تحقيقات وتقارير

متسولون أم ضحايا ... مسلسل لا يتابعه أحد


الاعلام تايم_لبانة علي
أطفال الشارع، ليسوا "ولاد شوارع"، بل هم يد عاملة بملابس مهترئة وقلوب لم يبق فيها سوى براءة تلمع في عيون تلوح من بين وجوه شاحبة بـ "الشحوار" ، كسواد الأيام العجاف التي تمر بها البلاد.
قد يكون لهذا الطفل رب أسرة غاب بسبب ظروف الازمة التي دخلت سنتها السادسة قبل أشهر، تاركاً خلفه أطفالاً عظامهم غضة طرية، ليجدوا في أرصفة الطريق ملاذاً لهم، فيما هناك أطفال زج ّ بهم  رب أسرتهم مرغمين إلى الشارع متوعداين إياه لو عاد بلا غلة بالعقاب الشديد .
وتتمة لمسلسل عمالة الأطفال ، تأتي حلقة تالية من ذات الألم "التسول" والذي يبدو أنه مسلسل لا يتابعه أحد.. فالأزمة الراهنة رفعت نسبة التسول في البلاد بشكل كبير ولاسيما في العاصمة دمشق نتيجة نزوح عدد كبير من الأسر إليها ما دفع بالعديد منهم إلى التسول، وأشارت مصادر أن عدد حالات التسول التي نظر بها القضاء في ظل الأزمة أكثر من 40 ألف حالة في مختلف المحافظات ما يدل على ارتفاعها بشكل كبير مقارنة بما قبل الأزمة، ووصلت نسبة النساء المتسولات أكثر من الذكور نتيجة فقدان العديد منهن لمن يعيلهن في معيشتهن، وربما بعضهن اعتدن على هذا العمل قبل الازمة.
الجمعيات الخيرية كأحد الحلول لهذه المشكلة.. كما هو معروف يقتصر دورها على من يطرق بابها وحسب، وبما تيسر فقط، وهؤلاء لا يطرقون باب تلك، و"الفرج على الله".
قانونياً.. القانون السوري لم يعتبر جريمة التسول من الجرائم الخطيرة التي يعاقب عليها القانون بل هي جنحة بسيطة من اختصاص محكمة الصلح الجزائية.. هذا ما شرحته لموقع "الإعلام تايم" المحامية رنه محمود، فقالت: "لا يستغرق التوقيف فترة طويلة ولو كرر فعل التسول، واعتبر القانون مثل هذه الأفعال جنحة لأن الذين يتسولون في بعض الأحيان هم بحاجة إلى تأمين قوت يومهم إلا أن الفعل اجتماعياً غير مقبول وبالتالي تم فرض هذه العقوبة الإصلاحية لمنعهم من التسول مرة أخرى والبحث عن مصدر عمل وخاصة القادرين على العمل".
المحامية محمود تابعت قائلة.. "المادة / 596/ من قانون العقوبات العام، التي تنص على من كانت له موارد أو كان يستطيع الحصول على موارد بالعمل واستجدى المنفعة الخاصة، والإحسان العام في أي مكان سواء صراحة أو تحت ستار أعمال تجارية، عوقب بالحبس، أو التشغيل من شهر على الأقل إلى ستة أشهر على الأكثر، ويمكن حينها أو يوضع في مكان أو دار تشغيل، ويقضى بهذا التدبير عند التكرار".

فيما المادة / 598 / من قانون العقوبات تنص على أن من غادر مؤسسة خيرية تعنى به، وتعاطى التسول عوقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر، أضافت المحامية.. وفيما يتعلق بالتشغيل والعمل تنظم هذه العلاقات بين العامل ورب العمل، ويجب أن تمنح إذن من وزارة الشؤون والعمل لتشغيل هذا الطفل.
والسؤال هنا، من يلاحق أولئك الذين يقفون خلف ستار هذه الجنحة أو الجريمة ..؟
أشارت المحامية محمود أن المشكلة ليست في التشريع والتي تؤكد مصادر حقوقية أنه قيد التنفيذ، بل في حلول المشكلة، ووزارة الشؤون الاجتماعية، المعنية عن هذه المشكلة.
وختمت المحامية محمود قائلة.. "مما لا شك فيه، أن أطفال الشوارع يتعرضون للعديد من الانتهاكات والعنف، وهذه الإساءة تكون على شكل إهانات أو تعديات جسدية أو إساءة نفسية، وهنا لا بد من القول، أن وزارة الشؤون الاجتماعية عليها أن تدق ناقوس الخطر، بحملة طال انتظارها لإسعاف هؤلاء الأطفال وليس "تكبيسهم" في دور يهربون منها حالما استطاعوا، وتركهم لحظهم".

ليس على مقاعد الدراسة، ولا في معاهد الفنون والعلوم، بل في الشارع، ينتظر الكثير من الأطفال، دوام لا عودة عنه، إلا الجوع والعقاب.. أليس من حق هؤلاء الأطفال أن يكونوا تحت مظلة الأهل والدراسة، بدل من الجلوس على قارعة طريق لا يعرف منتهاه إلى أين.!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=36863