أحوال البلد

الموازنة العامة 2014 .. تفعيل الحركة الاقتصادية وزيادة قدرة الدولة على التدخل


تبنت الحكومة في مشروع قانون الموازنة العامة للدولة لعام 2014 الذي أحاله رئيس الجمهورية في الرابع والعشرين من الشهر الماضي تشرين الأول إلى مجلس الشعب أبعاد ثلاثة، يتعلق الأول بتفعيل الحركة الاقتصادية والاجتماعية وإعطاء الأولوية للقطاع الإنتاجي الزراعي والصناعي، ويتعلق الثاني بزيادة قدرة الدولة على التدخل في السوق، ويقوم البعد الثالث على تعزيز مفهوم التشاركية وإعادة الاندماج الاقتصادي والاجتماعي في العملية التنموية والإنتاجية وإعادة الإعمار.

وتتمثل  فإن الأهداف والأولويات تتمثل بتحسين المستوى المعيشي وزيادة القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال تخفيض تكاليف الإنتاج والأسعار النهائية، وتوفير السلع في الأسواق، وتطوير الإنتاج المحلي بطريقة مرنة من حيث القطاع والنشاط والتوزع الجغرافي، وزيادة معدلات التشغيل وإعادة الاندماج في النسيج الاجتماعي، وزيادة المكون المحلي في السلة الاستهلاكية وتخفيف أعباء الاستيراد وتعزيز الطلب على الليرة، وخلق قنوات إنتاجية جديدة تسهم في رفد الخزينة بالقطع الأجنبي.

وقدّرت اعتمادات مشروع موازنة 2014 بـ1390 مليار ليرة، مقابل 1383 ملياراً في موازنة 2013، أي بنسبة زيادة مقدارها 0.5%، وقدرت اعتمادات العمليات الجارية في مشروع الموازنة بمبلغ 1010 مليارات مقابل 1108 مليارات بموازنة العام الحالي، أي بانخفاض مقداره 98 ملياراً ونسبته 8.8%.

ويعود سبب هذا الانخفاض إلى عدم إدراج كامل النفقات المقدرة للدعم الاجتماعي في موازنة 2014 والمتعلقة فقط بدعم المشتقات النفطية ودعم الطاقة الكهربائية، والمقدرة بنحو 400 مليار ليرة، حيث ظهرت هذه الخسائر في الموازنات التقديرية لهذه الجهات، وإن عدم إدراج مبالغ الدعم هذه في الموازنة لا يعني تخلي الدولة عن برنامجها في دعم المشتقات النفطية والطاقة الكهربائية، وإنما لم يتم إدراجها لعدم وجود إيرادات نفطية حقيقية لدى "الشركة السورية للنفط" تغطي مبالغ الدعم، وذلك نتيجة توقف نشاط الشركات والمؤسسات النفطية بشكل شبه كامل في ظل التخريب الذي طال هذه الشركات وتوقف تصدير النفط نتيجة العقوبات المفروضة، وبالتالي فإن إدراج هذه المبالغ في مشروع الموازنة يعني زيادة عجزها.

وبلغت اعتمادات كافة الوزارات والجهات التابعة لها من الإنفاق الجاري، التي تم رصدها في مشروع موازنة 2014 مبلغ 412216 مليون ليرة، كما تم خفض الاعتمادات المخصصة لمساهمة الدولة في تثبيت الأسعار "الدعم الاجتماعي" من 512 ملياراً في موازنة 2013 إلى 200 مليار في موازنة 2014، أي بانخفاض مقداره 312 ملياراً، ويعود سبب هذا الانخفاض إلى عدم إدراج كامل الاعتمادات المقدرة للدعم الاجتماعي في مشروع موازنة 2014 والمتعلقة فقط بدعم المشتقات النفطية ودعم الطاقة الكهربائية، والمقدرة بنحو 400 مليار ليرة، أي أن كامل نفقات الدعم الاجتماعي المقدرة في مشروع موازنة 2014 تقدر بـ615 ملياراً، أي أعلى من مثيلاتها بموازنة 2013 بـ103 مليارات، وتشمل هذه النفقات 40 ملياراً مخصصة لدعم المشتقات النفطية و360 ملياراً لدعم الطاقة الكهربائية و170 ملياراً لدعم الدقيق التمويني والسكر والرز، و15 ملياراً لصندوق المعونة الاجتماعية و10 مليارات لصندوق دعم الإنتاج الزراعي، و20 ملياراً لعجز "المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان والمؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الحبوب".

