تحقيقات وتقارير

"البالة" ... ملاذ الفقراء والباحثين عن الجودة


لبانة علي _الإعلام تايم 

سوق "البالة" أو الملابس المستعملة.. تزايد الإقبال عليه مؤخراً، وذلك بسبب غلاء الألبسة الجديدة محليّة الصنع، وانخفاض القوة الشرائية لليرة السوريّة ، هذا السوق ومنذ زمنٍ بعيد لم يكن ملاذ الفقراء فحسب، وإنمّا للباحثين عن معاييرالجودة في الصنع، كما لجأ إليه في الفترة الأخيرة المهجرين الذين دفتعهم التنظيمات الإرهابية بترك منازلهم هاربين بالملابس التي تغطي أجسادهم فقط للتعويض عمّا تركوه وراءهم.

 

خلال جولة لموقع "الإعلام تايم" على بعض أسواق البالة في أحياء دمشق، لاحظنا انتشار بسطات الألبسة المعروضة، والصالات حيث كرّس بعض التجار بيوتاً شاميّة واسعة لعرض بضائعهم والتي لا تقتصر على الألبسة المستعملة بأنواعها فقط وإنما الأحذية، الأغطية، الحقائب.... ويمضي الزبائن في هذا السوق وقتاً طويلاً للشراء، يبدأ باختيار ما يلبي احتياجاتهم، وصولاً إلى "البازار"، أو المفاصلة على السعر، وهو فن يجيده الدمشقيون تجاراً، ومشترين.

 

للمواطن رأي في أسواق "البالة"

"للناس في ما تعشق مذاهب وكل واحد ينام على الجنب الذي يريحه"، هذا ما تبدأ به "أم يوسف" حديثها، مضيفة أنها بعيداً عن رخص ثمن ألبسة البالية، فإنها ترتاد البالة بحثاً عن الملابس المميزة، ذات الجودة العالية، فماركات البالة مشهورة، ومعروفة عالمياً، وتتفاخر بارتيادها.

 

بالمقابل فإن طبيعة عمل "أبو فهد" وهو ناطور في أحد الأبنية السكنية تفرض عليه المهنة استهلاك (غيارات) عدة شهرياً، لذا لا يعنيه إذا كانت ملابسه وطنية أم بالة، فالأهم برأيه أن تكون رخيصة الثمن، ومناسبة لوضعه المادي، وتكون "بتلقى دعك" حسب قوله، مضيفاً أنه أحياناً يتساوى سعر (بنطلون) البالة، بالوطني الجديد، خصوصاً على البسطات. "يعني البالة مو أرخص لك عمي ...."

 

ومن هنا يقول "ليث " أنا عسكري وراتبي لا يكفي لشراء جاكيت بالسوق المحلية، جبت جاكيت ماركة من البالة بسعر مقبول وبيكفيني سنتين لبس ..."

 

تتجنب بعض السيدات البوح عن مصدر ملابسها وسر الأناقة، دون أن تبوح حتى لأعز أصدقائها بارتيادها محلات البالة الفاخرة، فهو سر من أسرارها الكثيرة، التي تتكتم عليها لدواعي اجتماعية معينة، بالمقابل لا يرى الشباب خلافاً لمعظم السيدات أي حرج في ارتياد البالة علناً.

أصحاب محلات البسطات (البالة)عوناً ومساعدة

جميع بضائع البالة تغسل و تعقم قبل عرضها على المستهلك، هذا ما يؤكده " أحمد صاحب بسطة في الطلياني " مضيفاً أن البضائع الجيدة لا تحتاج الكثير من المعالجة والتعقيم، وبطبيعة الحال المستهلك غالباً يغسل القطعة قبل ارتدائها.

 

الانتشار الكبير للبسطات، سواء من الملابس المستعملة أم الجديدة، برزت المنافسة مع جميع محلات الألبسة، وعليه يؤكد صاحب محل "البتول" بمساكن برزة، أن البسطات تحاول كسب الزبائن من خلال تقديم أسعار رخيصة لبضائع رديئة، والمنافسة معها محدودة، في حين إن معظم محلات البالة تبيع بضائعها الكاسدة لأصحاب البسطات، في حين يرى أصحاب محلات البالة في البسطات عوناً ومساعدة، لمنع تراكم البضائع، وتصريف الكاسد منها.

 

مهما اختلفت الآراء وتعددت الأسباب، تبقى للبالة بصمتها على حياة المواطن السوري العادي، الذي يجد فيها أحياناً مرساة تنقذه من عواصف الأسعار، ورياح الغلاء، تلبيةً لإحدى متطلبات الحياة الأساسية على أمل أن تستطيع البضاعة الوطنية إغناءه عن بالة الأجانب سعراً وجودة، وحتى حينها ستبقى على غزلها البعيد.. القريب: "ألبس ولا تلبس .. اعترف وخبي .. لأنه .. تعى ولا تجي"!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://www.emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=31785