تحقيقات وتقارير

تخفيض القوات الروسية في سورية.. خروج بحجم الدخول


الاعلام تايم - لبانة علي

 

خلافاً لما استثمرته وسائل إعلام معادية، وما حللته أقلام المحللين، حول قرار روسيا بسحب جزء من قواتها من سورية ، أتت التصريحات السورية الروسية لتدحض تلك الادعاءات والتحليلات ، فالقرار جاء بتنسيق عالٍ وتفاهم بين الطرفين مثلما حصل قرار دخول القوات الروسية للمشاركة في الحرب على الارهاب في سورية، بطلب من حكومة دمشق.

 

ولعل السبب الأبرز والرابط المباشر للقرار هو ما يجري في "جنيف" الآن ،  فانطلاق المفاوضات  شكّل صدمة حقيقية للاعبين الدوليين والإقليميين، وأعاد تصويب البوصلة نحو الحلّ السياسي.


صحيفة السفير في أحد مقالاتها نقلت عن مسؤول سوري قوله، "إن القرار الروسي بالانسحاب العسكري جاء بتنسيق كامل مع دمشق، وأنه يصب في صالح تعزيز دور الدولة السورية في المرحلة المقبلة، ويساعد في إقناع المعارضة وداعميها بقبول حل سياسي يتفق مع مفهوم الدولة والسيادة والتخلي عن أوراق الإرهاب والدعم الخارجي وغيرها، ويعيد للسوريين حرية اختيار مستقبلهم والتخفيف من مغالاة المطالب".


القرار المفاجئ للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تزامن مع انطلاق مفاوضات جنيف 3 ورفض الديبلوماسي الروسي القراءات الغربية، شكل ردوداً عند الغرب ليست دقيقة، فكلّ جهة تريد استغلال الموضوع لفرض وجهة نظرها، لكن الدوافع الروسية واضحة وجلية، فمن المعلوم أنّه تمّ تنفيذ المهمّة الروسية عسكرياً وسياسياً الى حدّ كبير، فالخطة الروسية قوية وذكيّة، وهي تنطلق من موقع قوّة وثقة بقدرات روسيا وبقدرات الجيش العربي السوري.


وفي لقاء صحفي للمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان، أكدت "أن الخطوة الروسية لم تكن مفاجئة أو مقلقة بالنسبة للحكومة السورية فقد تمت بالتشاور مع الحكومة ومع المعنيين في الميدان وجرت دراسة هذا الأمر بدراية"، كما أوضحت شعبان "أن سورية صاحبة قرار مستقل ولم يتمكن أحد أبداً من الضغط عليها أو ارغامها على فعل ما لا تريده" وروسيا بلد حليف وصديق يتحدث معنا باحترام وتشاور والعلاقة السورية الروسية تقوم بشكل دائم على التشاور والتنسيق ومن ثم يتم اتخاذ القرار.


الأهداف والمصلحة والمبادئ واحدة بين الحكومتين السورية والروسية، كما أن رؤيتهما للإقليم والعالم واحدة لافتة إلى أن الإعلام المضلل ذهب للتحدث عن خلافات بدلاً من التركيز على الإنجاز الذي تحقق بمحاربة الارهاب واتفاق وقف الاعمال القتالية والتحرك باتجاه الحل السياسي.


ما جرى في  وسائل الإعلام الخليجية هو الترويج حول حدوث صفقة روسية أميركية ستنتهي بتقسيم سورية على أساس طائفي وعرقي، رغم أن الوقائع على الأرض لا تتسق مع ذلك السيناريو ، ولا مع قدرات الجيش العربي السوري  الذي يشكل القوة العسكرية البرية الأهم في الحرب التي تخوضها روسيا اليوم على الإرهاب وهي الحرب التي ستحدد نتائجها إلى حد كبير مكانة روسيا في توازنات العالم الجديدة، حيث يجري حسم نتائج المعركة على الأرض أولاً، وهذا ما أكده التصريح الأخير لوزيرة الدفاع الايطالية "روبرتا بينوتي"، والتي أقرت خلال مقابلة مع قناة رأي الثانية الإيطالية بأن "الجيش العربي السوري يقاتل الإرهاب نيابة عن العالم أجمع بحربه ضد التنظيمات الارهابية المسلحة في سورية وذلك على الرغم من محاولة التعتيم على تلك الحقيقة في الأوساط الغربية".


روسيا ومن خلال استراتيجية ذكية أرادت وضع الجميع أمام مسؤولياتهم في الذهاب الى حل سلمي يأخذ بعين الاعتبار مصلحة الشعب السوري دون السماح للجهات الاقليمية المعروفة باستغلال هذا الشعب على خلفية خبيثة، وما الإعلان الروسي عن سحب القوات من سورية سوى رسالة قوية مفادها جئنا لدعم الشرعية السورية ولا ننوي البقاء للأبد، في حين تقول الحقائق على أرض المعركة أن التغير لصالح الجيش العربي السوري وحلفائه في ميزان القوى العسكرية صار ثابتاً وإلى غير رجعة، وأن هزيمة الإرهاب أضحت مسألة وقت لا أكثر، وأن الدعم الروسي بما فيه الجوي متوافر عند الضرورة، وذلك بفضل بقاء قاعدة حميميم الجوية الروسية وبقاء صواريخ الإس- 400 الدفاعية لحمايتها.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=32929