تحقيقات وتقارير

التوتر المصري السعودي إلى أين؟


الإعلام تايم _ خاص

شهدت الأيام الماضية تأزم في العلاقات بين مصر والسعودية. ووصلت حدة الخلافات بين الجانبين إلى مستوى غير مسبوق منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في مصر. مسار التصعيد بين البلدين بدأ بشكل جلي منذ 9 من تشرين الأول الماضي، على خلفية تصويت مصر لمشروع القرار الروسي بخصوص الأزمة السورية، الأمر الذي أثار حنق السعودية التي انتقدت الخطوة المصرية وعلق مندوبها في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي على التصويت المصري واصفاً إياه بالأمر "المؤلم".
وكان الاستقبال الرسمي الذي حظي به رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك والوفد الأمني المرافق له، في القاهرة في 18 تشرين الأول الماضي، الخطوة الأكثر إيلاماً للجانب السعودي، وقد وصفت وسائل إعلام الزيارة على أنها انقلاب على السعودية، فيما أصرت مصر على استقلالية قرارها في سياستها الخارجية والشأن السوري.
مصر ردت على الانتقادات التي طالتها من السعودية، بالإعلان على لسان رئيسها عبدالفتاح السيسي بأن مصر وبالرغم من كل الضغوط التي تتعرض لها، "لن تركع إلا لله" وأن سياسية مصر مستقلة في ما يخص الشأن السوري، وقد صنف الاعلام المصري الانتقادات السعودية في دائرة محاولات ابتزاز مصر بالنفط والمال لتبني مواقف السعودية بعيداً عن المصلحة والثوابت المصرية.
توالت الخطوات التصعيدية بين البلدين، حيث قامت شركة أرامكو السعودية بالامتناع عن تسليم شحنات النفط المتفق عليها لمصر لشهري تشرين الأول والثاني، و من ثم أبلغت الهيئة العامة للبترول المصرية عن وقف امدادات المواد النفطية حتى اشعار آخر، مما حدى بمصر التوجه إلى الأسواق الدولية لاستبدال واردات النفط من شركة أرامكو السعودية، وأنها ستبحث عن أفضل الأسعار.
ويبدو أن التوتر السعودي المصري قد ألقى بظلاله أيضاً على قضية جزيرتي تيران وصنافير، حيث يرى محللون أن قرار المحكمة الإدارية المصرية ببطلان اتفاقية نقل السيادة على الجزيرتين من مصر إلى السعودية، لم يكن بمعزل عن المتغيرات والتوترات القائمة بين البلدين.
هذه الاختلافات في العلاقة بين الجانبين ليست وليدة لظروف طارئة، بل هي نتائج متوقعة للاختلاف الاستراتيجي القائم بين النظامين المصري والسعودي ،فالنظام المصري الجديد الذي جاء على خلفية اخفاق الاخوان المسلمين في إدارة البلاد، وانخفاض شعبيتهم بشكل كبير، لا يمكن أن يتساوق مع سياسات الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز المعروف بانفتاحه على الإخوان خلافاً لشقيقه الراحل عبدالله، كما أن العلاقات التاريخية والجيوسياسية المتجذرة في المنظومة العسكرية والأمنية بين كل من سورية ومصر، ليست من النوع الذي يمكن للنظام المصري أن يفرط بها ببساطة، خاصة وأن النظامين السوري والمصري يواجهان تحدياً مشتركاً متمثلاً في الارهاب، والذي يتطلب من الجانبين التنسيق فيما بينهما للتصدي له.
وفي حديث صحفي للكاتب والمفكر المصري الدكتور بشير عبد الفتاح. حول وقف آرامكو تصدير النفط السعودي لمصر بضغط من جهات سعودية عليا، ووساطة بعض الدول العربي لترميم العلاقات المتوترة بين القاهرة والرياض قال:" أعتقد أن العلاقات المصرية السعودية تشهد حالة من الاضطراب منذ 2013 بسبب التسريبات التي نشرت عبر وسائل استخبارات أمريكية-إسرائيلية والتي تضم حديث الرئيس السيسي مع مدير مكتبه عندما كان وزيراً للدفاع بشأن الحصول على أموال من دول الخليجية وتشبيهه الأخيرة بأشباه الدول، هذا كان أول خلاف جوهري، واستطاع الرئيس السيسي احتوائه شكلياً إلا أن آثاره ظلت باقية لدى السعوديين، وبعد ذلك جاءت مسألة التصويت لصالح المشروع الروسي في مجلس الأمن الذي لم يكن الصدام الأساسي برأيي، فالسعودية تعرف موقف مصر من سورية مسبقاً إذا أنها لا تحبذ إسقاط الرئيس بشار الأسد بينما المملكة تسعى لهذا الأمر، وعندما حدث التصويت استخدم الأمر كذريعة لإيصال رسائل خليجية بأن هناك سخط خليجي من سياسات القاهرة حيال الأزمة السورية مما دفع مصر للجوء إلى مصادر عربية أخرى لإعادة المياه إلى مجاريها، كقدوم ولي عهد أبو ظبي إلى القاهرة بتوصية من السعودية لإذابة الجليد مع القاهرة خصوصاً بعد وصول ترامب للرئاسة وهو صاحب المواقف المعروفة من السعودية."
هل تتسارع الخطى السعودية لإعادة لملمة حلفها العربي – الإسلامي العريض في المنطقة، خصوصاً بعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميريكة، ووصول "ترامب" للبيت الأبيض ومباشرة مهامه فيه. و هل ستتجاوب مصر مع مساعي السعودية الجديدة، بعد الجفاء الذي خرج إلى العلن...؟

صحف _ وكالات

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=41465