حوارات ولقاءات

الوزير السيد للإعلام تايم: رسالتنا "بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا"..


الاعلام تايم _ حوار ( طارق ابراهيم _ لمى محمود )


دعونا نتفق في البداية أن ما حصل في سورية "لم يكن سببه الدين وإنما البعد عن الدين"، أو عدم فهم الضوابط الشرعية وفق أحكام التنزيل، وأن أزمتنا هي "أزمة أخلاق".. جهود جبارة مستمرة تبذلها وزارة الاوقاف والهدف إعادة المسار الصحيح لكل المفاهيم الدينية الخاطئة، وإعادة بناء الانسان وفق منهج إصلاحي يعيده الى فطرته السليمة وتغذيتها بما يرضي الله والوطن معاً.. إنها سورية وتستحق منا أن نكون سداً منيعاً في وجه المخططات التي أرادت تدميرها ومحو ذاكرتها الحضارية والانسانية والاسلامية السمحاء..


التواضع سيد الموقف.. عبارة واحدة نستخلصها لنصف روعة ما رأيناه في مكتب وزير الاوقاف الدكتور محمد عبد الستار السيد حيث يصل الليل بالنهار بين الكتب التي وضعها أمامنا، ليجيب على سؤال مؤرق نقله فريق الاعلام تايم من أحاديث العامة والخاصة في جلساتهم الواقعية والافتراضية ليطرحه على الوزير السيد، هل يصلح رجال الدين ما أفسده المتطرفون؟.. نعم.. استطاع علماء ودعاة سورية بأن يصلحوا ما أفسده المتطرفون، نعم.. استطعنا مواجهة الفكر التكفيري بالفقه التنويري، والدليل أمامكم، فهذا فقه الازمة بأجزائه الاربعة أضحى منهاج عمل في مناهجنا التعليمية وخطوة صحيحة في سياستنا الدعوية.. ومشاريعنا جميعها هي عملية إصلاح ديني متكامل عبر السنوات، وفي كل عام لدينا بعض الخطوات الأساسية وأصل هذا الفكر في الإصلاح الديني.. الدين والإسلام واحد وهو دين عالمي.. النص هو الأساس الذي نرتكز عليه في فكرة أي مشروع جديد، منطلقين من مرتكزات الاصلاح الديني التي وردت في خطاب تاريخي للسيد الرئيس بشار الاسد حين التقى علماء سورية في نيسان 2014.

 

لهذا السبب كان مركز "إرشاد"
لم يطالبنا الوزير السيد قبل اللقاء الخاص لموقع الاعلام تايم بأسئلة مسبقة.. بل بادرنا بجملة "اسألوا كل ما تريدونه"، والوقت لكم، كان علينا أمام كم هائل من تفسيرات وآراء ولغط تتداوله وسائل التواصل حول دور وزارة الاوقاف والمؤسسات الدينية التابعة لها، أن نكسب الوقت ونختار بدقة، ونبدأ من حيث اللمسات الاخيرة التي تزخرف بها أيادٍ همها سورية والانسان السوري، مشروع غايته إزالة الشوائب التي وضعتها الأفكار التكفيرية في مسار "وسطيتنا واعتدالنا" وسارت بشبابنا الى غياهب الجهل والتشدد والظلام الفكري.. إنه "مركز إرشاد" الذي تولى كل أفراد المجتمع المتضررين، وفق برامج متخصصة يتم من خلالها إجراء دورات تدريبية وتأهيلية، بهدف إعادة الإعمار المعنوي وتأهيل ودمج المواطنين الذين تلوثت عقولهم بالفكر المتطرف في المجتمع، وكان البدء بالشرائح الاجتماعية التي استطعنا الوصول اليها، ثم بدأنا التنسيق مع الجهات المعنية بدءاً بوزارة المصالحة، المعنية بشؤون المصالحة والتسويات، ليتبع من تمت تسوية أوضاعهم  دورات تأهيلية تخصصية لإعادة دمجهم في المجتمع، ولعدم إمكانية الاتيان بكل المستهدفين من برنامج إرشاد، انطلق السادة العلماء الى حيث استطاعوا الوصول وكلف بهذا الموضوع مفتي دمشق وريفها الشيخ عدنان أفيوني، ولدينا بيانات بعدد اللقاءات والدورات التي خضع لها المستهدفون من البرنامج، وتم تكليف بعض الاخوات المعنيات بالشؤون الدينية النسائية بإلقاء المحاضرات والتوعية من خلال مناهج شرعية.


