بطل من سورية

الشهيد ميلاد اسماعيل.. أم ما زالت على الباب تنتظر اللقاء


الاعلام تايم _ نسرين اسماعيل


"أنا نازل إجازة يا أمي بس 24 ساعة"..  "لازم شوفك"، حتى لو قضيت الاجازة على الطريق "لازم شوفك"، بلهفة وغصة يحملان إصرار رغم طول المسافة، وكأن الشهيد ميلاد عبد الكريم اسماعيل، علم أن تلك الاجازة هي الاخيرة وبعدها سيقضي مع "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه".. أم الشهيد وبحرقة الخائف المتلهف ، رفضت طبعاً أن يتحمل الابن البار عبء السفر وأخطاره، خوفاً على ابنها، خاصة أن المكالمة حدثت قبل أن ينال الشهيد شرف الخلود، في وقت سابق من العام 2014، أي في وقت كانت الحرب على سورية في أوجها وحصلت حوادث كثيرة على الطرقات التي تصل العاصمة دمشق بالمحافظات الاخرى.. كلمات وصفت بها أخت الشهيد المكالمة الهاتفية الاخيرة بين الشهيد وأمه.

 


الشهيد الحقوقي ميلاد اسماعيل من قرية وادي البركة الواقعة في مدينة بانياس بمحافظة طرطوس ولد في مدينة دمشق عام 19/12/1982، الحاصل على إجازة جامعية في الحقوق من جامعة دمشق، ترك عمله في مديرية صحة دمشق ليلبي نداء الوطن، لم يتهاون أو يتكاسل بل أسرع تاركاً وراء ظهره كل هموم الدنيا، ليسجل اسمه في سجلات الخالدين..

 

 

 

محاربة الارهاب والزود عن الوطن كانت عنوان رحلة الشهيد عندما طلب للخدمة الاحتياطية، والتحق بوحدته العسكرية من مرتبات الحرس الجمهوري، في بلدة عربين بالغوطة الشرقية بريف دمشق.. أصيب عدة مرات بشظايا، آخرها قبل استشهاده بعام لينال شرف الشهادة بتاريخ 22/8/2014..

 

 


رغم إصابته التي سبقت يوم استشهاده بعام كامل أبى الشهيد الا أن يعود ليكمل مشواره في الدفاع عن الوطن.. ولم يكن غريبا أو مفاجئاً ما قام به شهيد الوطن، فهو كما تقول أسرته"  تحلى بصفات كثيرة ، على نطاق الأسرة كان حنوناً على أهله وأخوته، يتواصل ويتفاعل معهم ويقدم لهم النصح والإرشاد، وفي نطاق العمل والخدمة الوطنية، ظل الشهيد يلبي حاجة الوطن له، فلم يدخر جهداً إلا وبذله في سبيل خدمته، إيماناً منه بأن الواجب الوطني يستلزم الدفاع عن الوطن ومراكمة المكتسبات الوطنية، وهذا الدور أداه الشهيد بكل أمانة ومسؤولية وطنية في القوات المسلحة، حتى نال ما يصبو اليه، "ميلاد اسماعيل في سجل الخالدين".

 

 


عندما يرتقي الشهيد ويسير في زفاف ملكي إلى الفوز الأكيد، وتختلط الدموع بالزغاريد. عندها لا يبقى لدينا شيئاً لنفعله أو نقوله، لأنه قد لخّص كل قصتنا بابتسامته.. ابتسامة ميلاد الشهيد كانت صرخة لكل الشباب السوري بأن لا تتهاونوا في حب الوطن والتضحية لأجله، وكان له ما أراد.. فدمه ودماء الخالدين الذين سبقوه والذين تلوه، كانت كفيلة بتطهير سورية من دنس الارهاب اللعين الذي ضربها ومازال شراذمه تضرب في بعض المناطق، الا أن الشهيد ميلاد ورفاقه في الجيش العربي السوري أقسموا أن لا تبقى ذرة تراب واحدة في سورية تحت رحمة شذاذ الافاق..

 


ميلاد الشهيد يختصر عبارة أمهات شهداء سورية كافة.. "كل أم ما زالت على الباب تنتظر اللقاء".. وبميلاد ورفاقه الذين ساروا على درب الشهادة نختصرهم بكلمات.. الشهيد هذا الفارس المتسربل براية الوطن، أنشودة الكرامة والإخلاص والوفاء، أهزوجة العاشقين من أبناء وطني، إنهم لا يهابون الموت، فالموت لهم حياة، لا يبالون إن وقع الموت عليهم أو وقعوا عليه، شامخة جباههم مكللة بالغار ناصيتهم، عندما يرحلون يتركون أثر لا يمحى، يزفهم أحبابهم، وتزغرد لهم أمهاتهم، ويتغنى آبائهم بشرف الشهادة ويتفاخرون بأن الشهيد من ذويهم.


إن من ارتبط بنبض الأرض ورائحة التراب وتمسك بجذور الوطن والتاريخ ودافع بكل إخلاص وثبات ونال شرف الشهادة هو المنتصر وهو العبقري لأنه اختار الخلود في رحاب السماء.


كل الرحمة له ولشهداء الوطن الأبطال..

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=53&id=47429