تحقيقات وتقارير

أسماء المحلات بين الطرافة ومحو الثقافة


الاعلام تايم _ خيرية أحمد


"ماما غدينا، بابا عشينا، الشبعان، حماتي، بيت العجائب، ماله مثيل، على هواك، دقلي لولفلك"، ليست كلمات جمعت من حديث بين شخصين، إنما هي مسميات لمحلات تجارية ومراكز تسوق وتجميل ومطاعم وفنادق، منتشرة في أماكن متعددة من مدن ومحافظات سورية، أصبحت هذه المسميات موضة عصرية وظاهرة غريبة وطريفة وملفتة ودخيلة على مجتمعنا الذي يتسم بلغته العربية العريقة والغنية بمفرداتها، والأغرب من ذلك تكرار هذه الحالة بكتابة عبارات باللغة الإنكليزية ومترجمة بطريقة خاطئة غير مفهومة على ثياب الأطفال وحقائبهم، كذلك استخدام أسماء مسلسلات مدبلجة وشخصيات فيها لا تعبر عن المجتمع الذي ننتمي إليه.


واستشهاداً بمقولة الدكتور إبراهيم الفقي "من المحتمل ألا تستطيع التحكم في الظروف، ولكنك تستطيع التحكم في أفكارك"، وضع العديد من أسماء المحالّ دون النظر لمعنى ومدلول الاسم ومناسبته لنوع وطبيعة المحل ومكانه ولا حتى التحكم بالتفكير بشكل سليم دون الخضوع للرغبات التي قد تكون غير مناسبة مثل "الذواق" لمحل أحذية، و"الشبح" لفندق".


أسباب عديدة يمكن إرجاعها لاستخدام لوحات ولافتات وإعلانات بهذا الشكل، ومن أهمها لفت الانتباه وجذب أكبر عدد من الأشخاص "الزبائن" وسهولة حفظه في الذاكرة، وزيادة الإقبال  بهدف الربح الوفير، وإعطاء صدى وشهرة واسعة من خلال غرابة المسميات التي يطلقونها، والترويج لبعض الشخصيات والمسلسلات وربط الواقع بالتلفزيون، وقد تكون نوعاً من التفاؤل بهذا الاسم كونه يجلب لهم الحظ وهذا يجعل الأفراد يخضعون لأفكار لا عقلانية ولا منطقية، وإضفاء روح النكتة والفكاهة والدعابة والضحك والبساطة، كما أيضاً قد تكون نوعاً من التنفيس أو تفريغ الطاقة المكبوتة، بالإضافة إلى تأثير البيئة الاجتماعية والوضع النفسي للتجار، أو نزعة الشباب إلى التجديد والتغيير والتباهي من باب التقليد الأعمى للغرب.


وتحت مقولة "التجارة شطارة" يعتبر بعض الأشخاص إطلاق هكذا مسميات "بالفلهوية" والشطارة التي يتمتع بها التجار متناسين الأثر السلبي على تعليم اللغة العربية وخصوصاً بالنسبة للأطفال، إذ أنها تعكس صورة خاطئة ومظهر غير حضاري عن الجهة التي قامت بعمل اللافتة الإعلانية وعن ثقافة المجتمع والبلد.


فلابد من ضرورة توعية المجتمع على أثر هذه الظاهرة على جميع نواحي الحياة، وتفعيل دور الرقابة والجهات المسؤولة عند الحصول على الترخيص، والتركيز على أهمية "سيكولوجية الدعاية والإعلام" في التسويق، بالإضافة إلى تعزيز موروثنا اللغوي والثقافي والاجتماعي الذي نفتخر به، وحث الشباب على الالتزام بالقيم الاجتماعية الأخلاقية.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=36925