وبابتسامة.. أذهبت تساؤلات تجول في خاطرنا أليس من الواجب أن يكون غاية المركز بأيدٍ أمينة، قال الوزير السيد: إن "المركز يقوم أيضاً بدورات تدريبية متتالية للأئمة وخطباء المساجد ومدرسي التعليم الشرعي، بعناوين المواطنة والاعتدال وحقوق المرأة و الطفل.. واعداً بشمولية البرنامج لكل المحافظات السورية خلال هذا العام... مبادرتكم أول الغيث -قال لنا الوزير السيد- حاولنا التواصل مع المؤسسات الإعلامية، ومن خلال قناة نور الشام الفضائية قمنا بنقل ومقابلات مستمرة حول رسالة "إرشاد"..


الخطاب الديني بين الارث ومواكبة المتطلبات العصرية
وأما مايتعلق بموضوع الخطاب الديني فله من الاهمية ماله في ردم الفجوات التي أحدثتها الافكار المتطرفة في العلاقات الاجتماعية قبل أن تصبح تدميرية لبنية المجتمع والوطن ككل..  الوزير السيد يقول إن من يتابع الخطاب الديني في المساجد وتوجيه السادة العلماء والخطباء ويقارن بين الواقع والسابق سيعرف أن النتيجة حصول تغيير حقيقي لما فيه خير البلاد والعباد، وأشار أن هذا التغيير لايتم بقرار ولا نستطيع أن نغير اذا لم يكن هناك قناعة لدى الخطيب أو الإمام أو المدرس الديني بالأفكار التي تطرح فالنتيجة لن تكون إيجابية..


الوزارة وضعت يدها على الجرح فعملت بدأب لتطوير الخطاب الديني بهدف مواكبة العصر استجابة لمتطلبات الواقع والحالة الاجتماعية والوطنية لمواجهة الهجمة التكفيرية الوهابية التي تتعرض لها سورية.. فعندما نتحدث عن أمر ديني وتوعية دينية علينا أن نضع في الحسبان بأن الموضوع الديني هو موضوع يتعلق بالعقيدة وبإرث عبر ألف وأربعمئة عام موجود في أذهان الناس، فالإصلاح الديني وتطوير الخطاب الديني يحتاج لعوامل ومشاريع متعددة، التطور الحاصل يدل على جهد كبير بذل في هذا المضمار.. ولكن طموحنا أكبر ويجب أن يكون ضمن قوالب شرعية، مستندة الى مقولة الرئيس الأسد "واجهتم الأزمة في البدء بفقه الأزمة الذي صححتم به الأفكار المشوشة والعقول المضطربة وانتهيتم بمشروع ( فضيلة ) الذي يتناول الأخلاق، ونحن اليوم بأمس الحاجة لتكريس القيم الأخلاقية"، انطلاقاً من توجه ديني أساسه القرآن الكريم وسنة النبي محمد (ص)، يناسب العصر واحتياجات المواطن وليس الحديث عن مواقف أكل الدهر عليها وشرب ومرت عليها قرون.


منابر الجمعة ليست إعلامية
جعبة فيها من الخير مافيها.. لا تنضب ولا تتسع سطورنا لعرضها، وهي تريد أن يعم الخير والسلام في سورية، وتعمل ما بوسعها لإعادة السفينة الى مسارها الصحيح.. خطب الجمعة _يقول الوزير السيد_  ليست منبرا إعلاميا إنما مقطرة ضمن قالب أحكام الشريعة الإسلامية فإذا لم يكن الخطيب والمدرس الديني ملتزم بالثوابت الشرعية فيصبح أي كلام يقوله يؤدي إلى التطرف وعكس المقصود بالذي  نرغبه لمجتمعنا.. نريد تطور المجتمع وكل ما يتعلق بالحضارة والتقنية والعلم والمعرفة والبعد عن "الخرافات والشعوذات" والتشدد في الأحكام.. هذه الأمور لا تأتي إلا بالتدرج وتتم عبر الرسائل التي استخدمتها وزارة الأوقاف وحصلت فعلاً على أرض الواقع.