وبحسب بيان الحكومة قدرت الاعتمادات المخصصة للرواتب والأجور والتعويضات بمبلغ 310 مليارات، أي بزيادة مقدارها 73.73 ملياراً ونسبتها 31.2% مقارنة مع موازنة 2013.

وبين مشروع القانون أن الاعتمادات المخصصة للنفقات الإدارية بموازنة 2014 قدرت بمبلغ 76.54 ملياراً، بزيادة مقدارها 19.88 ملياراً ونسبتها 35.1% مقارنة مع مثيلتها بموازنة 2013، وتتركز معظم هذه الزيادة في الاعتمادات المخصصة لبنود الأدوية والمستلزمات الطبية والمخبرية والأدوية السرطانية والمستلزمات التعليمية والأعمال الامتحانية وغيرها، مع بيان أن هذه الزيادة ليست كمية وإنما ناجمة عن ارتفاع الأسعار، وقد وضعت في أضيق الحدود لضمان حسن سير العمل في الجهات العامة بهدف ترشيد الإنفاق العام.

أما اعتمادات النفقات التحويلية فقدرت في مشروع موازنة 2014 بمبلغ 68.23 ملياراً بزيادة مقدارها 22.79 ملياراً، ونسبتها 50.2% مقارنة مع مثيلتها في موازنة 2013، وقد تركزت معظم هذه الزيادة على زيادة العجوزات المقدرة والفعلية للمؤسسات العامة ولتغطية عجوزات مؤسسات مياه الشرب والصرف الصحي، وشركات النقل وإعانة "المؤسسة العامة للطباعة والمؤسسة العامة للسينما".

وقدرت الاعتمادات المخصصة للديون والالتزامات الواجبة الأداء بموازنة 2014 بمبلغ 88.96 مليار ليرة، بزيادة مقدارها 16.87 ملياراً ونسبتها 23.4% مقارنة مع موازنة 2013، وتعود هذه الزيادة بمعظمها لتسديد الأقساط المترتبة نتيجة تسوية المدفوعات مع روسيا، وما تم رصده لتشغيل ذوي الشهداء والبالغ 4.5 مليارات ليرة لنحو 25 ألف فرصة عمل سيصار إلى إضافته للجهات العامة عند البدء بالتعيين العام القادم، إضافة إلى أنه من خلال تقديرات بيانات الوزارات والإدارات والمؤسسات والوحدات الإدارية المحلية للشواغر والملاكات المتوافرة لديها، وكذلك التعيينات بدل المتسربين نتيجة الظروف الراهنة، فإن مشروع موازنة 2014 سيحقق 49412 فرصة عمل في القطاع الإداري، و28336 فرصة عمل في القطاع الاقتصادي من خلال موازنته التقديرية، ليصبح عدد فرص العمل الجديدة المقدرة بمشروع الموازنة 102748.

