نافذة على الصحافة

أسرار إسرائيل في تجارتها العسكرية: تكتم شديد تفضحه ضخامة المبيعات


برغم انضمام إسرائيل منذ سنوات إلى منظمة الدول الأكثر تطوراً، إلا أنها تعمد إلى انتهاج أقل قدر من الشفافية في معاملاتها الرسمية. ويتضح هذا بجلاء في كل ما يتعلق بتجارتها للسلاح، حيث تحتل بموجب تقارير دولية المكانة السادسة في العالم عموماً، والأولى في تصدير الطائرات من دون طيار. وكشفت صحيفة «هآرتس» النقاب عن أن وزارة الدفاع الإسرائيلية تصر على كتمان المعلومات بشأن مبيعات السلاح إلى عشرات من دول العالم حتى برغم وجود قرارات من محاكم إسرائيلية تطالبها بكشفها. وكانت تقارير مراقب الدولة قد أشارت إلى انتهاك العشرات من مصدري السلاح الإسرائيليين للقانون، ومنع وزارة الدفاع كل محاولة لكشف ما يدور خلف أسوارها على هذا الصعيد.
وتحت ستار «الأسرار الأمنية»، تواجه وزارة الدفاع الدعاوى المرفوعة ضدها والتي تطالبها بالكشف عن صفقات السلاح إلى دول خارجية، وتدّعي أن الزبائن سينفضون عن إسرائيل ومصانعها إذا تمت الاستجابة لهذه الدعاوى. ومع ذلك ردت وزارة الدفاع على دعوى بأنها باعت في العام 2011-2012 سلاحاً إلى خمس دول هي الولايات المتحدة، أسبانيا، كينيا، بريطانيا وكوريا الجنوبية، ورفضت الإفصاح عن باقي الدول «خشية قطع علاقات استراتيجية». ولكن في عالم باتت فيه تجارة السلاح مرصودة تقريباً بدقة، وحيث تتفاخر إسرائيل بصادراتها عموماً، ولأن العديد من الدول تنشر تقارير شفافة، فإن تجارة السلاح الإسرائيلية مكشوفة فعلياً. ومن الجائز أن واحداً من أهم عوامل انكشافها هو أنها تجارة كبيرة نسبياً، إذ تصل صادرات إسرائيل العسكرية السنوية إلى ما يزيد عن سبعة مليارات دولار.
وقد تبين ذلك، على سبيل المثال، من تقرير رسمي بريطاني نشر قبل بضعة شهور قائمة مطولة لزبائن الصناعات العسكرية الإسرائيلية بعدما طلبت الأخيرة إذناً بريطانياً بتصدير أعتدة وأسلحة تحتوي على مكونات بريطانية. وكانت الفضيحة أن التقرير البريطاني أشار إلى أن بين زبائن صناعات إسرائيل العسكرية أكثر من 40 دولة، من بينها دول عربية وإسلامية بعضها لا تقيم علاقات ديبلوماسية مع الدولة العبرية.
وعرض تحقيق نشرته غيلي كوهين في «هآرتس» أمس، واقع إخفاء إسرائيل لوجهات بيع السلاح برغم وجود قوانين وتفاهمات دولية بهذا الشأن. وأشارت الصحيفة إلى أنه ليس صدفة أن الدول الخمس الوحيدة التي تعترف إسرائيل ببيعها السلاح هي نفسها الدول التي تقدم طوعاً إلى الأمم المتحدة تقارير عن وارداتها وصادراتها من السلاح. وبكلمات أخرى لا تقر إسرائيل ببيع سلاح إلا لمن يسبقها ويعلن أنه اشترى هذا السلاح.
ونقلت الصحيفة عن رئيس مشروع التوازن العسكري في الشرق الاوسط في «معهد دراسات الامن القومي» في جامعة تل أبيب يفتاح شابير، قوله إنه «توجد اشياء لا يسعدنا أنها تُباع، ويوجد زبائن لا يسعدنا أنهم مشترون، وتوجد امور ربما كان يجب أن نمتنع عنها». وأضاف ان «هناك أنواع سلاح وأنواع زبائن من الأفضل ألا يتلاقيا». واستذكر شابير في هذا السياق العلاقات الإسرائيلية مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا التي يعترف أنها «سببت لنا غير قليل من الأضرار». وتابع انه «في العالم اليوم مستبدون يستعملون العلم الإسرائيلي في الاضطهاد والأعمال الفظيعة، وكان يفضل لو أننا لم نبعهم».
وتحت ضغط المحكمة الإسرائيلية عقدت وزارة الدفاع في العام الماضي مؤتمراً صحافياً استثنائياً، عرضت فيه تقريراً عن حجم المبيعات العسكرية ووجهتها القارية. وقالت مثلاً إنها أبرمت في العام 2012 صفقات بقيمة 3.83 مليارات دولار مع دول آسيا والمحيط الهادي، وصفقات بقيمة 1.73 مليار دولار مع دول اوروبية، وصفقات بـ1.1 مليار دولار مع الولايات المتحدة وكندا، أما دول اميركا اللاتينية وافريقيا فوقعت معها على صفقات بقيمة 604 ملايين دولارات و107 ملايين دولارات على التوالي، و لم تشر البتة الى اسماء الدول المشاركة في تلك الصفقات.
وأوضح تحقيق «هآرتس» أن إسرائيل، ووفق وثائق الأمم المتحدة، صدّرت إلى تشيلي في العام 2012 صواريخ مضادة للدبابات، وإلى المكسيك بنادق ومسدسات، وإلى هولندا ورومانيا بنادق. وأضاف شابير، الذي يتابع في «معهد دراسات الأمن القومي» تسلح مختلف الجيوش، أن إسرائيل صدرت إلى إثيوبيا وكازاخستان وأذربيجان أنواعا مختلفة من الطائرات من دون طيار.
وشرحت «هآرتس» أن إسرائيل في الفترة بين العامين 1992 و2009 كانت تقدم وبشكل طوعي إلى الأمم المتحدة تقارير عن بيع السلاح. وفي هذه التقارير أوضحت أنها باعت لأوغندا وبوتسوانا وتشاد ورواندا وتسوتو والكاميرون في أفريقيا وكولومبيا والبرتغال وسلوفاكيا ورومانيا والهند والمكسيك وتركيا والبرازيل وإيطاليا وفييتنام.
ومن المهم معرفة أنه وفق معطيات قسم الرقابة على تصدير الأسلحة هناك حوالي تسعة آلاف طلب تصدير سنوياً تتم الموافقة على حوالي ثمانية آلاف منها. ولكن وزارة الدفاع الإسرائيلية تتلقى كل عام من الشركات ذات الطبيعة الأمنية ما بين 25 ألفا إلى 30 ألف طلب تسويق بضائع. وقد أعطيت في النصف الأول من العام 2013 مثلاً 12.116 رخصة تسويق، و3.970 رخصة تصدير لشركات حكومية وخاصة.

حلمي موسى- السفير

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=3337