تحقيقات وتقارير

لماذا الى الان حكومتنا الالكترونية لم تبصر النور؟


الاعلام تايم  _ مارينيت رحال


أثرت التقنيات الهائلة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لاسيما في العقود الأخيرة على جل ميادين الحياة ودفعت إلى إحداث تغيرات هائلة ومؤثرة على مستوى الحكومة التقليدية حملتها على التحول إلى النمط الالكتروني "الحكومة الالكترونية "و الانفتاح على الجمهور فيما يتعلق بهيكل وظائف الجهاز الحكومي  المالية للقطاع العام الذي من شأنه تعزيز المساءلة والمصداقية وتأييد السياسات الاقتصادية السليمة.


الحكومة الالكترونية هي  أحد العلاجات الواقية من انتشار الفساد من جانب والعمل على منعه من جانب آخر، وتؤدي الى زيادة الشفافية والفعالية في إدارة الدولة، وعلية فإن اعتماد الحكومة الالكترونية يشكل عملية تغيير من شأنها أن تساعد على توسيع مجالات المواطنين ورجال الاعمال للمشاركة في الاقتصاد الجديد القائم على المعرفة توفر إمكانية إشراك المواطنين والمجتمع المدني في مناقشة السياسات من والتكنولوجيا والتطبيقات الحديثة وأيضا خلال الحوار المباشر، ودعم اتخاذ القرارات ، وصياغة السياسات بشكل متفهم اكثر للمواطنين واحتياجاتهم .


لماذا لم يتم  تنفيذ استراتيجية الحكومة الإلكترونية التي تم اعتمادها عام 2009، رغم أن عمل أكثر الوحدات الحكومية أصبح مؤتمت، وأنشئ موقع  تجريبي لمبادرة الحكومة الإلكترونية  بالتعاون  مع الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية عبر دمج مبادرتي وزارة الاتصالات والتقانة،  ومبادرة الجمعية المخصصة للاستعلام الخدمي الإلكتروني للخدمات الحكومية، و بناءً على قرار اللجنة التوجيهية العليا لمبادرة الحكومة الإلكترونية.


و في عام 2014  وزارة الاتصالات و التقانة، بدأت مشروع بناء الاطار التمكيني لقطاع المعلوماتية واستكمال البيئة التشريعية والقانونية والتنظيمية لقطاعات الاتصالات وتقانة المعلومات بالتزامن مع تنفيذ عدد من مشروعات الحكومة الالكترونية كبوابة الحكومة الالكترونية التي تم التريث في تنفيذ عقدها والاستعاضة عنها بمشروع البوابة الحكومية المصغرة و تم انجاز  تصميم وتنفيذ بوابتين للحكومة الالكترونية بالتعاون مع برنامج الأمم.


و في العام 2016  وقعت شركة "روس إنفورم غيكسبورت" بصفتها فرعا لشركة "روستيخ" الروسية، مع الوكالة السورية للاتصالات، عقدا للتعاون في تطوير البنية التحتية للتفاعل الإلكتروني. والوثيقة تعنى بإنشاء حكومة إلكترونية في  سورية و الى الان لم نر شيء على أرض الواقع، اذا كانت الحكومة الالكترونية حكومة موحدة شفافة  نشيطة و فعالة  فما الذي يعرقل تطبيقها؟


مديرة التحول الرقمي في وزارة الاتصالات فدوى مراد وفي لقاء خاص لموقع الاعلام تايم، أكدت أنه سابقاً كان جهود كثيرة مبعثرة للعمل بالحكومة الالكترونية، فكانت كل وزارة تعمل على صعيدها الداخلي، إلى أن أصبح لدينا الكثير من الجزر الموزعة، ومع اعتماد استراتيجية الحكومة الالكترونية في العام 2009، تم تحديد المكونات الثلاثة الأساسية للعمل:
المكون الأول: إعداد البيئة التمكينية من بنى تحتية وتشريعات ضرورية، وترعى هذا المكون وزارة الاتصالات والتقانة.
المكون الثاني:تطوير الإدارة العامة لتنسجم مع تقديم الخدمات الحكومية الكترونياً وهو كان سابقاً مهمة فريق الاصلاح الإداري في الحكومة، وهو اليوم في عهدة وزارة التنمية الإدارية.
المكون الثالث: تقديم الخدمات الحكومية الكترونياً وترعاها اللجنة التوجيهية للحكومة الإلكترونية لتنسيق العمل بين الوزارات والمؤسسات المختلفة لتقديم الخدمات الحكومية الكترونياً.


وأضافت مراد "بناء على ما ورد في الاستراتيجية تم تشكيل الفريق التنفيذي للحكومة الالكترونية، والذي بدأ عمله في النصف الثاني من العام 2010 وسعى لإدراج مشاريع الحكومة الالكترونية الواردة في الاستراتيجية ضمن الخطة الخمسية العاشرة في ذلك الوقت، ولكن للأسف لم تنجح مساع الفريق التنفيذي. وكان الحل البديل التعاون بين وزارة الاتصالات والتقانة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتنفيذ برنامج تعزيز القدرات المؤسساتية لتنفيذ مشاريع الحكومة الالكترونية و بدأ هذا المشروع في نهاية عام 2010 و استمر لنهاية 2013."


