تحقيقات وتقارير

المركزي منفصل عن الواقع والمواطن يقاطع !


الاعلام تايم_سناء علي
مقاطعون لشراء أية مواد استهلاكية لمدة أسبوع بسبب ارتفاع غير مقبول للأسعار ولدعم الليرة السورية... حملة أطلقها نشطاء الموقع الأزرق "فيسبوك" غداة السُعار  الذي شهدته الأسواق خلال العشرة أيام  الأخيرة نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة وخاصة في السوق السوداء.
مصرف سورية المركزي خرج أمس بتصريح أكدّ فيه أن ما يحدث من “بلبلة في سوق القطع الأجنبي” وما يسوق من أسعار صرف لليرة السورية مقابل الدولار إنما يأتي ضمن “الحملة الشرسة للضغط على الشعب السوري” مبينا أنه “يسعى جاهدا وبكامل كوادره للدفاع عن سعر صرف الليرة السورية”. وفي بيان له يوم أمس السبت رأى المركزي أن “اعتماد المستهلك على المنتج المحلي والعزوف عن المستورد والحد من عمليات التهريب تسهم بشكل إيجابي في تخفيف الطلب التجاري على القطع الأجنبي”. وأشار المركزي إلى استمراره بعملية التدخل في سوق القطع الأجنبي بشكل يومي عبر المصارف وشركات الصرافة وجاهزيته لتلبية كامل حاجة السوق من القطع الأجنبي مهما بلغت لغرض تمويل المستوردات والاحتياجات غير التجارية المبررة كالطبابة والدراسة.
خبراء الاقتصاد رأوا أن تصريح المركزي جاء متأخراً جداً ومنفصلا عن الواقع وغير منطقي خاصة أن الحكومة تتصرف بشكل طبيعي، متناسية أن البلاد تعيش في حالة حرب ولازالت تستورد مواد لا تندرج تحت بند الضروريات وإنما الكماليات، بينما كان الأجدر إيقاف استيراد هذه الكماليات والعمل على تأمين حاجات المواطنين الأساسية وأهمها الغذاء. فقد وصل ما يقارب 89 بالمئة من الشعب السوري إلى تحت خط الفقر المدقع وهي حالة غير مقبولة ويمكن وصفها بالدمار الاقتصادي الشامل، في مقابل ارتفاع طبقة من أثرياء الحرب على حساب لقمة عيش هذه النسبة، حيث سجلت الأسواق خلال العشر أيام الفائتة فقط ارتفاعاُ في أسعار المواد الغذائية والخدمية بحوالي ثلاثة أضعاف في مقابل 13 ضعف سابقة خلال سنوات الحرب وبالتالي أصبح المواطن يواجه تضخماً غير محمول، ومن المحتمل أن يدفع بالمواطنين نحو الفساد والسرقة بسبب عدم التوازن بين دخلهم وحاجياتهم.
وبحسب الاقتصاديين فإن استراتيجية جلسات التدخل التي يتبعها المصرف المركزي غير مجدية وشكلية وتسليم سعر الصرف لشركات الصرافة هو سلوك غير مبرر اقتصادياً، وبيع الدولار في الأسواق لا يساعد بالحفاظ على قيمة الليرة، والتدخل لا يتم بالأساليب والأدوات والآلية والمنهجية التي اتبعها المصرف منذ خمس سنوات إلى اليوم، لذا يجب تحريك كل العوامل التي تساعد بإنقاذ قيمة العملة الوطنية وأهمها العوامل الإنتاجية واللوجستية لدعم الاقتصاد، والعمل على إيقاف عمليات التهريب التي تستنزف قيمة العملة، أما وظيفة المصرف المركزي فهو تثبيت سعر الصرف وليس التحكم بالاقتصاد.
خلال عام 2014 جرى حديث عن قانون لحماية العملة الوطنية، وبالفعل تم الإعداد لهذا القانون لكنه ضاع في أدراج الدوائر الحكومية بحسب وصف من اشتغلوا عليه، وكان من مواد هذا القانون عقوبة بالحبس لا تقل عن 3 سنوات لمن يمارس عملية تصريف عملات أجنبية بطرق غير رسمية، و3 سنوات لمن يحاول تهريب العملات الى الخارج بالإضافة لعقوبات لا تقل عن 5 سنوات وغرامة مالية لكل من يدير موقعاً أو صفحة توصل أو تطبيق يقوم بنشر أسعار صرف للعملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية بخلاف ما يعلن عنه المصرف المركزي.
الحرب الاقتصادية كانت خلال هذه الحرب أقل تكلفةً بالنسبة للأطراف المعادية لكنها كانت الأكثر وجعاً  للمواطن، خاصة أن الجهاز الرقابي لم يمارس دوراً رادعاً وحقيقياً فيما يحصل كما أن العقوبات التي يفرضها الجهاز التمويني وضبوط المخالفات تبين حجم الانفلات والفوضى في الأسواق، وفي حال عدم ردع من يتحكم بالمفاصل الاقتصادية فإن هذا التدهور مستمر والمواطن هو من سيدفع ضريبة كل ما يحدث وعلى الفريق الاقتصادي ابتكار حلول خلاقة وقوانين استثنائية تناسب المرحلة التي تذهب بالمواطن نحو المجهول.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=34661