقيقاً لحلم قديم وتتويجاً لأطماع زرعت بذورها في كتابات الصهاينة الأوائل، الذين رأوا في الجولان كنزاً يجب ضمه إلى الدولة المزمع إقامتها. فقد ورد في كتابات دافيد بن غوريون، التي تعود إلى العام 1918، أن الدولة العبرية لا بد لها من أن تضم قضاء القنيطرة، ثم جاء وايزمن في مؤتمر سان ريمو عام 1920 ليقول بالحرف: "وضعت المنظمة الصهيونية، منذ البدء الحد الأدنى من المطالب الأساسية لتحقيق الوطن القومي اليهودي. ولا داعي للقول إننا لن نقبل، تحت ظرف من الظروف، خط سايكس بيكو، كأساس للتفاوض، لان هذا الخط لا يقسم فلسطين التاريخية ويقطع منها منابع المياه التي تزود الأردن والليطاني فحسب، بل يفعل اكثر من ذلك، إنه يحرم الوطن اليهودي بعض أجود حقول الاستيطان في الجولان وحوران، التي يعتمد عليها المشروع بأسره الى حد كبير".


ومنذ احتلاله 1967، دأب كيان الاحتلال على أن يمحي كل أثرٍ يدل على الجولان، فقام بتدمير القرى والمدن فأزال مئات القرى والمزارع إضافة الى مدن عن وجه الأرض، ليدّعي فيما بعد أن الجولان كان أرضاً بلا سكان، وأنه الأحق بالاحتفاظ به لأن لديها مشاريع لإعماره.


واستغل كيان الاحتلال حالة الإحباط العام الذي أصاب المجتمع بعد نكسة حزيران 1967، وحالة الخوف التي أصابت المواطنين، ثم بنى مشروعه على أوهام واستنتاجات خاطئة، ربما كان قد أقنعه بها بعض عملائه في المنطقة، وهي أن السكان ليسوا بحالة تمكنهم من معارضة أية خطوة تقوم بها "إسرائيل" لضم الجولان، وأنهم سيخضعون لأن لا حول لهم ولا قوة.


بدأت مشاريع الضم تتوالى على طاولة الحكومات الإسرائيلية. منذ 1976 حيث مشروع" إيغال ألون"، ومشروع "حزب مبام" الصهيوني، وتبعه عدد من الخطوات التمهيدية لقانون الضم. ففي العام 1979 وقّع 73 عضواً من أعضاء "الكنيست الإسرائيلي" على عريضة قدمت لحكومة الاحتلال تطالبها باعتبار الجولان جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل. وفي العام 1980 تم تعديل قانون "الجنسية الإسرائيلية"، بحيث مكّن القانون الجديد منح الجنسية لسكان المناطق التي احتلت عام 1967، فبدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلية بمنح الجنسية لبعض السكان بشكل سري، وكان معظم هؤلاء، وعددهم لا يتجاوز العشرات، من الموظفين الذين يتقاضون أجورهم من سلطات الاحتلال، فتم ابتزازهم ليقبلوا بالجنسية كي لا يفقدوا وظائفهم.


في 14/12/1981 ألقى رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي مناحيم بيغن خطاباً أمام الكنيست قال فيه: "لن نجد في بلدنا أو خارجه رجلاً جاداً درس تاريخ أرض "إسرائيل"، في وسعه أن يحاول إنكار أن هضبة الجولان كانت على مر أجيال كثيرة جزءا لا يتجزأ من أرض إسرائيل"،لتسن سلطات الاحتلال بعد الخطاب المشؤوم ماسمي "قانون ضم الجولان"، جاء في بنده الاول"يسري قانون الدولة وقضاؤها وإدارتها على المنطقة المتعارف عليها بـ منطقة مرتفعات الجولان اعتباراً من 14/12/1981".


القرار "الاسرائيلي" لم يكتب له الولادة والاعتراف دوليا، فقوبل بمعارضة دولية كاملة، حتى من الحليف الاهم لكيان الاحتلال واشنطن، كما رفضت الأمم المتحدة قرار "الكنيست الإسرائيلي" واعتبرته لاغياً وغير شرعي، مؤكدة بأن الجولان أرض سورية.

ورغم الضغوط الهائلة التي مارستها سلطات الاحتلال على أهالي الجولان، ورغم التنكيل بهم وترهيبهم ومحاربتهم بلقمة العيش،  تصدوا لقانون "الضم" ورفضوا التجنس بـ"الجنسية الإسرائيلية، وأبدوا لحمة وطنية منقطعة النظير في وقوفهم في وجه المخطط الإسرائيلي وإفشاله على أرض الواقع، فأعلنوا في 14 شباط 1982 إضراباً مفتوحاً، يعتبر من أطول الإضرابات في التاريخ، حتى تتراجع "إسرائيل" عن فرض الجنسية عليهم بالقوة. وبعد ستة أشهر من الإضراب والحصار، وبعد تبلور ظروف إقليمية وعالمية غير مواتية، أعلن عن إنهاء الإضراب بعد أن حصل المواطنون على ضمانات بعدم فرض "الجنسية الإسرائيلية" عليهم.


وهذه مقدمة وخاتمة نص البيان الذي أصدره أهل الجولان يعلنون فيه الإضراب:
"بتاريخ 13/2/1982 اتخذنا قرارا بالإضراب العام والشامل، وغير المحدود. لم نتخذ هذا القرار تعسفا، ولا حبا بالإضراب، بل يجب أن يعلم القاصي والداني أنه لم يكن لدينا أي خيار سوى الوقوف بصلابة في سبيل كرامتنا وأخلاقنا الوطنية غير القابلة لأي تغيير أو تبديل..
إخوتنا في الكفاح…
يقع على عاتقكم اليوم الوقوف بجانبنا بكل ما لديكم من إمكانيات، وليعلم الجميع أن الأمور وصلت إلى حالة لا تسمح لأحد بالوقوف متفرجا أو محايدا، فواجبكم أن تقفوا معنا.
نوجه إليكم هذا لتتحملوا مسؤولياتكم، ولا يسمح التاريخ لأحد بتبرير حياده أو العداء لنا..
فكل الدعم للجولان المحتل..
السكان العرب بالجولان المحتل.."
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=50485