تحقيقات وتقارير

التجاهل صدقة جارية على فقراء الأدب


الاعلام تايم _ خيرية أحمد


تحت مقولة "أنا لا أجيد ثقافة الاساءة.. لكن بالمقابل أتقن مبدأ التجاهل وبشدة" للكاتب جبران خليل جبران، يستحضرني موقف مدهش ومخجل لموظفة في قطاع ما، وهي تتقمص شخصية شرطية، إذ أن زمارها (صوت النعامة) يعلو بألفاظ الشتيمة مع حركات هستيرية على زميلتها التي توصف بقوة الشخصية والمعرفة أمام الموظفين. الملفت في الموقف أن الزميلة نظرت إلى الموظفة الشبيهة بالشرطية وأدارت ظهرها، ومضت وكأن شيء لم يكن. جميع الموظفين اندهشوا لرد فعل الزميلة التي تعرف بقوتها، إلا أنهم أدركوا أهمية اتباع زميلتهم أسلوب التجاهل في الوقت المناسب وعدم رد الإساءة بمثلها.


يتعرض الإنسان لمواقف محرجة وضغوط عدة من خلال حياته اليومية وتفاعله مع الآخرين، ويستخدم أساليب مختلفة لمواجهة وحل بعض المشكلات وسوء التفاهم الذي يقع بين الناس، ومتابعة الحياة بكل ما فيها من تفاصيل، ومنها أسلوب التجاهل، ويؤكد الكلام السابق مقولة الممثل الكوميدي شارلي شابلن "لكي تعيش عليك أن تتقن فن التجاهل".


ويُتبع فن التجاهل الذي يجب الإلمام به والتدريب عليه في العديد من المواقف ومع المراحل العمرية المتنوعة، كتجاهل الطفل عند قيامه بسلوك ما غير مرغوب حتى ينطفئ هذا السلوك، وتجاهل الحبيب لحبيبته أو العكس وذلك عند القيام ببعض الموقف المزعجة وبغرض تصحيح السلوك وتهذيبه، وتجاهل معلمة المدرسة لطالب ما، ومدير العمل عند حدوث سوء فهم للموضوع وشرحه فيما بعد، وتجاهل مضايقات الزملاء والرفاق التي تقصد الحط من عزيمة وإصرار الفرد وسياقه للإساءة والغلط، ويرتبط التجاهل بسمات الشخصية وطريقة تفكيرها فهناك من يصفه بالضعف والخجل واللامبالاة وعدم القدرة على الرد ومواجهة المشكلات وأنه شخصية اندفاعية أو القوة والتحدي لمعرفة أخطاء الآخرين والفطنة والوعي والدراية وأنه شخصية متروية وليست متهورة.


ويبقى التجاهل أسلوب راقي لتفادي المشاحنات، ويعبر عن الذكاء وقت الغضب، وعن الإصرار وقت المصاعب، وعن التعقل وقت الإساءة، وعن الغرور وقت النصيحة البناءة، فيجب الانتباه جيداً عند اتباع التجاهل لأنه ثقة بالنفس وطيبة واحترام وعلاج كما يقال "علاج الجاهل التجاهل" في الأوقات المناسبة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=36675