تحقيقات وتقارير

بانوراما العيد.. تحية رغم الجراح


الاعلام تايم_رنا موالدي
تحتل الأعياد مكانة كبيرة في نفوس السوريين الذين يسعون جاهدين في سنوات الحرب لاستقبالها كل حسب قدرته..ولا يزالون يشتركون في طقوس وعادات تتخللها تحضيرات واسعة، حيث تواظب العائلات السورية في كل المناطق على التحضير للعيد من أجل خلق جو خاص بالمناسبة، فالاستعداد بالغ الأهمية لكون المناسبة جزءاً من عاداتنا وتراثنا.


- التحضير لعيد الفطر
يستعد السوريون لاستقبال عيد الفطر مع استمرار الظروف الاستثنائية، التي ساهمت في تغيير الكثير من عادات وتقاليد السوريين الاجتماعية المتبعة منذ عقود، ولاسيما الارتفاع الجنوني للأسعار الذي جعل أكثر الأسر  غير قادرة على تحمل نفقات تحضيرات العيد.. لكن ظلت الأجواء تطبعها حالة استنفار البيوت والمخابز والمحلات التجارية، لتأمين الملابس وتجهيزات العيد الضرورية الأخرى.
والملاحظ من خلال جولة قام بها موقع "الاعلام تايم"، أنه وبرغم ارتفاع أسعار البضائع إلا أن هناك اقبال كبير لإتمام فرحة العيد، حيث شهدت أسواق العاصمة دمشق حركة كثيفة خاصة المتخصصة في بيع ملابس الأطفال ومواد إعداد الحلويات التي لا تستغني النساء عن إعدادها في عيد الفطر لاستقبال الضيوف والأقارب. فسوق الحميدية الشهير في دمشق القديمة، ازدحم بالزبائن الذين قدموا لشراء ملابس العيد والهدايا، فيما انتشر وسط السوق "بائعو بسطة"، ارتفعت حناجرهم للترويج لبضاعتهم. وفي سوق الحريقة القريبة من الحميدية، قال أبو محمد صاحب محل ملابس "إن السوق تشهد منذ أكثر من أسبوع حركة نشطة لقدوم العيد"، بالمقابل بيّن مازن - بائع في محل للملابس النسائية في الجسر الأبيض، "أن العيد تزامن مع بداية موسم الصيف، ولذلك الجميع يعتزم شراء ألبسة جديدة، وهو ما أعطى حركة الأسواق دفعة قوية تجلت مظاهرها في الازدحام الشديد ".

 

-  ملامح عدم الرضا عن الأسعار مرسومة على الوجوه
تزدان المحلات الخاصة بالملابس في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، بألوان مختلفة من الملابس على حسب آخر موضة في العالم ويقوم  أصحاب المحلات إلى إبقاء هذه الأخيرة مفتوحة لفترات متأخرة من الليل للسماح للعائلات بالتسوق والتي تعد فرصة للتجار لإيجاد طريقة لتصريف البضاعة المركونة في رفوف المحلات، لكن رغم إقبال الناس على شراء الأنواع المختلفة من البضائع إلا أن ملامح عدم الرضا عن ارتفاع الأسعار تبدو على وجوه الزبائن الذين اشتكوا من غلاء الأسعار الذي يشكل عبئا و ثقلاً على أصحاب الدخل الضعيف و المحدود، مما جعلهم يولون الاهتمام الأكبر لإرضاء حاجات أبنائهم والاستغناء عن احتياجاتهم، فرغم أن العيد مناسبة سعيدة تدخل الفرح و البهجة على الكبار والصغار، غير أن ارتفاع الأسعار لاسيما هذه السنة وضع الأولياء في موقف حيرة من أمرهم.

