تحقيقات وتقارير

الرئيس الأسوأ يودع البيت الأبيض.. ماذا عن القادم؟


الإعلام تايم - رنا الموالدي



تعتبر ولاية الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما من أكثر الفترات الرئاسية التي مرت تجاه الشرق الأوسط بخصوصية سياسة خارجية جديدة حملت شعار"بلا حروب"، الذي رفعه أوباما حين جاء للسلطة عام 2008، واختار جامعة "القاهرة" لتكون المحطة التي يلقي منها خطابه إلى العالم، واعداً الأشخاص الذين منحوه أصواتهم بإنهاء كل الحروب التي بدأها سلفه في البيت الأبيض، والتي أنهاها هو في ذات البيت أيضاً دون تحقيق أي هدف.

 


مساوئ عديدة رصدها الخبراء لسياسة "أوباما" حيال الشرق الأوسط المتخم بالأحداث الساخنة، من بينها التردد في مواجهة التنظيمات الإرهابية التي عززت تناميها  وخاصة "داعش" الإرهابي، حتى أن بعضهم ذهب الى أبعد من ذلك فاعتبر أن أوباما صانع الارهاب ليستفيد منه..

 

وأضاف الخبراء أن العمليات الكثيرة ضد الإرهاب على جبهتي العراق وسورية تكلف الكثير من الأموال  متناسين أن الأموال الخليجية وضعت تحت تصرف إدارة أوباما ليس لمواجهة الارهاب بل لدعم الإرهاب في وجه الحكومات الشرعية، أما الخلاف القائم فهو عمليات مواجهة الارهاب كانت بحاجة لمليارات الدولارات وهنا برز السؤال الأهم: من يسدد هذه الفاتورة الكبيرة؟
ولم يبالغ المحللون باحتمالاتهم عندما رأوا أن تاسيس وتمويل "داعش" جاء من "الولايات المتحدة الأميركية"، فـ "القاعدة"، وربيبتها "داعش"، هما على أرض الواقع، حلفاء واشنطن وليسوا أعداءها كما يصور الأميركيون..


ويعزز هذا الاحتمال أن "داعش" - على الأقل- هو صنيعة "الولايات المتحدة"، كون الأميركيين الذين يغرقون في استخدام طائرات "الأندرود" بدون طيار في قصف مواقع القاعدة في اليمن، وفي الصومال، وفي باكستان، قد امتنعوا عن قصف "داعش" الناشطة في "العراق" منذ سنوات، فقد كان بوسع الأميركيين عبر أقمارهم الصناعية، أن يكتشفوا مواقع "داعش" ويقصفوها بصواريخ طائراتهم، سعياً منهم للحد من تنامي تنظيم "داعش".


إدارة أوباما اتبعت الإستراتيجية الناعمة في مواجهة التحديات الكبيرة فما يشهده العالم اليوم من موجات إرهابية، تتحمله سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، رغم تورط أطراف بإثارة حالات عدم الاستقرار وتأجيج  تلك التحديات فاستعراض الأرقام واحصائيات ضحايا الإرهاب يعكس حجم الآثار السلبية لسياسات واشنطن في مواجهة الإرهاب.. والتنظيمات الإرهابية كانت دوماً تستغل وتوظف انتشار القوات الأمريكية على الأرض لصالحها، ضمن باب "المقاومة".


أما ما يتعلق بالأزمة السورية.. فقد كانت سورية بالفعل تمثل الخيارات الأسوأ لإدارة أوباما والتي اتسمت بعدم الثبات و تغيير موازين اللعبة والتحالفات أكثر من مرة دون أن ينهي حكمه في شن حرب شاملة لمواجهة  تلك التنظيمات لا بل هو أول رئيس أميركي دعم و يدعم الإرهاب بدءاً بجماعة "داعش " وحلفائها من تنظيم "القاعدة" وجبهة "النصرة" التي تم تشكيلها أواخر 2011 خلال الأزمة بتمويل "سعودي" وتسليح أمريكي ،وسرعان ما نمت قدراتها لتصبح في غضون أشهر تمتلك  العديد من الدبابات والصواريخ والسيارات المصفحة والسيارات الرباعية الدفع والأسلحة المتنوعة..الأمر الذي أسفر عن أكثر من 300 ألف شهيد وشرد ملايين آخرين. .