التحليل بدلا من التلقين.. تفسير القرآن الكريم (التفسير الجامع.)
تجربة سورية فريدة، دفعنا لأجلها الغالي والنفيس، في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، جاءت عبر المرتكزات الأساسية لتطوير الخطاب الديني المأخوذة من فكر الرئيس الأسد على مستوى الفكر الإسلامي و منها: التحليل بدلا من التلقين.. تفسير القرآن الكريم (التفسير الجامع.) .. الانتماء للإسلام لا يتعارض مع الانتماء للوطن"المواطنة"، عدم الفصل بين الشعائر والمقاصد، النقل لا يتعارض مع العقل، والتركيز على الجانب الأخلاقي في الدعوة، لابد أن نفهم الحياة لنستطيع تطبيق القرآن، الاعتماد على سيرة النبي (ص) في تفسير النصوص.. "وغيرها من المرتكزات.


وفيما يخص التحليل بدلاً من التلقين أكد الوزير السيد أنه أمر غاية في الأهمية.. ولابد من تفسير سوري عصري للقرآن، وهو أهم مشروع على الإطلاق في العالم الإسلامي، منه ننطلق باتجاه  إعادة صياغة الفكر الإسلامي، ومن مؤسساتنا الدينية التعليمية انطلقنا بالتطبيق ففي "معاهد الأسد لتحفيظ القرآن الكريم " لم يعد يقتصر الاسم على التحفيظ "التلقين"بل أضفنا، وتفسيره، التفسير الجامع لكل المذاهب، وللعلم تبث حلقات التفسير الجامع للوزير السيدعلى قناتي نور الشام وسما وفي موقع الوزارة الالكتروني وصفحاتها على مواقع التواصل.


المنهج الموحد لخطب الجمعة ليس إلزامياً
لن يحل أي منهاج مكان التربية الدينية، _غضبة غيرة على حرمات الله_ أجاب الوزير السيد نحن نعمل لتكون مناهجنا بيد أجيال قادرة على تطوير العمل الديني،  فكانت لجنة من ١٢٠ مختص ومن كل المذاهب.. أنجزنا ٥٢ مقرراً وأصبحت تدرس، ومن هذه المقررات سابقاً كان يدرس "الفقه لبعض المذاهب الإسلامية" حل مكانه " الفقه الإسلامي الجامع لكل المذاهب دون استثناء".. هذه خطوة مهمة جدا جاءت بعد مرتكز ورد في خطاب الرئيس الاسد 2014 "أئمة المذاهب تركوا لنا مذاهب ولم يتركوا لنا طوائف".. مناهج اعتمدت على فن الحوار وأدب الاختلاف.. فكان ثمرتها تطور هائل حدث بمنابع الخطاب الديني وفق التحليل.. وجاء المنهج الموحد لخطب الجمعة.. (مناهج وضعت بين أيدينا وأمام عدسة كاميرتنا، موجودة حيث يقيم الوزير العالم الذي نذر نفسه للوقوف في وجه كل المشاريع التكفيرية وتبيان أسس الاسلام الصحيح القائم على "بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا".. رسالة انطلقت "ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".. رسالة حياة حضارة ومحبة وإخاء.. رسالة تناغم بين "ترتيل وتراتيل").


وخلافاً لما يشاع على مواقع التواصل وفي أحاديث العامة عن الزام الخطباء بأقوال معينة أو خطب مكتوبة، أضاف الوزير السيد أن المنهج العام الموحد لخطب الجمعة ليس إلزاميا.. نترك الحرية للخطيب في اختيار مجموعة كبيرة من العناوين"الجانب البيئي والصحي والاقتصادي والمواطنة والشهداء وحب الوطن والجانب الأخلاقي، فتنة التكفير والجهاد في الإسلام حقائق علمية، الوحدة الوطنية ضد الفتن الطائفية، حقوق المرأة، ملاطفة اليتيم، لا تأكل لحم أخيك بالغيبة والنميمة.. وغيرها"، حيث يستطيع الخطيب من 4 الى 5 سنوات أن يعتمد هذه العناوين في خطبه، مضيفاً بأن هناك دورات تدريبية لخطباء المساجد حول فقه الأزمة ووضع ضوابط ومعايير للخطاب الديني تنص على الوسطية في الطرح والابتعاد عن التعصب ومحاربة الأفكار الوهابية وبث روح الانتماء للوطن والتركيز على الأخلاقيات الإسلامية..


