تحقيقات وتقارير

لفقراء العيد.. ممنوع الاقتراب واللمس .. صورة للذكرى فقط!!


الاعلام تايم_فاطمة فاضل

في يوم حار وعشية عيد الفطر في أحد شوارع دمشق، قررت تلك الأم البائسة أن تبتاع ألبسة لأطفالها الثلاثة لترسم البسمة على وجوههم الغضة، "هيا لندخل الى ذاك المحل".. قالت لأطفالها، تنقلت وتنقلت بين أرجاء المحل مترددة فكل ما تم عرضه غاية في الروعة، أخيراً استقرت على ثلاثة قطع بالعدد، "أريد هذا وهذه وهذه.. قالت الأم للبائع: "35 ألف ليرة لو سمحت".. جاوبها البائع، لوهلة من الزمن ظنت نفسها في حلم فهي لم تشتر أي قطعة ثياب لأولادها من العام الماضي.. فهل من المعقول أنه "يمزح معها" هكذا قالت في نفسها، ثم عادت واستيقظت من ذهولها على ترديده كلمة "35 الف ليرة يا مدام"..

وضعت الأم البائسة يدها في جيبها لتعبث أصابعها بما تبقى معها من راتب زوجها الموظف الحكومي، وإذا بها تتوقف على الرقم 6500 ليرة، نعم فقد ذهب باقي المبلغ بين فواتير و ديون لمحال البقالة، فراتبه لا يتجاوز 25 ألف ليرة.

وبعلامات من الحسرة والألم جرت ذيول الخيبة وخرجت مع أطفالها بعيون اغرورقت بالدموع.

نعم يا سادة.. هل أعجبكم السرد؟؟ فهذه ليست مشاهد من مسرحية، هذا واقع و فصوله لا تنتهي في بلدي،، فعندما ترى شخصاً.. أي شخص على امتداد الوطن، دخله يُقدّر ب25 ألف ليرة و سعر الحذاء في إحدى المحال التجارية 30 الف ليرة، فأعلم أنك في سورية يا عزيزي..

عشية العيد وخلال السنوات ال5 الماضية تضرب آلاف بل ملايين "لنكون واقعيين أكثر" من الأسر السورية أخماسها بأسداس، نتيجة ضيق ذات اليد أمام هذه "النكسة" أو "النكبة" أو أي مصطلح ترونه الأنسب لهذا اليوم غير المنتظر أبداً..

هذه العائلة ستتفق مسبقاً فيما بينها إما يأكلون ويشربون دون عيد أو يبتاعون الثياب دون أكل وشراب بقية الشهر كله.. إذاً ما الحل الصحيح برأيكم؟؟

وهل هناك رواتب تكفي لشراء ثياب لـ3 أطفال لن نزيد العدد أكثر!!

في العاصمة دمشق على سبيل المثال رُصدت الأسعار من الألبسة والحلويات، ففي سوق الحميدية والمعروف بأنه الأرخص، تم تسعير ثوب الطفلة بـ8000 ليرة سورية، و الحذاء لها بـ3000 ليرة سورية، أي إذا أردنا شراء بدل لكل طفل نحتاج 15 الف ليرة للطفل الواحد.

طبعاً أسعار الحلويات "والعة" وانتشرت "نكتة" على مواقع التواصل الاجتماعي مضمونها "برأيكن اشتري 2 كيلو حلو عالعيد!! ولّا حط فوقهن شوية مصاري و بجيب اّيفون؟؟"، بتوقعاتي هذه النكتة كافية لعدم إطالة الشرح عن الأسعار فأقل كيلو حلويات بـ6000 ليرة"، بالأصل أجساد الفقراء مليئة بالسكر الطبيعي فلا حاجة لنا للحلويات بعد اليوم..

أما لعشاق اللحوم فيجب أن تبدؤوا بريجيم قاسٍ جداً بعد أن وصل كيلو اللحمة الى 3400 ل.س ومن المتوقع وصوله الى 10,000 ليرة، إذن فلنبدأ "حمية جماعية" عن اللحوم الى مالا نهاية.

وعلى ذمة الراوي فإن الجهات المعنية تعمل جاهدة على ضبط الأسعار و مقاضاة المتلاعبين بها وفق القانون.

وكل تلك الأمثلة تعتبر غيض من فيض ففي الأسواق السورية ترى عجائب الأرض متجسدة فيها، من أسعار خيالية غير متناسبة مع الدخل أبداً الى أخ يأكل لحم أخيه، وغيرها من العجائب الكثير..

وخلاصة الحديث يا أعزائي.. "ممنوع الاقتراب واللمس.. مسموح التصوير للذكرى فقط"..

فإذا كنت من أصحاب الدخل المحدود.. "لف حالك و اطلع، ولا تسمح لحالك تتحسر على شيء لأن الدنيا فانية يا عزيزي.. ولا تزعل لأن أكيد بكرا أجمل"..

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=36720