تحقيقات وتقارير

السحر.. تجارة الدجال.. وسلعة اليائس


الإعلام تايم_ لبانة علي 

كذب المنجمون ولو صدقوا... هو الخوف من المستقبل ، والرغبة في المعرفة أو الحصول على مالا يمكن الحصول عليه بالإمكانات الحقيقية.. كل ذلك يدفع بالبسطاء وضعاف الشخصية، وربما المحتاجين إلى اللجوء إلى السحر، لمعرفة ما يودون معرفته، أو اجتناب ما يخافون منه، بحسب فهمهم وإدراكهم.. وكل ذلك عبر اللجوء إلى السحر وقراءة الطالع والفنجان والكف.

 

السحر ظاهرة وجودية قديمة، فهي ممتدة الأغوار في عمق التاريخ البشري، وهي إحدى الوسائل الهامة، التي استعملها الإنسان منذ القدم في صراعه من أجل البقاء على ظهر الأرض دفاعاً عن نفسه ومعتقداته، وكيداً لغيره من بني جنسه، وعوالم أخرى تنتشر في هذا الكون الرحب، ومن ثم ارتبط السحر بالإنسان ارتباطاً وثيقاً، حتى أضحى معتقداً هاماً وعبادة لها طقوسها وترانيمها الخاصة.

 

علماء الآثار والحفريات، من خلال الرموز والتصاوير والنحوت_ التي عثروا عليها في المقابر، والخرائب والمدن الأثرية القديمة _ أكدوا أن وجود السحر يعود إلى ما قبل التاريخ، بل إن القرآن ذاته وهو الوثيقة الصادقة يشير إلى هذه الحقيقة في جلاء كذلك ما أتى من قبلهم من رسول إلا قالوا (ساحر أو مجنون)  فأول الرسل نوح عليه السلام ولو لم يكن للسحر وجود في عصره وزمن بعثته لما اتهمه قومه بالسحر.

 

وعن نظرة الإسلام للسحر سأل موقع "الإعلام تايم" الدكتور في الفقه الإسلامي توفيق دياب،  فقال أن الإسلام نهى عن تصديق العرافين والمنجمين والمشعوذين، لافتاً إلى أنه حين يضعف وازع الإيمان ويختل ميزان الاعتقاد وتختلط الحقائق بالخرافة يتفشى الدجل والشعوذة، وتسكن الخزعبلات والأوهام في صدور من تعلقت قلوبهم بالسحر والكهانة.

 

وأضاف أن الله وحده علام الغيوب والمتصرف في عالم الأسباب والمسببات ووجه الناس إلى احترام عقولهم وتلمس حقائق الأمور فأغلق بذلك أبواب الوهم والجهل، وحرم السحر والشعوذة والركون إلى إخبارات المشعوذين والدجالين والمنجمين الذين يدّعون معرفة الغيب وأحوال الكائنات في المستقبل وعدّ ذلك من باب الشرك والاستعانة بالشيطان.

 

ولتفادي هذه الظاهرة قال دياب : علينا بنشر الوعي المجتمعي بشأن هذه الظاهرة والتأكيد على حرمتها من خلال إصدار تعاميم لخطباء المساجد لتوعية الناس بشأن حرمة السحر والشعوذة وأثرهما في الفرد والمجتمع وتعزيز التصدي لهذه الخرافات وتضمين مناهج المدارس الشرعية حكم الإسلام في حرمة اللجوء إلى المنجمين والعرافين والسحرة والاعتماد على البدع المنكرة في الاستخارة، من خلال الخطب والدروس الدينية، والتركيز في الإعلام بين الآونة والأخرى على خطورة هذه الظاهرة من خلال إقامة حلقات على القنوات الفضائية لتوعية الناس بشأن حرمة الشعوذة.

 

ولمعرفة موقف القانون من هذه القضية بيّنت المحامية رنه محمود لموقع" الإعلام تايم" أن المادة /754/ من قانون العقوبات نصت بما يلي:
 

1- يعاقب بالحبس التكديري وبالغرامة من 500 – 2000 ليرة من يتعاطى بقصد الربح، مناجاة الأرواح، والتنويم المغناطيسي والتنجيم وقراءة الكف وورق اللعب وكل ماله علاقة بعلم الغيب وتصادر الألبسة والأدوات المستعملة.

 

2-  يعاقب المكرر بالحبس حتى ستة أشهر وبالغرامة حتى 2000 ليرة ويمكن إبعاده إذا كان أجنبياً وتضيف: على ذلك إن المشرع اشترط قيام الجرم أن يكون بقصد الربح فقط وهذا النوع فقط تتوجب معاقبته لأنه يقبض المال أما من لا يهدف للحصول إلى المال فلا تجريم له منوهاً بأن عقوبة من 500- 2000 ليرة والحبس التكديري التي تصل من يوم إلى عشرة أيام ليست عقوبة رادعة ولا تتناسب مع خطورة الفعل وهذا يعد ثغرة في التشريع لأن هؤلاء يمثلون خطراً حقيقياً على المجتمع.

 

وأشارت أنه في الواقع العملي ونظراً لبساطة العقوبة فإن بعض القضاة والمحاكم يرغبون بتشديد العقوبة فينسبون للمجرم فعل الاحتيال لأن عقوبته أشد والتي نص عليها المشرع في المادة /641/ من قانون العقوبات بالحبس من 3-5 سنوات وبالغرامة من 10 – 50 ألف ليرة ولا يستفيد المحكوم من الأسباب المخففة التقديرية أو وقف التنفيذ أو وقف الحكم النافذ إلا في حالة إزالة الضرر ولكن في الحقيقة فإن الأركان الجرمية لجرم الاحتيال تختلف عن جرم الشعوذة والدجل والتنجيم وإن كان من الممكن أن تلتقي هاتان الجريمتان مع بعضهما لكن من غير المعقول وبغية تشديد العقوبة فقط اعتبار جريمة الشعوذة جريمة احتيال.

 

إن هذه الظاهرة خطيرة وتحتاج الى تكثيف الجهود وتعاون الجميع ابتداء من الدولة والمجتمع والأسرة والافراد والمدرسة والمسجد وجميع فعاليات المجتمع من أصحاب الكفاءات العلمية والعملية وهذا التعاون سيساعد على القضاء على هذه الظاهرة ذات الأثر الخطير على جوانب الحياة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=35484