نتدخل في حال الخطأ 
وتبقى الخطب تحت إشرافنا ورقابتنا وعند حدوث أي خلل تتدخل الوزارة مباشرة، فـ"المنبر موقع عام له حرمة وقواعد وأصول" الرئيس الاسد، ومن هنا أصدرنا تعليمات بإجراء امتحانات شفهية للخطيب بإشراف كبار العلماء والخطباء وأن يكون لديه شهادة شرعية وخاضع لامتحان دوري ودورات تدريب وتأهيل في إطار الشريعة الاسلامية ضمن أطر وطنية.


لهذا كان مشروع "الفريق الديني الشبابي"
ولأن الشباب هم جيل البناء والاساس الراسخ في تقدم المجتمعات وحمايتها من كل الافكار المسمومة، وهم الفئة الاخطر التي ركزت أدوات الحرب النفسية والاعلامية عليها في رسائلها واستطاعت من خلال التكنولوجيا الحديثة في وسائل الاتصال(مواقع التواصل التي يديرها مديرو الحرب الارهابية على سورية، فلا تستغربوا أن يكون عالما إسلاميا أو داعية إسلامي قد تلقّى تعاليمه في أقبية الاستخبارات الاسرائيلية)التغرير بالكثير من الشباب السوري، فجاء المشروع التطوعي لدعاة وداعيات شباب ليحملوا على عاتقهم تنفيذ مشروع"الفريق الديني الشبابي" الذي خرج الى العمل بمباركة من الرئيس الاسد، إنها فكرة رائدة جداً وحوارية، _يقول الوزير السيد_ وهي تضم فقط الأئمة والخطباء ومدرسات القرآن الكريم من سن الـ٢٠ وحتى الـ٤٠.


وللنساء حظ في الدعوة
العمل الديني لا يقتصر على وجود الشباب الذكور، فعند لقاء الرئيس الاسد مع "الفريق الديني الشبابي"قال إن إحدى الفتيات فاجأته بطرح إيجابي وهي مشاركة العنصر النسائي في النشاط الديني، وهو مؤشر على حقيقة الاعتدال في الدين المبني على الاخلاق.. ويقول الوزير السيد لدينا حركة دينية نشطة للنساء وموجودة بمكاتب الشؤون الدينية النسائية.. وللدلالة على ضلوع المرأة ودورها الهام في النشاط الديني.. ففي سورية فقط على مستوى العالم الاسلامي تمارس امرأة مهمة معاون وزير أوقاف، ونحن ضد كل ما يثار حول واقع عمل المرأة الديني، والتسميات التي تتداولها وسائل التواصل والاجتماعات المغلقة، موضحاً أن لا وجود لتلك التسميات في أنشطة الدعوة النسوية، وإنما لدينا عالمات ومدرسات قرآن كريم.. وخير رد على مثيري الفتن في المجتمع نختصره بعبارة واحدة "المنافقون في المجتمع أخطر من العدو يشككون في العلماء لإحداث وإحياء الفتن".. أعموا بصيرتهم وبصائرهم عن عالم استشهد لمواقفه الوطنية وتمسكه بمبادئ الدين الإسلامي الحقيقي، وليس الامس عنا ببعيد حينما استهدف الارهاب العالم الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي"شهيد المحراب"وهو قائم في المحراب.

 

رسالة لتصل كان لابد من بذل جهد مضاعف حتى الارهاق.. وهذا ما ظهر جلياً على ملامح الوزير السيد، وبدورنا اعتذرنا، لكنه رفض أن نعتذر بل شكرنا على جهد كان نقطة في بحر جهوده، شكرنا على النقل من خلال عملنا الإعلامي، الذي يغار على مصلحة الوطن والمواطن بتقديم الحقيقة من مصادرها الصحيحة.. شكرنا على وقوفنا في وجه التحريض الاعلامي على إسلامنا الصحيح..


وختم الوزير السيد بالقول "مصممون على استئصال الارهاب والافكار المتطرفة، وتكريس القيم الاخلاقية التي أصلها القرآن الكريم والسنة النبوية، وحماية منابر سورية من أيّ اختراق فكري منحرف والالتزام بالوسطية والاعتدال.. فديننا هو دين التفكير لا التكفير ودين الاخلاق والبناء لا التطرف والاعتداء".

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=43&id=50323