الإعلام تايم _ لبانة علي 

شهر "أيلول" من كل عام، هو الشهر الأصعب اقتصادياً على المواطنين السوريين، لتداخل النفقات الضرورية الاعتيادية مع النفقات السنوية الدورية كالمونة ومستلزمات المدارس وفي السنوات الأخيرة عيد الأضحى المبارك، فرحلة "المكدوس" تبدأ مع بداية الشهر التاسع وهو موسم الباذنجان والجوز، على افتراض أن أغلب العائلات انتهت من "مونة الملوخية والبامية" مع نهاية الشهر الثامن.

 

"صحن المكدوس"،  يعد الأكلة السورية الشعبية، و صنفاً رئيساً على موائد السوريين، ورغم أن الأحاديث تقول: إن منشأ المكدوس حلبي، إلا أن الدمشقيين يعتنون كثيراً في تفاصيل تحضيره ومونته... حلبية كانت أم شامية فقد تأثر وجودها على موائد السوريين حتى وصلت الى حالة اللاوجود بسبب الازمة التي تعيشها سورية والتي كان من نتائجها التي أثقلت كاهل المواطن ارتفاع الاسعار وخاصة المواد الغذائية.

وبعد أن كانت العائلة تنتج سنوياً 10 أو 20 كيلو من المكدوس، باتت تكتفي بكيلو أو اثنين لا أكثر، واستبدل الصحن الصباحي الذي كان يضم 5 أو 6 مكدوسات، بصحن صغير، يضم مكدوسة واحدة، يتقاسمها أفراد العائلة، كما غاب المكدوس بشكل نهائي عن كثير من العائلات، التي غابت عن منازلها، أو سافر أبناؤها إلى خارج البلاد.

كما أجبرت العديد من العائلات  في ظل الواقع الاقتصادي الصعب، وتدني مستوى المعيشة على العزوف عن صناعة "المكدوس" هذا العام، بينما اتجهت أسر اخرى لابتكار أساليب تناسب وضعها الاقتصادي عبر اختصار الكميات المعتادة سابقاً والاكتفاء بما وصفوه "دواقة السنة".. في حين حافظ الميسورون على ما اعتادوا عليه سنوياً من ناحية الجودة والكمية.

وحدث مع أحد أبناء العائلات التي نزحت من بيتها ، حيث أجابت أم حين سألها ابنها (ليش ماما ما عاد عملنا مكدوس!!)... يا أمّي.. كترة المكدوس  بتعمل سرطان!

ومن خلال جولة  لـ "موقع الإعلام تايم" على الاسواق الشعبية، تم رصد الأسعار التالية، التي قد يلاحظ  ضمنها مواد غير مألوفة في صناعة "المكدوس" سابقاً، لكنها باتت واقعاً لدى بعض الأسر كمكون أساسي في هذا العام هروباً من التكاليف المرتفعة فوصل سعر 10 كيلو باذنجان بلدي ممتاز2000 ليرة سورية و 5 كيلو فليلفة2000 ليرة سورية وكيلو جوز بلدي ممتاز5000 ليرة سورية و3  لتر زيت زيتون 5100 ليرة سورية نصف كيلو ثوم500 ليرة سورية فبذلك تصل كلفة الـ 10 كيلو13350 ليرة سورية أي كلفة المكدوسة الواحدة 133,5 ليرة سورية ...

ورصدنا أيضاً لجوء بعض الأسر إلى خلط  زيت الزيتون بزيت عباد الشمس "زيت القلي"  سعر لترين زيت عباد الشمس حوالي  1400 ليرة سورية، فيما يخص الحشوة، قاموا بتخفيض كمية الجوز واستعانوا بأنواع أقل جودة كـ "فستق العبيد" ، وسعر كيلو فستق عبيد بـ 1500 ليرة سورية،، وأضافوا الرمان في سابقة جديدة، إضافة لزيادة كمية الفليفلة الحمراء، للمحافظة على حجم الحشوة داخل "المكدوسة" الواحدة.

مونة "المكدوس" والتي تصل تكلفتها كما ذكرنا إلى نحو 16 ألف ليرة وبشكل وسطي مع التقشف، كانت تكلف الأسرة قبل الأزمة التي تمر على سورية نحو 5 آلاف ليرة أو يزيد قليلاً، وبالطبع المونة على اختلاف أشكالها أصبحت تشكل عبئاً ثقيلاً على الأسر، وخاصة مع اتساع الفجوة بين الدخل وبين الأسعار مما دفع العديد من الأسر إلى الابتعاد عن فكرة المونة هذا العام والذي شهد جموداً في الطلب على مواد المونة مثل البازلاء والفول والبندورة وغيرها من المواد الغذائية الأخرى الأمر الذي غيّر في العادات الاستهلاكية لدى الأسر ويبقى سؤال هل سيقوم السوريون  باتباع برنامجاً تقشفياً بحتاً للمحافظة على دخلهم أمام عملقة الأسعار.... أم سينتظرون  الوعود والعهود  من الحكومة بخفض الأسعار ..