تحقيقات وتقارير

أطفال سورية.. إلى متى سيبقون خارج طفولتهم؟


الإعلام تايم - رنا الموالدي

 

لم يعرفوا شيئاً عن طفولتهم توقفوا عن اللعب.. أجبرتهم  ظروف أسرية صعبة ليتركوا المدارس.


انطلقوا سعياً وراء لقمة العيش.. مارسوا أعمال الكبار بشروط السوق فتعرضوا للعنف والقمع حتى أصبحوا بحق أطفال تعب و شقاء.


قضية شغلت تفكير المهتمين والمختصين في شؤون الطفل على الرغم من وجود العديد من القوانين التي وضعت لحماية الطفل و حقه في العيش والتعليم، فليس هناك أي تطبيق على أرض الواقع بل على العكس تماماً فعمالة الأطفال استفحلت وامتدت لتشمل جميع المهن بم في ذلك الشاقة منها.


وعلى الرغم أيضاً من مدى قسوة الظاهرة وتزايد أعداد الأطفال المتضررين إلا أنه لا يوجد حتى الآن أي إحصائيات دقيقة عن أعداد الأطفال العاملين، ربما لعدم وجود تعريف موحد للكارثة فالبعض يرى أن التحديد يقتصر على من يعمل نظير أجر، بينما يرى البعض الآخر أنه يشمل من يعمل داخل نطاق الأسرة دون أجر.

ومع تعدد وجهات النظر والآراء المفسرة للأسباب الكامنة وراء اتساع نطاق الكارثة إلا أن جميعها استقر على الإطلاق أنه "الفقر"...


 ربما يسأل سائل أليس على للأهل دور كبير في تفاقم  الكارئة.. أليس هم الذين يدفعون بأولادهم إلى العمل على تقاطع الطرق والشوارع لجمع غلة يعودون بها ليلاً إلى المنزل تحت ذريعة الحاجة والعوز.. فلا يخفى على أحد ما سيطر على مجتمعنا من معتقدات خاطئة كعدم جدوى الاستمرار بالتعليم وأن المستقبل في تعلم مهنة، حيث غالباً ما يعتبر الأطفال ملكاً لأهلهم الذين يقررون عنهم التحاقهم أو عدمه بالمدرسة أو العمل في هذه المهنة أو تلك.


في سورية سبع سنوات شوهت معاني الطفولة، فكم من طفل تحول اليوم إلى متسول أو أجير أو بائع خبز في أفضل الأحوال، إذا ما تحول إلى لص أو ضحية لتجارة الأعضاء أو حامل للسلاح يمارس القتل.


كارثة زادت  تعقيداً مع طول أمد الحرب وما خلفته من فقر وتدني دخل الأسرة والبطالة ما دفع  الأهل لإرسال أولادهم للعمل في  سن مبكرة على أمل، أن عملهم يعيد  للأسرة مصدر الحياة خاصة أن أهميته تزداد مع غياب معيل العائلة وبالتالي لن تفكر مثل هذه الأسر في تعليم أطفالهم خصوصاً مع ارتفاع مصاريفه، حتى ما نطلق عليه التعليم المجاني فهو باهظ بالنسبة لهم فالطعام والخروج من بؤرة الفقر هو ما يشغل بال تلك الأسر و التعليم لن يثمر لهم عن شيء من وجهة نظرهم.


هناك لا أحد يرحم طفولتهم أو يشفق عليهم, ولا بد أن يدفع الطفل من كرامته الكثير  فرغم المبادرات التي تعمل للحد من الظاهرة، إلا أنها لا تزال متواضعة على أمل الدعم و التعاون مع مؤسسات المجتمع ما يعزز الحاجة لتفعيل الحوار الاجتماعي مع المنظمات المعنية وخاصة الاعلام عبر وسائله المختلفة  التقليدية و المعاصرة لنشر الوعي لدى الأسرة و المجتمع معاً لبيان أهمية الطفولة و ضرورة الاهتمام بقضاياها و احتياجاتها و مشاكلها.


في 12 حزيران  من كل عام" اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال"، تجتمع الحكومات والمنظمات والمجتمع المدني من مختلف أنحاء العالم، لتسليط الضوء على محنة الأطفال في أماكن العمل وما يمكن القيام به لمساعدتهم.. اليوم نحن لسنا بحاجة إلى برهان أن مستقبل المجتمع كله متوقف على عمليتي التربية والتعليم اللتين عليهما عاتق التغيير فهما القاعدة التي تأسس عليها المجتمعات فأطفالنا لن ينتظروا قرارتنا ولا اجتماعتنا.. هم يكبرون .. والمستقبل يفر من بين أيديهم  فهؤلاء الأطفال الذين يعملون يعتقدون أن ذلك أفضل ما يمكن فعله هم أطفال بدون تعليم وبالتالي بلا آفاق مستقبلية و محنتهم كان بعضها موجوداً في مجتمعنا، لكن ظروف الأزمة و الحرب بأبعادها وتشعباتها عمقتها، وخلقت معها مشكلات جديدة.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=45999