أما الاعتمادات المخصصة للعمليات الاستثمارية، فقدرت بمبلغ 380 مليار ليرة مقابل 275 ملياراً بموازنة 2013، أي بزيادة مقدارها 105 مليارات ونسبتها 38.2%، وبلغت نسبة الاعتمادات المرصدة لقطاع الكهرباء إلى إجمالي الاعتمادات الاستثمارية المرصدة في مشروع موازنة 2014 "13.24%"، كما بلغت نسبة اعتمادات قطاع الإدارة المحلية والبيئة 7.68%، ونسبة اعتمادات قطاع الموارد المائية 6.14%، وخصص مبلغ 147.74 مليار ليرة كاعتمادات احتياطية للمشاريع الاستثمارية، يضاف للجهات العامة خلال العام في حال عدم كفاية الاعتمادات المرصدة لها وارتفاع نسب التنفيذ لديها.

وخصص مبلغ 50 مليار ليرة للإعمار وإعادة التأهيل للمنشآت العامة، والتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمنشآت الخاصة نتيجة للأوضاع الراهنة، كأولوية أساسية من أولويات الحكومة في إعادة المهجرين إلى بيوتهم وتأمين السكن لهم، وتوضع هذه المبالغ تحت تصرف اللجنة المشكلة لهذا الغرض برئاسة نائب رئيس "مجلس الوزراء" لشؤون الخدمات وزير الإدارة المحلية، كما بلغت اعتمادات المجالس المحلية ومجالس المحافظات 146.54 مليار ليرة.

وقدر إجمالي الإيرادات العامة بما فيها القروض والموارد الخارجية البالغة 17.48 مليار ليرة في مشروع موازنة 2014 بـ883.38 مليار ليرة، بزيادة مقدارها 245.21 ملياراً، مقارنة مع موازنة 2013، ونسبة زيادة مقدارها 38.4%، فارتفعت الإيرادات الجارية من الضرائب والرسوم وبدل الخدمات وغيرها من 189 ملياراً بموازنة 2013 إلى 318 ملياراً بموازنة 2014، بزيادة مقدارها 129.19 ملياراً ونسبتها 68.4%، مع تدني الإيرادات المقدرة من الضرائب والرسوم في مشروع موازنة 2014 بنسبة 29% بسبب انخفاض النشاط الاقتصادي وضعف التحصيل الضريبي نتيجة للظروف الراهنة.

وارتفعت الإيرادات الاستثمارية "فائض السيولة وفائض الموازنة" من 342.45 ملياراً إلى 431.5 بزيادة مقدارها 89.05 ونسبتها 26%، كما قدر حق الدولة من حقول النفط والثروات المعدنية في الموازنة بـ67.13 ملياراً، بزيادة مقدارها 13.54 ملياراً ونسبتها 25.3%، حيث تم اعتماد تقديرات الإيرادات النفطية انطلاقاً من اعتماد سعر برميل النفط في مشروع الموازنة بواقع 80 دولاراً، للنفط الخفيف و64 دولاراً للنفط الثقيل، مع الإشارة إلى أن أي تغير في هذه الأسعار المعتمدة سينعكس على إيرادات مشروع موازنة 2014، وبالتالي على العجز المقدر في الموازنة.

وعزا بيان الحكومة الزيادة في إجمالي الإيرادات الجارية المقدرة في مشروع موازنة 2014 بالمقارنة مع موازنة 2013، بنسبة زيادة مقدارها68.4% إلى الزيادة في فروقات الأسعار المقدرة من 9.5 مليارات ليرة في موازنة 2013 إلى 185.5 مليارا في موازنة 2014، ويعود ذلك إلى زيادة أسعار المشتقات النفطية "البنزين والمازوت" خلال عام 2013 للحد من الهدر في هذه الموارد، واعتبارها إيراداً للخزينة.

