بطل من سورية

فاتحة النصر و خاتمته الشهادة .. الشهيد البطل أحمد جعفر


الإعلام تايم - ريم خضور 

عندما يعزف الفراق الحانه مع كلمات الجمال.. ويفتقد البدر إلى نوره لحظة الكمال.. و تمتد آمواج البحر بلهفة ولا تجد شاطئ الرمال.. أعلم أن سورية تنزف دما تنزف رجالاً.. أعلم أن الموت حق و أن الرصاص سيد المقال.. و أرى الموت ساجداً يقبل أقدامكم في ساح القتال.. و أسمع شعاركم أحبتي زغرد أيها الرشاش لحن ذكرانا فنحن جنود الله و الموت يخشانا.. نحن من اصطفانا الله و تاقت الملائكة إلى لقيانا.. نحن كلمات الحق توراة وانجيلاً وقرأنا.. نحن فاتحة النصر وخاتمة الشهادة أرواحنا نذراً للوطن و قرباناً.

 

الشهيد البطل الملازم أول أحمد نجدت جعفر من مواليد دمشق 27 نيسان 1993 دمشق، ترعرع في عائلة وطنية على حب الوطن حيث كان والده ضابطاً في الجيش العربي السوري ووالدته ربة منزل، للشهيد شقيق وشقيقتان.

 

درس الشهيد المرحلة الإبتدائية في مدرسة "دوحة الحرية" وتابع دراسته الإعدادية في مدرسة "الصالحين" بمخيم فلسطين، ونال الشهادة الثانوية وسجل بكلية الهندسة الميكانيكية بدمشق إلا أن عينيه كانت ترنو بشكل دائم إلى صفوف الجيش ما دفعه إلى الالتحاق بالكلية الحربية بداية عام 2013 وتخرج منها بتاريخ 31 / 10 / 2015 بتقدير "ممتاز".

 

كان الشهيد البطل من مرتبات الفوج 53 قوات خاصة.. تطوع بكتيبة المهام الخاصة اختصاص دفاع جوي ومع ذلك شارك مع مجموعات المشاة  بإرادته و كانت أولى مهامه في ريف اللاذقية، عندما طلب قائد الكتيبة عدد من الشبان لإنقاذ طاقم الحوامة الروسية التي أُصيبت بعطل فني وسقطت بجبل النوبة على بعد 4 كيلومتر عن خط المسلحين الأول بمنطقة "مقلع الصخر"، وكان من المشاركين في هذه المهمة أيضاً الشهيد "علي أكرم جنيد"، حيث تمت إعادة الطيار الروسي مع طاقم الطيارة كاملاً إلى مركز تجمع الجيش السوري وتم استقباله وزملائه بالهتاف والشكر على نجاح العملية في قاعدة "حميميم".

 

تميز الشهيد البطل باندفاعه وحماسته رغم صغر سنه وقوة قلبه، حيث كان مصدر لرفع معنويات زملائه في تلك الحرب الملعونة.

 

تابع الشهيد مهامه القتالية فانتقل إلى منطقة "الدغمشليه" استمر وجوده فيها قرابة ال20 يوم  لينتقل بعدها إلى "جبل الزويك" بمهمة لتنظيم سير العمل في تلك المنطقة وتدعيم الدشم المتاخمة لمرابض المسلحين و"جبل ضو" الذي استمر تواجده فيه قرابة الشهر بصفة "معاون قائد القطاع".

 

يُذكر أنه حين استولى المسلحين على "كنسبا" جاء أمر بانسحاب الضباط ليتمركزوا بالنقطة التي كان فيها الشهيد البطل "بخان الجوز"، طلب هو وأربعة من رفاقه من قائد العمليات العسكرية السماح لهم بالدخول ليسترجعوا الأراضي التي سيطر عليها المسلحين، فكان جوابه الرفض وأن لا يستعجلوا الأمور، وأن الإمداد بطريقه اليهم لإعادة "كنسبا" من أيدي المسلحين، وبعد أقل من شهر جاء الإمداد وجاءت لجنه وطلبت عدد من الضباط ليشاركوا بالعمليات القتاليه، وبالطبع كان الشهيد أحمد من أوائل من اندفع طالباً أن يكون اسمه الأول، وبعد فتره لا تتجاوز السبع أيام بدأت المهمة حيث كان أحمد قائد فصيل وكان رقمه الأول "المهمة" إمداد ، ولكن كان الشهيد يُطالب أن تكون مهمته قتالية مع عناصر الجيش رافضاً أن يكون في صف الإمداد، وأثناء المهمة أصيب عدد من زملاءه حينها سارع أحمد وثبت مكانهم ، بقي حوالي الخمسة عشر يوماً  تعرض خلالها لأكثر من 10مرات لأعنف الهجمات ليكون ثمرة هذه المعارك العنيفة، أكثر من مئة قتيل من المسلحين والسيطرة الكاملة من قبل الجيش السوري على كامل قلعة "شلف" بجهود ودماء أحمد وزملائه".

 

وفي المهمة الأخيرة لصاحب ذلك القلب القوي والصنديد وفي منطقة كباني تلة الذويقات" حيث كانت المعركة الأعنف، بتاريخ 24 آب جاء أمر تجهيز العناصر ليكون التحرك صباحاً إلى منطقة "جب الأحمر".

 

وبتاريخ  26 آب الساعة السادسة صباحاً، تحرك أحمد مع فصيله المؤلف من 20 عنصر وعدد كبير من زملائه من ضباط وعناصر، انسحبت كل القوى لتبقى القوات الخاصة والتي كانت تحت إدارة الشهيد البطل، ومع ساعات الفجر الأولى، كان فصيل أحمد أول الواصلين لقمة الجبل وكان أحمد أول من اتجه إلى الدشمه المعادية ومعه4 عناصر، وبعد اشتباكات عنيفة مع المسلحين، أصيب زميلين له كما تعرض قائد المجموعة المؤازرة له للإصابة، لكن أحمد أصر على التقدم استشهد عنصر من المجموعة، سحبه أحمد ونقله إلى نقاط التثبيت ليعود متابعاً مهمته، حيث كان جاثياً على ركبتيه راصداً تحركات المسلحين والضحكة لا تفارق ثغره ميقناً أن النصر حليفه، وخلال اشتباكات عنيفة وكثافة النيران، طلقة غادرة في رأس أحمد نالت منه و استشهد على أثرها، حيث توارى جسده الطاهر تحت الثرى في مسقط  رأسه (حماه_سهل الغاب_ قرية مرداش).

كل الرحمة لروح القائد الفذ.

عندما تتحدث عن الشهداء، تتواضع الأقلام ويجف مدادها خجلاً أمام عظمتهم. عندما تبحر في متون وصاياهم ومفرداتها تنساب ريح هادئة من عالم آخر عرفوه حق المعرفة، ولا مكان فيه للزيف أو الرياء. كلمات صادقة خُطت بدمهم القاني، ليست بحاجة إلى دليل عن صدقيتها، إذ إنهم كمن كشف له الغطاء فأصبح بصرهم حديدا. عرفوا الدنيا لكنها لم تأسرهم بحبها فأعرضوا عنها طائعين، فأحياهم الله في كتابه العزيز ﴿بل أحياء عند ربهم يرزقون﴾.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=53&id=39104