ففي أيلول  2013 أعلنت إدارة أوباما أنها تدرس خيار توجيه ضربة عسكرية لسورية أسوة بما فعلته في ليبيا ودخل أوباما في سجال مع النواب الجمهوريين في الكونجرس حول جدوى الضربة العسكرية، وتدخلت روسيا سريعاً ومنعت تمرير قرار أمريكي بتوجيه الضربة عبر استخدام حق النقض "الفيتو"، واضطرت الولايات المتحدة حينها إلى التراجع  مما سبب حرجاً كبيراً لحلفائها في المنطقة وبخاصة  النظام الوهابي السعودي، ودعت عبر دبلوماسيتها  إلى جنيف 2 بشأن حل الازمة السورية والذي فشل في الوصول لأي اتفاق؛ حيث رفضت سورية تقديم أي تنازلات..


وحتى نستطيع الحكم بتجرد على مدى نجاح إدارته خلال هذه الفترة؛ سوف نستعرض ما قام به خلال 8 سنوات على الصعيدين الداخلي والدولي:
شارك أوباما في عملية عسكرية ضد ليبيا ثم تركها نهبًا للعنف، ودعم تحرك فرنسا في مالي، وزادت في عهده عمليات الاغتيالات في الشرق الأوسط، وتوسع في استخدام هجمات الطائرات بدون طيار خصوصاً في اليمن وباكستان وأفغانستان وتورط في مصر وسورية  و كان أبرز حلفائه في المنطقة أنظمة استبدادية.


لكن البعض الآخر يرى بعض الإيجابيات في سياساته والتي عادت على المنطقة ببعض النتائج، ومن أهمها إبرام الاتفاق النووي مع إيران..


السياسة الداخلية والاقتصادية كانت الأهم فحينما وصل إلى سدة الحكم كانت الولايات المتحدة تعاني أزمة اقتصادية حادة فحاول من خلال سياسته الاقتصادية القائمة على حرية التبادل التجاري وخفض معدل الفائدة إلى إنعاش الاقتصاد، منعكسة بشكل إيجابي على القطاع المصرفي والبنوك فعادت لها الحركة من جديد، لكن رغم إيجابية هذه السياسة إلا أنها أدت إلى زيادة حجم الاستدانة العامة بالنسبة لإجمالي الناتج المحلي.


كما عمل على زيادة فرص العمل والتشغيل، حيث تهاوت في عهده معدلات البطالة إلى أقل من 5% لكن رغم تلك الايجابيات لا نستطيع انكار أنه خيب أمل الكثيرين في خلق أجواء اجتماعية أفضل، تقلل من فرص الصدام بين البيض والسود وتزيد من فرص الاندماج الاجتماعي استناداً إلى حوادث القتل التي راح ضحيتها شبان من السود على أيدي رجال شرطة بيض، فيما يعتبر الكثير من الأمريكيين أن القضاء على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وسحب الجنود الامريكيين من العراق إضافة إلى سياسته الدبلوماسية.


في النهاية يرى المتابع لسياسة أوباما خلال فترة حكمه أن تركيزه انصب بدرجة كبيرة على السياسة الداخلية والاصلاح الاقتصادي، وغفل عن مسؤولياته الخارجية كرئيس أقوى دولة في العالم وتصرف بشكل يتناقض مع قيم العدالة والحرية واحترام حقوق الإنسان.. ويبقى السؤال الأهم في الوقت الحالي هل سيحدث الرئيس الجديد "دونالد ترامب" تغييرات جذرية في السياسة الأمريكية على الصعيدين الداخلي والخارجي؟ أم أن الماكينة ستسير كالمعتاد، مع تغييرات طفيفة تتوافق مع المتغيرات التي تجري من حوله محلياً ودولياً دون أن تمسّ صلب المشاكل الواقعة وتقدّم حلولاً واضحة.. ليظل المستقبل هو الكفيل بالإجابة عن ذلك.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=42906