تحقيقات وتقارير

المدارس غول مطالب.. والاهل صفر امكانيات


الإعلام تايم - عروب الخليل


بدأت سنة دراسية جديدة ولكن هذا العام لها "نكهة خاصة" عند العائلات السورية، فالأسعار المرتفعة تطغى على كل ما هو جميل مع بداية السنة الدراسية، والإحساس الجميل الذي يشعر به الأباء والأمهات وهم يرون أطفالهم يكبرون عاماً وفيه سوف يتلقون معلومات وأساليب جديدة من العلم والمعرفة والتربية.

 

 المستلزمات المدرسية، وجنون الأسعار التي لم تعد ضمن حدود المعقول، جعلت الهم يكبر.. كيف لا وكل أسرة بحاجة إلى مبالغ مالية طائلة لتؤمّن لأطفالها فرحة قدوم السنة الدراسية الجديدة من اللباس والمصروف اليومي والقرطاسية ومتطلبات المدرسين والمدرسة التي لا ترحم عند البعض وليس بالعموم.

 

جولة قصيرة في الأسواق تكشف خيالية الأسعار وجنونها مُقارنة بدخل المواطن .. القرطاسية، يصل سعر الدفتر العادي 200 والقلم إلى 150 والممحاة 100 والبراية 100 والحقيبة الجيدة أقلها 3500 وأغلاها 7000 ليرة سورية وعلبة الألوان بسعر وسطي 500 ليرة سورية. ويأتي بعض المدرسين والمدارس لتزيد من طلباتها حيث يطلب من الطالب ألوان دفاتر محددة وهذا له سعره أيضاً .

 

وتأتي أسعار اللباس الخاص بكل مرحلة والذي يتراوح بين سعر 3000ليرة للمرحلة الابتدائية وصولاً للطقم المدرسي والذي يبلغ سعره الأدنى 5000ليرة، وزارة التربية تؤمن كتب .. مجانية الكتب المدرسية في مرحلة التعليم الأساسي فقط، ما الضير بالحاق مرحلة التعليم الثانوي بمجانية التعليم في ظل الأوضاع الراهنة؟؟؟ 

 

إلا أن مرحلة التعليم الثانوي تكون بالكامل على عاتق الأهل من الكتب للباس للقرطاسية وتأتي أجور النقل لتتوج الهم المدرسي .وقد بلغ سعر نسخة الكتب لمنهاج مرحلة التعليم الثانوي والإعدادي ستة آلاف وخمسمئة ليرة سورية.

 

وبجردة حساب سريعة واستخدام عملية الجمع، ينتج الرقم النهائي لتكلفة الطالب الواحد بالحدود الدنيا إلى ما يقارب الـ28 ألف ليرة سورية، أي ما يُعادل حوالي راتب الموظف الواحد، وليس آخراً فإصرار بعض المدارس على لون الحذاء تأتي لتزيد كما يقال الطين بلة.

 

أبو أسعد وزوجته، لديهم أربعة طلاب وبمراحل دراسية مختلفة، فلم يكن أمامهم سوى الحديث مع أبنائهما حول إمكانية إعادة تدوير حاجياتهم والانتفاع منها مجدداً مع بدء العام الدراسي الجديد.

 

تقول أم أسعد أنها قامت بتفقد الحقائب المدرسية، وأجريت التعديلات اللازمة عليها من تنظيف، خياطة، تركيب سحاب وغيرها من التدابير التي جعلت الحقيبة تظهر بحلة أفضل مما هي عليه. تضيف أم أسعد أنها تقوم بإقناع أولادها حول أهمية الشعور بالمسؤولية، فكل واحد منهم يمكنه تحديد ما يلزمه وما يمكنه الاستغناء عنه، وأن عليهم تفهم ذلك.

 

أم علاء أم لأربعة أولاد تقوم كما أغلب الأسر باستلاف الكتب من الآخرين (الكتب التي تتطلب الشراء). فتقوم العائلة الواحدة بتبادل اللباس المدرسي فمن أنهي مرحلته يعطيه للآخرين.

 

ولعل مثل هذا السلوك يكون عوناً و يعزز التكافل الاجتماعي والذي نحن بأمس الحاجة إليه في ظروفنا الراهنة.

 

وتذهب أم أحمد للمحال المختصة ببيع القرطاسية والحقائب التي تقدم عروضاً تشجيعية بالأسعار، مؤكدة أنها تذهب بمفردها تجنباً لانتقاء أبنائها الكماليات، خصوصاً وأن هناك العديد من المغريات وبأسعار خيالية لا يمكنها شراؤها. وبظل الواقع الاقتصادي ليس أمام الأهل سوى التدبير وتوفير بدائل أوفر اقتصادياً.

 

أما عن دور الهيئات التدريسية في تعزيز التكافل والتعاون، ما الضير في انشاء جمعيات تطوعية، للاستفادة من المواد المستهلكة والتي يمكن اﻻنتفاع بها، وأيضاً التطرق لتجارب ناجحة على اﻻنترنت في استثمار أفضل للمقتنيات بما يحقق وفراً اقتصادياً.

 

وقد توجهت المدارس الحكومية للتخفيف من النفقات المدرسيّة، لذا لم تعد تُشدّد على موضوع الالتزام بالزيّ المدرسي الرسمي، ولكن بعض المدارس لم تأخذ به وبقيت بتشددها لجهة لون الحذاء والقميص وتناست إداراتها الواقع المادي للأسر المثقلة بالأعباء الاجتماعية والاقتصادية.

 

وعلى الرغم من أن منظمة الأمم المتحدة تُوزّع قرطاسية وحقائب في كلّ عام على المدارس، إلّا أن كميتها لا تغطي العدد المطلوب، وهي موجّهة بشكل مباشر إلى طلاب الحلقة الأولى (المرحلة الابتدائية)، وتركّز بشكل خاص على الطلاب النازحين، فيما يبقى طلاب مرحلتي التعليم الاعدادي والثانوي من غير دعم.

 

هكذا تتضاعف الأعباء المادّية على الأسرة ، في شهر "أيلول الكابوس"، وهكذا أيضاً يُجاهد الأبوان لتأمين احتياجات أطفالهم المدرسية والمعيشية، وفي نفس الوقت الاكتفاء بالحدّ الأدنى منها في محاولة لتخفيف عبء النفقات التي تُبقي المواطن في حالة نسأل الله أن تبعده عن الجنون .

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=39493