وأشارت مراد أنه من خلال هذا المشروع تم العمل على مجموعة محاور تؤسس للحكومة الإلكترونية، فكان العمل على جرد الخدمات الحكومية في الوزارات، ودراسة أولويات الخدمات الممكن تقديمها الكترونياً. كما تم تقييم المواقع الإلكترونية لوزارات ومؤسسات الدولية، والخدمات الإلكترونية المقدمة من خلالها.  كذلك كان هناك دراسة لجاهزية بنوك المعلومات الوطنية من محاور عدة، وتحديد متطلبات استكمال هذه البنوك للاستفادة منها في وضع سياسات تقديم الخدمات بأنواعها المختلفة. شملت الدراسة بنك معلومات السجل المدني والسجل العقاري، والسجل العام للعاملين في الدولة، بالإضافة إلى السجل التجاري والسجل الصناعي وسجل المركبات. وهناك بنوك معلومات غير موجودة في سورية رغم أهميتها الكبيرة مثل سجل الاقامة، ولو كان موجود لكان ساعد بشكل كبير في معالجة مشاكل الدعم الانساني في وقتنا الحاضر.


وأوضحت مراد أنه وبعد تقييم بنوك المعلومات تم إعداد دراسة متكاملة (فنية ومالية) لاستكمال بناء بنوك المعلومات الوطنية، ولكن للأسف لم يكن من الممكن وضع هذه الدراسة موضع التنفيذ بسبب ظروف البلاد، التي أثرت بشكل كبير على أولويات الحكومة.


مكون أخر تم العمل عليه بشكل كثيف في وزارة الاتصالات والتقانة هو التشريعات المتعلقة بالحكومة الإلكترونية مثل التوقيع الرقمي والمعاملات الإلكترونية، بالإضافة إلى بعض من التشريعات المتعلقة باستخدام الإنترنت، أو ما يسمى "تشريعات الفضاء السبراني" حيث بدأت به وزارة الاتصالات بالتوازي مع استراتيجية الحكومة الإلكترونية في العام 2009.


تم العمل على توفير عدد من الخدمات الحكومية عبر مراكز خدمة المواطن أحد المنافذ الأساسية للخدمات الحكومية الإلكترونية، والتي تشمل خدمات السجل المدني بالإضافة إلى السجل العدلي والسجل العام للعاملين في الدولة ومؤخراً السجل العقاري لبعض المناطق.


وحول إمكانية تقديم هذه الخدمات الكترونياً بشكل كامل عبر بوابة الحكومة الإلكترونية، أكدت مراد أن ذلك ممكن فور توفر خدمات التوقيع الرقمي والدفع الإلكتروني، وهي مشاريع قائمة يجري العمل عليها.


أما المكونات الحالية لبوابة الحكومة الإلكترونية فتتضمن بشكل رئيسي جرد الخدمات الحكومية، الذي يتضمن تحديد الوثائق المطلوبة لكل خدمة من الخدمات، ويتم إدخال البيانات من قبل نقاط الارتباط في الوزارات، لكن للأسف لا تعمل كافة الوزارات بنفس السوية لتحديث بياناتها، ونسعى بشكل دائم للحصول على دعم الحكومة في هذه السياق.


تختم فدوى مراد الحكومة الالكترونية "مشروع عابر للوزارات، يجب إعطاءه أهمية ورعاية عليا لكي ينجح، لما له من أثر كبير على المجتمع والمواطن، وهو غير مكلف بالنظر إلى البنية التحتية المتوفرة لدينا والتي يمكن الاستفادة منها."
إن المجتمعات  الحديثة تتجه للحياة بطريقة إلكترونية، بل إن الكثير من المواطنين وأصحاب الأعمال يعملون حاليًا بطريقة إلكترونية، وحينما تقدم الحكومات المجاورة خدماتها إلكترونيًا فإن المواطنين سيتطلعون لأن يروا حكومتهم تقوم بالعمل ذاته وان تقديم معلومات و خدمات الكترونية يمكن أن يساعد في جذب المواطنين والمستثمرين الجدد الذين يتطلعون للفرص المناسبة. وتقدم الحكومة الإلكترونية وسيلة إعلامية مباشرة جنبًا إلى جنب مع الصحف و الاذاعة و التلفزيون  للترويج لأعمال الحكومة.


ومتى ستصبح بإمكان الحكومة تقديم خدماتها الإلكترونية في أماكن أقرب إلى المواطنين باستخدام الحاسوب الشخصي في المنزل أو المكتب ؟ 
إن تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية لن يتحقق إن لم تتوفر خدمات اتصالات بجودة و كفاءة  عالية، هل سنرى هذا الاعلان قريبا  "لا تتعب نفسك لتصل إلينا، نحن من سوف يصل اليك بنقرة من يدك"

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=48826