الإعلام تايم - الأخبار
اللاذقية بجانب أحد القبور، تغني امرأة موالاً مبلولاً بالدمع، عن ابن حمل البندقية وذهب إلى الحرب ولم يعد أم حاتم، التي لا تحسن الغناء، تدخل المقبرة حاملة زجاجة مياه وبضعة عروق ريحان، تزيح بيديها أوراق الأشجار التي حملتها الريح واستقرت على رخام القبور المتلاصقة لأبنائها الأربعة المجاورة لقبر والدهم.
ترش عليها المياه وتنذر في خيالها بضع قطرات لابنها الأكبر الذي لا قبر له، تجالسهم قليلاً وتخبرهم عن سوسن عمرها الذي تساقط كاملاً برحيلهم، لكنها لا تلبث أن تقف وتمشي بقامة مرفوعة، فهي أم الأبطال الخمسة التي لا يجوز أن تحني قامتها.
باع جوّاله ليقدر ينزل على المدينة ويتطوّع
وتشرح بشغف عن تفاصيل كل واحد من أبنائها، الشهيد الملازم شرف، كامل (32 عاماً)، استشهد عام 2012 ليكون أول شهداء البيت بعد الحرب، تضيف: "كان صوته حلو ويحب يغني مع رفاقه وأوقات يحلم يصير مطرب، ولما تزوج وصار عنده ولد صار يحلم ما يعيش ابنه بالفقر متل ما عاش هو".
وبغصّة تشير إلى الشهيد ابن السبعة عشر عاماً، الملازم شرف، حازم، الذي استشهد بعد مرور 6 أشهر على استشهاد أخيه، كان يستعد لامتحانات الشهادة الإعدادية حين غادر البيت من دون أن يخبر أحداً، ليكتشفوا لاحقاً أنه التحق بصفوف "الدفاع الوطني"، "قبل ما يترك البيت زار كل أهالي الضيعة وجاب هدية مسبحة لأخوه الكبير حاتم يلي رباه هو وأخوته بعد موت أبوهم، وبعدين اتصل فينا من رقم غريب قلنا أنو باع جواله ليقدر ينزل عالمدينة ويتطوع، وهو صار مع المقاتلين على الجبهة في ريف اللاذقية. قلّي دعيلي يا أمي، وبعد شهرين جابولي ياه ملفوف بالعلم".
تشرح وبعد مرور17 يوماً على استشهاد، علي، وصل الأم نبأ استشهاد أخيه علاء (23 عاماً)، المتطوع في "الحرس الجمهوري" أثناء الاشتباكات في داريا في ريف دمشق، الأخير كان يحلم ببناء غرفة صغيرة ليتزوج الفتاة التي يحبّ، والتي انتظرته ولم يعد.
استشهاد الإخوة الثلاثة دفع قائد كتيبة "الحرس الجمهوري" التي يقاتل معها شقيقهم فيصل (36 عاماً)، أن يعرض عليه الانتقال إلى ريف اللاذقية، ليبقى قريباً من أمه المفجوعة، لكن فيصل لم يقبل الانفصال عن كتيبته واستشهد في شباط الماضي، في خناصر في ريف حلب، "ما رضي يجي ويترك رفاقه وضلّ معهم حتى استشهد"، تختم أمه.
|
||||||||
|