تحقيقات وتقارير

السخرية سلاح الأعزل


الاعلام تايم _ خيرية أحمد


مع الأصوات الأنثوية المليئة بالتباهي في الجلسة النسائية، تدخل جنى لمكان عملها تلقي التحية وتبتسم، فإذ بنظرات الاستخفاف الممزوجة بتمتمات التنظير تصيب لَبوس الفتاة الخالي من الماركات، الأقرب إلى البسطاء وطالبي العلم وعفيفي النفس، فتتحول ابتسامة جنى الطيبة إلى  دمعة تأبى أن تسقط في زمن الماديات الذي ينظر الأشخاص فيه إلى ماركة الحذاء قبل العقل، هذه العبارات السابقة ليست مشهد من سيناريو مسلسل درامي، إنما هي ظاهرة من مسلسل واقعي يعانيه المجتمع، وذلك بالاستهزاء والسخرية والاستصغار من أقوال وأفعال وصفات الناس.


ولهذه الظاهرة صورعدة كإطلاق الألقاب الذميمة، والسخرية من وضع الشخص المادي ولباسه وطريقة كلامه وشكله وقدراته وأعماله وأهله، حتى إذا كان هناك تشوه أو خلل ما في الشكل.


واستشهاداً بمقولة "فاقد الشيء لا يعطيه" يمكن إرجاع أسباب قيام بعض الأشخاص بهذا السلوك السلبي إلى انخفاض ثقتهم بأنفسهم وذلك بسبب قلة الإنجاز وبالتالي البحث عن شيء لإثبات ذواتهم وبيان موضعهم بموضع القوة، كما أنهم يسعون إلى تحطيم الآخرين والحط من إمكاناتهم ويكنون لهم العداوة، بالإضافة أنهم يعانون من التكبر والغرور وضعف النفس وعقد النقص، وبيئتهم الأسرية لا تركز على ترسيخ الأخلاق الحميدة في تنشئة أبنائهم، بالتزامن مع مرافقة أهل السوء ومجاملتهم والتمثل بهم.


أما عن آثار هذه الظاهرة، فإنها تنشر ثقافة اجتماعية وأسرية خاطئة تغييب العقل وتحييده، وستؤدي إلى الكراهية والحقد في المجتمع، وكذلك فإن هذا العمل يشغل المجتمع  بالأشياء التي لا مغزى لها، ويبعده عن الفاعلية والإنتاج فالبيئة التي تسود فيها السخرية هي بيئة فارغة المحتوى لا تحمل هدفاً ولا قضية، بل هي أبعد ما تكن عن تحقيق الطموحات والأهداف التي ترجوها.


والفرد الذي يقع عليه هذا السلوك سينخفض تقديره لذاته وبالتالي سيحد من تواصله مع الآخرين وقد يصاب بالعزلة والقلق والرهاب والاكتئاب والادمان والانتحار.


وللحد من ظاهرة الاستهزاء والسخرية، يجب البدء من الأسرة التي عليها أن تعمل على زرع القيم الأخلاقية "الاحترام والتعاطف والضمير والعدل والتسامح والعطف والتحكم بالذات"، والسلوكيات المناسبة والأفكار الإيجابية في نفوس أبنائهم، كما أن للمدرسة ووسائل الإعلام والجمعيات دوراً مهماً في التخفيف من هذا الظاهرة.


ويبقى الاستهزاء و "السخرية سلاح الأعزل المغلوب على أمره" حسب الكاتب الفرنسي فولتير، لأن الأمة المتطورة والمتحضرة سلاحها العلم والرقي الذي يخدم الإنسان بكافة مجالات الحياة، إنما الأعزل الذي لا سلاح له سوى السخرية فإنه مغلوب يقضي على عقله فلا إنجازات ولا نجاحات بل سيكون عالة على المجتمع.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=36078