تحقيقات وتقارير

هجرة طبية .."إن لم تنفع لا تضر"!


الإعلام تايم - ربى شلهوب 

"إن لم تنفع لا تضر" و"لا يوجد داء إلا وله دواء" على هذا المثل الشعبي بات السوريون يتعاملون مع المرض في حياتهم اليومية، فبعد أن أصبحت زيارة الطبيب أمر متاح فقط للطبقة الميسورة مادياُ ناهيك عن تكاليف التحاليل والصور الإشعاعية وقلة الدواء وعدم فعاليته، كل ذلك جعل اللجوء إلى الأعشاب أمراً طبيعياً.

 

فالأعشاب تعتبر حتى اليوم دواء رخصياً فيما لو قورنت بباقي الأسعار، أو أسقطناه على سعر الأدوية العادية، وهي متوفرة لكل الأمراض على اختلاف أنواعها، هذا ما أكده أحد بائعي التوابل والأعشاب في سوق البزورية بدمشق.

 

وهو أمر تؤكّده سميرة مربية منزل ولديها 4 أطفال "خلال الشتاء هذا مرض أطفالي ولم أطرق باب طبيب لأنني لا أستطيع تحمل تكاليف حتى زيارة الطبيب المختص، فلجأت إلى العطار لمعالجتهم من أمراض الجهاز التنفسي من رشح وكريب والتهاب" .

 

أما علاء وهو موظف حكومي يصف طب الأعشاب بالأكثر صحياً من الطب العادي " الأدوية اليوم لم تعد فعالة، كنت أخذ حبة سيتامول يكن راسي بس اليوم بتاخذ العلبة كلها وما بتستفيد" ويضيف " ليس فقط السيتامول حتى أدوية الالتهاب و أمراض الرشح". 

 

"خلال هذه الحرب  تم تدمير العديد من شركات الأدوية التي كانت تتمركز في حلب وريف دمشق ما سبب أثراً على سعر الدواء وفعاليته وتوافره"، بهذه الكلمات اختصر محمد الحالة التي وصل إليها الوضع الصحي في البلاد، واصفاً إياه بالمتوسط رغم محاولات الحكومة لتفادي أي أزمة صحية " البلد صارت محصورة بمنطقة واحدة لذا هناك ضغط على المشافي العامة شو بدها تلحق لتلحق".

 

أما شادي وهو مريض قلب فيقول " الوصفة بكررها كل شهر من دون زيارة الطبيب المختص لان زيارته بدها بس 5 آلاف ليرة، وأحياناً كتير بشرب خلطات من عند العطار وبتساعدني ودخلك إن ما نفعت ما بتضر".

 

السيدة راغدة وهي موظفة وأم لطفلين تقول "مهنة الطب ابتعدت عن إنسانيتها، واتجهت نحو التجارة والربح، وهذا ما دفع الفقراء للتوجه نحو طب الأعشاب، فهو رخيص نسبياً" وتضيف "أنا عالجت أمي من آلام في مفاصلها عند العطار بعد أن تهت في دائرة الأطباء لمدة سنة كاملة  فكل طبيب له رأيه وتشخيصه وفي النهاية لم تشفى إلا على يد العطار".

 

وللعطار رأيه فالمهندس الزراعي "حسان" ورث عن أجداده هذه المهنة ووصف دراسته في مجال طب الأعشاب يؤكد أن الشريحة التي تلجأ للطب العربي أو طب الأعشاب موجودة وتتزايد مع تزايد العدد السكاني، فالناس اليوم تلجأ إلى هذا الطب بإيمان منها أنه فعال وجيد إذا استخدمت بطريقة صحيحة ومدروسة، إضافة إلى الأوضاع المادية السيئة بسبب ظروف الحرب، فمعظمهم عزف ليس فقط عن الطبيب بل عن الكثير من الأمور والتي تعتبر أساسية، وأضاف إلى أن هناك شريحة أخرى رغم ظروفها المادية الجيدة فهي تفضل النبات للعلاج.

 

وأشار أن معظم الأمراض التي تشخص بطريقة صحيحة عند الطبيب لها علاج نباتي كبديل عن العلاج الكيميائي أو المتعارف عليه، مؤكدا التواصل بينه وبين الطبيب فكلاهما مكمل للآخر، مضيفاً أن هناك بعض الأمراض التي لا تحتاج إلى تشخيص كالمغص والرشح والامراض الجلدية الظاهرة المتعارف عليها يتم علاجها مباشرة.

 

وأضاف إلى أن معظم النساء تهتم بجمالها فأكثر ما يتم طلبه هو أعشاب تخص التنحيف والشعر والبشرة إضافة غلى ضعف في الانجاب الذي تتوافر الكثير من الأعشاب التي تساعد على العلاج بشكل آمن بعيداً عن الجراحة"، مؤكداً  أن معظم الناس يفضلون اللجوء إلى الاعشاب لتخفيف الآثار الجانبية للدواء الكيميائي.

وعن أهمية تخصص "العطار" في مجال عمله أكد أنه قبل تقدم العلوم كانت مهنة متوارثة أما اليوم فمع تقدم العلم لابد أن يكون العطار على علم، فالإنسان المتعلم تسهل عليه الامور الصعبة أكثر من الإنسان الغير متعلم، وتقدم العلم اليوم يصب في مصلحة طب الأعشاب ،حيث  أثبت أهمية بعض الأعشاب، وكيفية استخدامها، وطريقة خلطها مع الأخرى، فعلمك بالأعشاب و ما تحويه من فوائد وأضرار وتشخيص الحالة يساعد في تطبيق هذه العشبة للعلاج، وأضاف حسان أن سورية هي من أمهات الطب البديل، وفيها كليات لتدريس الطب وأخرى لتدريس العلوم الطبيعية ولكن ما من خطة لإنشاء معهد أو كلية لتدريس الطب البديل ما يؤدي إلى سوء استعمال الأعشاب.

 

 

بات التداوي بالأعشاب وفوائدها الطبية واستخدامها في علاج الكثير من الأمراض الحديث اليومي لسكان دمشق بسبب ما آلت إليه البلاد من أوضاع اقتصادية خلال قترة الحرب والحصار الاقتصادي، قصمت ظهر مواطنيها، إضافة الى من يتاجر بآلامهم.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=42877