 

- وفرة منتجات و أسعار فاحشة!!
الأسواق التي تعرف تردداً كبيراً من قبل المواطنين إلى جانب بعض المحلات التجارية الخاصة ببيع الملابس، لوحظ فيها الكم الهائل والكبير من السلع المعروضة بالأشكال والألوان تجلب الناظر إليها لكن بمجرد لمسها ومعرفة ثمنها يعود المشتري صاحب الدخل الضعيف أدراجه، فحسب الأسعار التي رصدها "الإعلام تايم" في مختلف المحلات بلغ سعر القميص ما يفوق 5000 ليرة، وسعر الجاكيت النسائي بعد التنزيلات 8000 ليرة، والبنطال  5200 ليرة والكنزة 4800 ليرة.
أما ألبسة الأطفال، فتضاعف سعرها المرتفع أساساً، حيث سجل الطقم الولادي في حده الأدنى 5000 ليرة، و "الفستان" تراوح ثمنها بين 6000 و 12000 ليرة. وعن هذا الارتفاع  أفاد أحد أصحاب محلات، أنه راجع لارتفاع سعرها بالجملة إلى جانب تكلفتها الغالية بالنسبة للمستوردة.
وبالمقابل لاحظ "الإعلام تايم" خلال جولته ارتفاع أسعار المواد الأولية لصنع الحلويات هي الأخرى ، حيث تتسابق محال الحلويات في رفع الأسعار في ظل انعدام الرقابة، واقتصار دور جمعية حماية المستهلك على إصدار لوائح أسعار جديدة بين الفترة والأخرى، فسعر كيلو الكنافة المبرومة لدى المحلات الشهيرة في منطقة الجزماتية وصل إلى 9000 ليرة، والسبب الرئيسي لهذه الأسعار هو سعر الفستق الحلبي حيث وصل سعر الكيلو نحو10000 ليرة، وكيلو السمن البقري إلى 2800 ليرة، بينما هنالك بعض المحلات في منطقة المرجة تبيع الحلويات العربية بأسعار معقولة، لكن عن طريق استخدام أنواع رخيصة من المكسرات وتقليل كميتها و استخدام السمن النباتي، وأرجع بعض التجار أصحاب محلات بيع مواد صنع الحلويات ارتفاع الأسعار إلى المنافسة و المضاربة، مضيفاً جودة بعض السلع عن غيرها.

 

- الأسواق الشعبية... ملاذ أصحاب الدخل الضعيف
أمست الأسواق الشعبية بمثابة الملاذ الأخير للعائلات أصحاب الدخل الضعيف، حيث تجد الأسر في هذه الساحات اختيارات متعددة و بأسعار متفاوتة تناسب شرائح المجتمع المختلفة، إلى جانب السلع المستوردة "البالة" التي تتميز برخص أثمانها، ففي سوق باب السريجة والجابية، بدأ الأهالي يتوافدون بكثرة إلى هذه السوق، كونها يتوافر فيها كل شيء ابتداءً من الخضار والفواكه والمواد الصناعية والغذائية، إلى الألبسة الجاهزة والقديمة وكافة المستلزمات المنزلية، كما أن الأسعار في السوق تكون منخفضة بالمقارنة مع المحلات التجارية، حيث أرجع " صاحب محل " الحركة النشطة ، إلى وجود خيارات مناسبة نوعاً ما، ورغبة الناس في الترفيه عن أنفسهم، وعيش أجواء العيد، والهروب من ضغط الحرب".

أمام لوائح الأسعار المعروضة على واجهات المحلات, يقف المواطنون يلقون نظرة ثم سرعان ما ينصرفون كلٌ إلى وجهته لاختيار ما يناسبه، في ظل الحلول البديلة المطروحة، التي تخفف من وطأة تلك الأسعار التي تفوق قدرة المواطنين الشرائية، وتكون بديلًا مقبولًا، فالمعاناة من الأسعار مستمرة.. مع انتظار أن يعيد العيد معه الأمن والأمان على بلد الأمان سورية ويحفظ أبناءها ويجفف الدموع وينهي الآهات، رغم كل الجراح والآلام التي عانيناها والخسائر التي تكبدناها.
رنا موالدي

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=36534