تحقيقات وتقارير

ريف دمشق.. والطريق الى الوطن


الاعلام تايم_فاطمة فاضل

من المعضمية الى برزة والقابون ويلدا وبيت سحم وببيلا وغيرها الكثير من المناطق في ريف دمشق، تخلّى مئات المسلحين عن "ثورتهم "،  ورفعوا العلم الوطني السوري على المباني الحكومية كسابق عهدها، مؤمنين بأن الحرية "الحقيقية" هي أن تعيش على أرض وطنك بسلام دون قتل وتدمير.
فتلك البلدات ورغم صغرها إلّا انها كانت حاضنة خصبة للمسلحين، لكن بعد الانجاز العظيم والملموس للجيش العربي السوري على الأرض، اقتنع "الثوار المزعومون" بأن الجيش العربي السوري لا يقهر، و أن من غرر بهم سيتخلى عنهم يوماً ما، فحملوا سلاحهم هذه المرة دون الضغط على الزناد، بل لمؤزارة  الجيش السوري في عملياتهم ضد "الإرهاب الحقيقي".

هنا كانت الدولة السورية متيقظة لكل محاولة للإصلاح والمصالحة، فبعد رغبة الكثيرين بالعودة الى حضن الوطن أقيمت وزارة الدولة لشؤون المصالحة عام 2012 وعيّن الدكتور علي حيدر وزيراً لها،  هادفةً إلى إعادة الثقة بين الدولة والمواطن والارتقاء بأطياف المجتمع السوري وتقريب وجهات النظر لترسيخ مبدأ المواطنة والتشاركية، وأنشئت اللجان الفرعية للمصالحة في مختلف المدن و البلدات لتكون كوسيط بين المسلحين و الدولة السورية لإعادتهم الى حياتهم الطبيعية.
فكانت مدينة "التل" السباقة لإجراء المصالحات وإن اختلفت التقديرات على عدد المغرر بهم إلّا أن القائمين على المصالحة قدّروها بـ3000 شخص والتزم 400 منهم مع الجيش السوري يقاتلون الى جانبه، كما عادت نحو 500 عائلة الى منازلهم بحي القدم جنوبي العاصمة منذ بداية العام 2016 وحتى اللحظة، إضافة لإحصائيات بمدن عديدة.
ورغم أن مشروع المصالحة قوبل بالرفض من قبل بلدات عديدة بغرض فرض شروط مستحيلة على الدولة السورية، إلّا أن قسماً كبيراً منهم عدل عن رأيه طالبين من الدولة أن تسوي لهم أمورهم، مؤكدين بأنها "فرصة ذهبية" لن تتكرر مرتين لاستعادة حياتهم الطبيعية.
وفي سياق المصالحات التي تجري لحقن الكثير من الدماء في سورية وتحديداً بريف دمشق تنشط لجان المصالحات الوطنية لتأخذ دور فاعل و بنّاء وتحقيق المهمة المرجوة منها على أكمل وجه و الاسهام بملفات الحوار الوطني فنجحت في جوانب معينة وفشلت بجوانب أخرى، ففي بلدات ببيلا و بيت سحم والسبينة والقابون ويلدا تعم أجواء إيجابية من التسويات و مشروع المصالحة أصبح رهن الإرادة الحقيقية والجادة لمن يريد، فيما أكد أهالي مدينة الزبداني استعداد المئات من أبنائهم من حملة السلاح الى تسليم أسلحتهم وتسوية أوضاعهم.

أما مدينة دوما فهي بصدد التحضير لإجراء مصالحات على نطاق واسع منها، وتعتبر هذه المدينة نقطة استراتيجية مهمة كونها تُتّخذ مقراً لنقل الأرهابيين بالاتجاهين الجنوبي و الشمالي مع مواد الدعم اللوجستي والأسلحة، فإذا عادت الى حضن الدولة فيكون الجيش السوري بذلك قد حقق هدفاً صعباً على الإرهابيين و داعميهم، وستساهم وزارة المصالحة بشكل كبير في تحقيق هذا النصر بعد انعقاد مؤتمرها الأول للجان المصالحة المحلية بدمشق وريفها، لدعم أهمية تسريع وتيرة عملية التسويات واغتنام فرصة وقف الأعمال القتالية وتكثيف الجهود لتحقيق النصر.
في الحقيقة أن المسلحين ادركواً أن داعميهم تخلوا عنهم أو سيتخلون عنه بأقرب فرصة، ولم يعد لديهم إلّا حل وحيد هو مؤتمر دمشق لإنجاز حل سياسي داخلي سوري يجمع عليه معظم السوريين، فهم أدركوا أن عليهم  العودة الى حياتهم السابقة لينعموا بالحرية الحقيقية بين أبناء وطنهم.
ورغم أن مؤتمر جنيف ساعد في توسيع رقعة المصالحات وخاصة في فترة وقف الأعمال القتالية والهدنة الحالية التي تصب جميعها في مصلحة التسويات المحلية وكل من يريد تسوية أوضاعه، يرى متابعون ومحللون أنه يجب عدم التعويل كثيراً على جنيف فالحل يجب أن يكون سورياً دون املاءات وتدخلات خارجية ومن خلال المصالحات الوطنية، فليس من أحد أقدر منّا على حماية وطننا وإعادة السلام والأمن الى ربوعه.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=33177