تحقيقات وتقارير

أذية "داعش" لـ "القريتين" مسمار في نعش هلاكه


الإعلام تايم - سناء علي 

دمار يحاصر النظر أينما نقلته وبقايا رايات سود كقلوب من رفعوها وأعداد كبيرة من الألغام والعبوات الناسفة هي كل ما تبقى في القريتين بعد أن دخلتها قوات الجيش العربي السوري صباح الأحد 3 نيسان 2016 لتطهيرها من تنظيم داعش الإرهابي بعد معارك ضارية مع مسلحي التنظيم استمرّت ثمانية أيام بعد أن كان الجيش السوري وحلفاؤه قد أعلنوا استعادة السيطرة بالكامل على مدينة تدمر الأثرية المجاورة للقريتين قبل أسبوع كامل بتاريخ 27 آذار 2016

.

تقع مدينة القريتين على الطريق الواصل بين دمشق وتدمر في عمق البادية السورية إلى الشمال الشرقي، ولها أهمية استراتيجية حيث كانت تشكل محطة هامة في الطريق لقوافل التجار والحجاج العابرين على هذا الطريق بين بلاد ما بين النهرين والبحر المتوسط، وقد استغل تنظيم "داعش" هذا الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي يجاوره من الغرب أيضاً حوارين وحمام أبو رباح وصدد وصولاً إلى مدينة حمص.

 

وخلافاً لما روجه التنظيم من أن غاليبة سكان القريتين من المسحيين فقد أثبتت إشارات (حرف النون) التي علّمت منازل "النصارى" والشواهد التي أكدت أن المدينة بعد تطهيرها من بقايا التنظيم تضم ما يقارب 7 مساجد وثلاث كنائس ودير، أثبتت صحة الروايات التاريخية التي تقول بأن المسيحيين لا يشكلون أكثر من 8% من السكان، وأنهم كانوا يعيشون لحقب متتالية متآخين من مسلمي المنطقة.

 

تعود القريتين بقدمها إلى نحو الألف الثالث قبل المسيح. ودعيت بهذا الاسم لأنها تعني المدينتان الأولى  واسمها الآرامي "حصر عينان" وتعني مجمع العيون  والثانية اسمها الآرامي "عيناتا" وتعني عين الماء، ويُعتبر سكان القريتين من أقدم معتنقي الديانة المسيحية على يدّ توما الرسول وبقي شعب المنطقة كلها محافظاً على إيمانه المسيحي حتى في عهد الإسلام الذي أوصى بحماية المؤمنين وهناك شاهد حجري كان يشكل العتبة العليا الداخلية لبوابة دير مار اليان الأثري الذي دمره التنظيم بالكامل، عليها كتابة عربية بالخط الكوفي تعود إلى سنة 387 هـ في عهد الخليفة سيف الدولة الحمداني، ومضمونها تحذير البدو وكل من يريد إلحاق الأذى برهبان الدير العامر في ذلك الوقت وزوّاره لأنه سيهلك.

 

ويبدو أن هذا التحذير لم يعن لأصحاب الرايات السود شيئاً فتحدّوه وهلكوا إثره، ونشرت وكالة الصحافة الفرنسية يوم أمس الاثنين 4 نيسان 2016 صور عظام ورفات قالت إنها تعود للقديس إليان الحمصي، مستندة على قرار القس جاك مراد الذي عاين صور الرفات، وكانت المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا قد أدانت في بيان لها هدم تنظيم "داعش" دير مارليان في آب 2015 الماضي بعد دخوله المدينة.

 

بسيطرته على القريتين فإن الجيش العربي السوري يكون قد وسع طوق الأمان المحيط بحمص المدينة، إذ تعدّ القريتين إلى جانب تدمر نقاط أمان متقدمة لحماية حمص، ومن الممكن أن تصبح منطلقاً للعمليات العسكرية القادمة للجيش السوري الذي ترجّح معلومات متقاطعة أنه بات يمهّد لمعركة حاسمة لفك الحصار عن مدينة دير الزور التي يحاصرها داعش أيضاً منذ أكثر من سنتين.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=33533