الاعلام تايم - الاخبار
تناولت صحيفة الاخبار اللبنانية قضية مطالبة هيئة التحقيق الخاصة للمصارف العاملة في لبنان تزويدها بكشوفات الحسابات المصرفية للائحة مؤلفة من 17 اسماً (أفراد وشركات وجمعيات)، حيث دعت الهيئة إلى «اتخاذ الحيطة والحذر حيال التعامل مع هذه الأسماء». الأسماء تعود إلى مصرفيين ورجال أعمال سعوديين بارزين وشركات مملوكة أو مدارة منهم. وفي التدقيق، يتبين أنها من بقايا اللائحة «الذهبية»، التي وضعتها الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة وضمت من تشتبه بضلوعهم في تمويل اعتداءات 11 أيلول عام 2001، علماً بأن بعض المدرجين على هذه اللائحة لم تجر إدانته قضائياً، وتمكن العديد منهم من إزالة اسمه عنها... من هم المدرجون على اللائحة؟ ولماذا عادت الولايات المتحدة الى تتبع حساباتهم بعد تسوية معظمهم أوضاعهم معها؟
«اللائحة الذهبية»، التي وضعتها الولايات المتحدة الأميركية بأسماء من تتهمهم (حينها) بتمويل اعتداءات 11 أيلول عام 2001، عادت الى الضوء في لبنان، على الرغم من مضي نحو عقد ونصف عقد من الزمن على إصدارها. تسمّي هذه اللائحة أفراداً، غالبيتهم من الجنسية السعودية، يملكون أو يديرون شركات مصرفية ومالية ومؤسسات تعليمية وثقافية وجمعيات خيرية... تزعم الإدارة الأميركية أن جميعها استخدمت في عمليات تمويل تنظيم «القاعدة» الإرهابي.
بعض هذه الأسماء ظهرت مجدداً في مذكرة «استعلام عن حسابات» وزّعتها هيئة التحقيق الخاصة (مكافحة تبييض الأموال) على المصارف العاملة في لبنان في 5 كانون الثاني 2016، بناءً على قرار صدر عنها في 24 كانون الأول 2015. دعت الهيئة بموجب هذه المذكرة الى إفادتها، في مهلة أسبوع، «عمّا إذا كان يوجد أو لا يوجد حسابات عائدة بصورة مباشرة أو غير مباشرة لـ17 اسماً، بما فيها الحسابات المقفلة وغير المتحركة والصناديق الحديدية. وطلبت الهيئة من المصارف تزويدها بالمستندات العائدة لهذه الحسابات، ولا سيما كشوفات الحسابات في حال وجودها. وطلبت أيضاً «اتخاذ جانب الحيطة والحذر حيال التعامل مع هذه الأسماء». أسماء بارزة الأسماء الـ17 الواردة في لائحة هيئة التحقيق الخاصة تشمل 6 أفراد و11 شركة وجمعية. الأفراد هم: شريف صدقي، سليمان عبد العزيز الراجحي، ياسين القاضي، عبد الرحمن خالد سليم بن محفوظ، سالم أحمد بن محفوظ وسلطان إيمان بن محفوظ.
طلبت الهيئة من المصارف «اتخاذ أما الشركات فهي: «المرجان كوربوريشن»، «أراضي إنك»، «كورتلاند فارم كونسرفانسي»، «غرنفل ليمتد»، «ياسمين مانجمنت سيرفيسز ليمتد»، «مايفلاور انفستينغ كورب»، «موفّق فاونديشن»، «نيمير بتروليوم»، «رودودندرون ليمتد»، «SAAR foundation» و«صدقي أند كو». ويتفرّع من هذه الشركات مجموعة شركات ثانية مملوكة منها، أو تابعة لها أو هي عبارة عن أسماء مستعارة للشركة الأصلية؛ «موفّق فاونديشن»، يتفرّع منها مؤسستان: «موفّق فاونديشن لبلسمة الجراح»، «منظمة الموفق الإنسانية». ويتفرّع من «نيمير بتروليوم» 11 شركة هي: «نيمير بتروليوم بتروكاش ليمتد»، «نيمير بتروليوم كومباني»، «نيمير بتروليوم كومباني ريسورسز ليمتد»، «نيمير بتروليوم كو قمر غلف ليمتد»، «نيمير بتروليوم بوزاتشي»، «نيمير بتروليوم شمال أفريقيا»، «نيمير بتروليوم فنزويلا»، «نيمير بتروليوم كومباني شمال أفريقيا»، «نيمير بتروليوم عُمَان»، «نيمير بتروليوم بارس» و«نيمير بتروليوم كولومبيا».