وبلغ العجز المقدر في مشروع موازنة 2014 "506.63" مليارات ليرة، بانخفاض مقداره 238.2 مليار ليرة مقارنة مع العجز في موازنة 2013 والمقدر بـ744.83 مليار ليرة، ويرجع هذا الانخفاض بالعجز لسببين الأول، هو النقص في الاعتمادات المقدرة للعمليات الجارية في مشروع الموازنة بمقدار 98 ملياراً مقارنة مع موازنة 2013، على الرغم من الزيادة في هذه الاعتمادات في كل أبواب العمليات الجارية، حيث تقدر الزيادة في اعتمادات العمليات الجارية بمبلغ 214 ملياراً، في حين يعود سبب الانخفاض في إجمالي اعتمادات العمليات الجارية إلى نقص الاعتمادات المخصصة للدعم الاجتماعي، من مبلغ 512 ملياراً 2013 إلى 200 مليار بموازنة 2014، أي بنقص مقداره 312 ملياراً وبنسبة نقص 60.9%، أما السبب الثاني فهو الزيادة المتوقعة في إجمالي الإيرادات العامة "الجارية والاستثمارية" من مبلغ 638.17 مليار ليرة بموازنة 2013 إلى 883.37 ملياراً بموازنة 2014، أي بزيادة مقدارها 245.2 ملياراً وبنسبة زيادة تبلغ 38.4%، وهذا يعود إلى الزيادة المتوقعة في كل من الإيرادات الجارية، نتيجة الزيادة في فروقات أسعار المشتقات النفطية وكذلك الزيادة في الإيرادات الاستثمارية.

وأشار بيان الحكومة إلى أن مناقشة الخطط الاستثمارية للجهات العامة لعام 2014، انطلقت من اعتبارات عديدة أهمها الظروف والأوضاع الحالية التي تمر بها البلاد، والأهداف المحددة التي يمكن تحقيقها في ظل هذه الظروف، وعدم إدراج أي مشروع جديد ورصد اعتماد له ما لم يكن موافق عليه من رئاسة "مجلس الوزراء" وعلى برنامجه الوظيفي من اللجنة المختصة، وبحسب أهمية المشروع وإستراتيجيته في ظل الظروف السائدة، وعدم إدراج وسائط نقل جديدة ضمن المشاريع الاستثمارية إلا في حال الضرورة الملحة، وكذلك الآلات والمعدات الإنتاجية، وعدم إدراج أي مشاريع جديدة تتعلق بتنفيذ مبان حكومية إدارية في عام 2014 بما فيها الدراسة أو حتى البرنامج الوظيفي أو شراء أرض، واستكمال المشاريع الهامة التي تبلغ نسبة التنفيذ فيها أكثر من 60% والتي يمكن تشغيلها أو استثمارها عام 2014، وإعطاء الأولوية لمشاريع الاستبدال والتجديد التي تؤدي إلى تحسين نوعية المنتجات، وتخفيض تكاليفها وإزالة الاختناق في خطوط الإنتاج وفق أهميتها وأولويتها، ورصد الاعتمادات اللازمة لإعادة الإعمار بهدف عودة المهجرين إلى بيوتهم وتأمين الخدمات العامة لهم.

وتضمن بيان الحكومة المالي حول مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2014 العديد من المشاريع الاستثمارية، في المجالات والقطاعات المختلفة، منها قطاع الطاقة، ففي مجال النفط والثروة المعدنية، يتضمن مشروع قانون الموازنة إنتاج 59.749 مليون برميل من النفط الثقيل والخفيف والمكثفات، منه 40 مليون برميل إنتاج "الشركة السورية للنفط"، لتلبية حاجة سورية لتنفيذ خطتي التكرير والتصدير، وكذلك إنتاج 7.6 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي و162425 طن من الغاز المنزلي، و6659 مليون متر مكعب غاز نظيف و12501 طن كبريت و2200 ألف طناً فوسفات، مع الاستمرار في تحسين تجهيزات نقل وضخ النفط الخام ومشتقاته، واستكمال مشاريع استثمار الثروة الغازية وخط الغاز العربي واستثمار حقول شمال وجنوب المنطقة الوسطى، والعمل على إنشاء مصاف جديدة وفق خطط الدولة، ومتابعة مشاريع الاستبدال والتجديد للمحافظة على العملية الإنتاجية وتطوير وتحسين آلية العمل.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=10&id=321