تحقيقات وتقارير

مع إزاحة "أردوغان" لــ"أوغلو"... تركيا إلى سياسة ما قبل عام 2010


الاعلام تايم - لمى محمود


انتهت العلاقة الاستراتيجية بين رئيس نظام الحكم العثماني "رجب أردوغان" ورئيس وزرائه، منظر حزب العدالة والتنمية "أحمد داوود أوغلو"، لديكتاتورية الأول، وتطلعاته الى الزعامة التاريخية، وطموحات الثاني التي وصلت الى سقفها الأعلى، إلى جانب الغيرة والتنافس الشخصي على الزعامة، واختلاف الرؤى.


دخلت تركيا، مرحلةً من الغموض السياسي، بعد رفع "داود أوغلو" "الراية البيضاء"، و تخليه عن رئاسة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، و عن منصبه كرئيس للحكومة، إفساحاً في المجال أمام طموحات "أردوغان" لتغيير نظام الحكم من "برلماني" الى "رئاسي" مطلق.


في الوقت الذي تشهده أنقرة من تراجع اقتصادها وسياحتها ، يغادر "داود أوغلو"، مغمض العينين عن سجل إدارة "أردوغان" في قمع المعارضين السياسيين وخنق الحريات الإعلامية، وعن الحرب التي يشنها جنوب شرق البلاد..


"اردوغان"، ومثلما قال مقربون منه، استشاط غضباً لمجرد تلقيه معلومات عن رغبة حليفه في فتح ملفات الفساد، إلا أن "أردوغان" الذى تورط في فضيحة فساد كبرى أثناء توليه رئاسة الوزراء، شارك فيها العديد من المسؤولين الحكوميين وأفراد من أسرته، حرص على سحب مشروع القانون، وكانت هذه المسألة هي القشة التي قصمت ظهر البعير وذلك نظرا لكون داود اوغلو يشكل الذراع الايمن للولايات المتحدة في تركيا.


أما الخطأ الآخر الذي يعتقد "اردوغان" أن " اوغلو" ارتكبه، فهو اعترافه على الهواء مباشرة بأنه هو الذي أعطى التعليمات، كرئيس للوزراء، بإسقاط الطائرة الروسية قرب الحدود السورية الأمر الذي خلق أزمة حادة مع روسيا، وفشلت كل محاولات "اردوغان" لعقد لقاء مع الرئيس فلاديمير بوتين لحلها، الأمر الذي أدى إلى فرض عقوبات اقتصادية روسية موجعة ضد تركيا.


و توقع عدد مع الصحافيين والمحللين الأتراك " أن يؤدي خروج " اوغلو" من رئاسة الحكومة ومن دائرة النفوذ في الحزب الحاكم، إلى عودة السياسة الخارجية التركية الى مرحلة ما قبل عام 2010، واتخاذ سياسات أكثر  نجاحاً و واقعية في الملف السوري تحديداً.


محلل سياسي تركي كبير حرص على وصف اردوغان  "بالمرن سياسيا" قال : " إن نظام "اردوغان" قد يفتح حوارا مع السلطات السورية، لإدراكه أن 5 سنوات من العداء والتدخل السياسي والعسكري، ارتدت عكسياً على تركيا حروباً وتراجعاً اقتصادياً".


وقال هذا المحلل الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه من غير المستبعد أن يستخدم "اردوغان"  "اوغلو" ككبش فداء، ويحمله مسؤولية تدهور العلاقة مع سورية.


هذا الكلام على درجة كبيرة من الخطورة، ولكن من شاهد الجهود الضخمة التي بذلها "اردوغان" سعياً  للقاء الرئيس بوتين، وكذلك المفاوضات الحثيثة التي أجراها مع "الاسرائيليين" لتطبيع العلاقات مجددا، ربما تضفي على تلك النظرية بعض الصحة.

وفي المحصِّلة، فإن "أردوغان" الذي ظل رئيسا للوزراء أكثر من عشـرِ سنوات، قبل انتقالـه إلى منصب الرئاسة في آب 2014، يصفه منتقدوه بأنه أصبح متسلِّطا أكثر فأكثر مع تقدمه بالعمر، ويسعى للإمساك بكل مفاصل الدولة ووضعها تحت أمرته، وهو يترأس من حينٍ لآخر اجتماعات مجلسِ الوزراء في قصرِه، كما يحرص أن تكون اللجنةُ التنفيذية لحزب العدالة والتنمية زاخرة بحلفائه، وهذه الغطرسة السلطانية سوف تستفز الجيش يوماً بعد يوم.


أما "أحمد داود أوغلو"، الزعيم المستقيل من رئاسة الحزب، فهو يُعتبر الأخطر على مستقبل "أردوغان"، كما يردد مستشارو الرئاسة التركية، وهو يريد تشكيل مجال سياسي لنفسه على حساب "أردوغان"، وربما بالتحالف مع فريق الرئيس السابق "عبد الله غول" الذي كان أول دافعي أثمان طموحات "أردوغان"، بحيث يغدو "أوغلو" أقوى معارضي "أردوغان" الذي استخدم الدين سلالم وصول الى سدَّة السلطة والسلطنة منذ كان في "حزب الفضيلة".

 

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=34794