مصدر الطلب
توضح مصادر محلية مطّلعة أن مصدر اللائحة هو الإدارة الأميركية. وتفيد بأن هناك لوائح كثيرة ترد الى الجهات المعنية في لبنان من جهات خارجية للاستعلام عن حسابات ونشاطات بعض الأشخاص والشركات، ولكن ما يميّز اللائحة الحالية أنها تضم أشخاصاً ليسوا مغمورين، بل يمتلكون شبكة علاقات واسعة مع أشخاص ومؤسسات في الولايات المتحدة الأميركية نفسها.
المزاعم الأميركية بداية القصّة في عام 2001، اإ زعمت الوكالة المركزية للمخابرات الأميركية أنها أجرت تحقيقات شملت وثائق السكرتير الشخصي لأسامة بن لادن في نيروبي، وديع الحاج، وتوصلت إلى أن تمويل اعتداءات 11 أيلول جرى عن طريق مصرفيين سعوديين بارزين؛ بينهم صلاح الراجحي، المدير المساعد لشركة الراجحي الاستثمارية في ذلك الوقت. يأتي هذا التدقيق من قبل هيئة التحقيق الخاصة، في وقت سياسي وأمني دقيق. ووفق تقارير عديدة نشرت في تلك الفترة، جرى اتهام SAAR بأنها كانت تموّل القاعدة عن طريق شبكة عنكبوتية مؤلفة من مجموعة شركات وأفراد، وهي واحدة من المنظمات والشركات التي أنشأها المصرفي السعودي الشهير سليمان عبد العزيز الراجحي ضمن إمبراطورية كبيرة كانت تدير أكثر من 26 مليار دولار في مطلع الألفية الثانية. وتزعم هذه التقارير، أن سليمان الراجحي هو أحد أعضاء «اللائحة الذهبية»، جرى إدراج اسمه بعد مداهمة مكتب تابع لمؤسسة «بينيفولنس العالمية»، وهي مؤسسة خيرية جرى اتهامها أيضاً بأنها تموّل القاعدة في البوسنة. التحقيقات الأميركية قادت في اتجاه الربط بين عبد العزيز العمري، وهو أحد منفذي اعتداءات 11 أيلول، وبين بنك الراجحي حيث كانت له حسابات مالية، وأن صلاح الراجحي (شقيق سليمان الراجحي) كان مدرجاً على لائحة المعارف في هاتف وديع الحاج.
بعض المؤسسات المطلوب الاستعلام عن حساباتها جرت تصفيتها بالاستناد الى المزاعم الأميركية نفسها، تم اتهام شريف صدقي، كونه كان يشغل منصب الأمين العام لمنظمة SAAR، التي كانت تتعاطى مع منظمات مشتبه بكونها واجهات تمويلية «للقاعدة»؛ منها «التقوى». صدقي هو محام يحمل الجنسية الأميركية ويعيش في جدّة، وهو يمثّل خالد بن محفوظ الذي كان بمثابة «المصرفي الخاص» للعائلة المالكة في السعودية، ويُتهم بأنه المموّل الأساسي لمؤسسة «موفق»، التي وصفت على أنها واجهة «للقاعدة»، واسمه ورد في العديد من الشركات التي كان يساهم فيها أو يملكها سليمان الراجحي.
شركات لم تعد موجودة
اللافت في هذا الأمر، أن المؤسسات التي يملكها هؤلاء والتي يشتبه في أنها كانت تمثّل الواجهة الأساسية لتمويل القاعدة والعمليات الإرهابية، قد جرت تصفيتها، أو انتقلت ملكيتها الى أطراف أخرى. وهذا الأمر يثير تساؤلاً عن سبب إعادة التدقيق في هذه المؤسسات والشركات، علماً بأن لائحة هيئة التحقيق الخاصة في لبنان ذكرت أسماء شركات جديدة تعود إلى الأفراد المشتبه فيهم أو الذين يجري التحقيق بشأنهم. |
||||||||
|